قد يواجه القيمون على معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي تبدأ دورته الثامنة والثلاثون اليوم مشكلة كبيرة، تتمثل في منافسة متوقعة مع مباريات كأس الأمم الافريقية لكرة القدم التي تنطلق عشية فتح المعرض أمام الجمهور.
ورغم أن إدارة المعرض حسب صحيفة الحياة، اتفقت مع اللجنة المنظمة للبطولة على وقف فعالياته ثلاثة أيام يلعب خلالها المنتخب المصري مبارياته في الدور الأول، فإن الجمهور الرئيسي للمعرض سيكون منشغلاً بمتابعة مباريات الفرق الأخرى، لا سيما أن الحدث الكروي الذي تستضيفه القاهرة غاب عنها عشرين عاماً، منذ نظمت البطولة وفازت بها العام 1986.
وبعيدا من التنافس المتوقع على استقطاب الجمهور، تبدو النسخة الثامنة والثلاثون من معرض القاهرة الدولي للكتاب مختلفة عن سابقاتها لناحية الاستعدادات، وإن كان ذلك شكلياً حتى الآن. فالثقافة الألمانية ستدشن تقليدا جديدا، بحلولها «ضيفة شرف» على فعاليات المعرض للمرة الأولى في تاريخه.
وكست «ضيفة الشرف» شوارع القاهرة الرئيسية بلافتات تحمل مقتطفات من أعمال رواد ثقافتها من أمثال هينريش بول وتوماس مان وغونتر غراس وغيرهم. وهي ترى في مشاركتها «فرصة هائلة كي نتعلم من بعضنا البعض أن الاختلاف من الممكن أن يكون جميلاً أيضاً»، بحسب الموقع الرسمي للمشاركة الألمانية الذي أطلقه معهد «غوته».
ولعل هذا ما يبرر سعي المشاركة الألمانية إلى «توضيح التطور الإيجابي الملموس الذي شهدته العلوم الإسلامية في ألمانيا منذ إدوارد سعيد» و «التصدي للأحكام المسبقة عن أن مفهوم الاستشراق، كما ورد لدى إدوارد سعيد قد حرر علاقة الغرب بالعالم الإسلامي».
وهي خصصت لهذا الغرض حلقة نقاش عنوانها: «ماذا بعد دراسات إدوارد سعيد الاستشراقية؟»، دعت إليها أستاذة العلوم الإسلامية في جامعة برلين الحرة الدكتورة غودرون كريمر والكاتب الألماني زافير زينوتشاك والمفكر الإسلامي الدكتور عبدالوهاب المسيري، فيما يدير الحوار الاختصاصي في العلوم الإسلامية رئيس تحرير مجلة «فكر وفن» شتيفان فايدنر. وسيتحدث الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس عن «الدين في الحياة العامة» و «مستقبل حقوق الشعوب».
ولن تقتصر المشاركة الألمانية على قاعات معرض الكتاب فحسب، بل ستكون ضيفة على مؤسسات أخرى مثل «مركز الإبداع الفني» في دار أوبرا القاهرة ومعهد «غوته» و»ساقية عبدالمنعم الصاوي الثقافية»... وحتى غاليري مترو أنفاق القاهرة.
وتأتي هذه المشاركة بالتوازي مع الموضوع الذي اختارته إدارة معرض القاهرة محوراً رئيسياً لأعماله: «التنوع الثقافي في ظل العولمة». وتناقش عشر حلقات بحثية قضايا مثل «آثار العولمة على التعدد الثقافي» و «هويات الشعوب في عالم القطب الواحد» و «دور الحوار الثقافي في دعم التنوع» و «حق الاختلاف في الثقافات العالمية» و «النقد الثقافي والهيمنة».
وفي حين يتوقع أن يدور النقاش في غالبية جلسات المحور الرئيس حول القطبية الأميركية وتفرد الولايات المتحدة بمقدرات الشعوب، تقتصر المشاركة الأميركية على حفلات توقيع تنظمها «الجامعة الأميركية في القاهرة» للروائيين العرب الذين ترجمت أعمالهم إلى الإنكليزية.
وتحتفي الدورة الثامنة والثلاثون برواد شعراء العامية الراحلين مثل بيرم التونسي وفؤاد حداد وصلاح جاهين، كما خصصت قاعة لمناقشة 54 رواية مصرية صدرت العام الماضي. ويقدم مبدعون حصلوا على جوائز محلية وعالمية شهاداتهم في حلقة يومية خصصت لهذا الغرض.