مرض الحصبة من الأمراض التنفُّسية الفيروسيّة التي يُمكن أن تكون لها مضاعفات تُهدِّد الحياة وتُصيب الحصبة الأطفال في الغالب، حيث ينتقل الفيروس المُسبِّب للحصبة عن طريق رذاذ الأنف، أو الفم، أو الحلق للأشخاص المُصابين.
ما هي الحصبة وكيف تحمي أطفالك منها؟
وتبدأ الأعراض بالظهور من الوجه والعنق العلوي، وتنتشر تدريجيّاً نحو الأسفل، ولا يوجد علاج مُحدَّد لها، ويتعافى معظم المُصابين خلال مُدَّة 2-3 أسابيع، ومع ذلك قد تُؤدِّي الحصبة إلى الإصابة بالعديد من المضاعفات الخطيرة خاصَّة عند الأطفال المُصابين بسوء التغذية، والأشخاص الذين يُعانون من انخفاض المناعة،وتُعَدُّ الحصبة من الأمراض الخطرة والمميتة، وبالرغم من انخفاض مُعدَّلات الوفاة حول العالم بسبب تناول لقاحات ضِدَّ الحصبة، إلا أنَّه يتعرَّض سنويّاً ما يُقارب 100,000 شخص في العالم للوفاة بسبب الحصبة، ومعظمهم من الأطفال الأقلّ من 5 سنوات.
مراحل الإصابة بمرض الحصبة
تظهر الحصبة على مراحل متتالية خلال مُدَّة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وفيما يأتي ذكر المراحل:
1- مرحلة العدوى والحضانة: تستمرُّ مرحلة العدوى وحضانة فيروس الحصبة من 10-14 يوماً بعد التعرُّض للفيروس، وأثناء هذه المرحلة لن تظهر أعراض الإصابة بالحصبة.
2- مرحلة الأعراض غير المُحدَّدة: تبدأ ظهور أعراض الإصابة بالحصبة بارتفاع خفيف في درجة الحرارة، وقد يُصاحب الارتفاع في درجة الحرارة عدد من الأعراض الأخرى التي تستمرُّ إلى يومين أو ثلاثة، مثل؛ السُّعال بشكل مُستمرّ، والتهاب الحلق، وسيلان الأنف، والتهاب الملتحمة.
فيروس الحصبة: من أمراض الطفولة
3- مرحلة الإصابة بالمرض، والطفح الشديد: يتكوَّن الطفح من بقع حمراء صغيرة، وقد تُؤدِّي البقع والنتوءات الموجودة في مجموعات مُتراصَّة إلى ظهور الجلد بلون أحمر مبقّع، وينتشر الطفح الجلدي على الوجه، وخلف الأذنين، وعلى طول خطِّ الشعر خلال الأيّام الأولى، ثمّ ينتشر إلى الذراعين، والجذع، ثمّ إلى الفخذين، والمنطقة السفليّة من الساقين، والقدمين، وتبدأ درجة الحرارة بالارتفاع بشكل حادّ، حيث قد تصل في أغلب الأحيان إلى 40-41 درجة مئويّة، ويبدأ الطفح الجلدي الناتج عن الحصبة بالانحسار تدريجيّاً من الوجه أوَّلاً، ثمّ بعد ذلك من الفخذين، والقدمين.
4- الفترة المعدية: تبدأ فترة انتشار فيروس الحصبة خلال الأربعة أيّام التي تسبق ظهور الطفح الجلدي، وخلال الأربعة أيّام أثناء ظهور الطفح الجلدي.
أعراض الحصبة
الأعراض المصاحبة لمرض الحصبة تظهر بعد 10- 12 يومًا من التعرّض للفيروس.
وتشمل أعراض الحصبة:
- الحمّى (Fever)
- السعال الجاف (Dry cough)
- الزكام وإفرازات مخاطية غزيرة من الأنف
- التهاب الملتحمة (Conjunctivitis)
- أرجية (حساسية) زائدة للضوء
- ظهور نقاط صغيرة بيضاء اللون، ذات مركز أبيض / مُزرَقـّة تظهر، عادة، داخل الفم، في الجهة الداخلية من الخدّين، وتدعى بُقـَع كوبليك (Koplik's Spots)
- ظهور طفح في الجلد يتكوّن من بقع كبيرة حمراء اللون تتداخل أحيانا في بعضها البعض.
الأعراض الجانبية للتطعيم
- الغالبية الساحقة من الذين يحصلون على اللقاح ضد مرض الحصبة لا يواجهون أية أعراض جانبية.
- 10% من الذين يحصلون على اللقاح، عادة، يعانون من الحمّى لمدة تتراوح بين 5 أيام إلى 12 يوما بعد تلقي اللقاح
- يصاب 5% تقريبًا بطفح خفيف
- أقل من شخص واحد من بين مليون يمكن أن تظهر لديهم ردة فعل أرجية (Allergic reaction) للقاح.
- في الماضي، كان يعتقد بأن الأشخاص الذين يعانون من أرجية / حساسية (allergy) للبيض لا يمكنهم تلقي اللقاح الذي مصدره من جنين الدجاج، مثل التطعيم ضد الحصبة. ولكن ثبتت عدم صحة هذا الاعتقاد.
- فالأشخاص الذين لديهم أرجية للبيض يمكن أن يتلقوا اللقاح ضد الحصبة واللقاح الثلاثي MMR بأمان.
ما هي حقيقة فائدة اللقاحات للأطفال؟
طرق انتقال الحصبة
يعيش فيروس الحصبة في الأغشية المخاطيّة لأنف وحلق المصاب، ويمكن أن ينتقل خلال فترة العدوى من المصاب لأي فرد لم يتعرّض للإصابة بفيروس الحصبة من قبل، أو لم يحصل على المناعة ضدّه من مطعوم الحصبة، وفيما يلي طرق انتقال الحصبة:
1- الاتصال المباشر مع المصاب.
2- ملامسة الأسطح التي تحمل رذاذاً من الأغشية المخاطيّة للمصاب، ثم ملامسة العينين، أو الأنف، أو الفم؛ حيث يبقى الفيروس نشطاً وفعّالاً على الأسطح لمدة ساعتين.
3- التنفس على مقربة من الرذاذ المتطاير من سعال أو عطاس المصاب.
هل يرتبط لقاح الحصبة الثلاثي بالتوحد؟
تشخيص مرض الحصبة
يستطيع الطبيب تشخيص مرض الحصبة من خلال ملاحظة أعراض المرض الظاهرة، وخاصّةً الأعراض المميّزة للحصبة، وهي الطفح الجلديّ، والبقع الصغيرة داخل الفم، كما يمكن للطبيب إجراء بعض الفحوصات للتأكد من وجود فيروس الحصبة مثل؛ فحص الدم وفحص اللعاب.
ومن الجدير بالذكر أنّ مرض الحصبة يُعتبر من الأمراض التي يجب الإبلاغ عنها في معظم الدول؛ حيث يقوم الطبيب بالتبليغ عن الحالات المكتشفة من المرض للسلطات المعنيّة، وذلك لمعرفة مكان انتشار المرض، والتنبؤ بحالات أخرى متوقع إصابتها، بسبب تعاملها مع هذا المصاب.
مضاعفات الحصبة
تستمر الإصابة بمرض الحصبة مدة تتراوح بين 10 أيام إلى 14 يوما. وفي مناطق معينة من العالم، يُعتبر داء الحصبة قاسيا جدا، حتى إنه قد يكون مميتا. أما في الدول المتطورة فالحال مختلف تماما، إذ إن المصابين بالحصبة يعانون من مرض شديد، لكنهم يتعافون منه تماماً.
وفي كل الأحوال، تشمل مضاعفات الحصبة، عادة:
- التهاب الأذنين (Otitis): يسبب مرض الحصبة التهابات الأذنين لدى واحد من كل 10 أطفال يصابون به.
- التهاب السحايا (Meningitis): واحد من كل ألف مصاب بداء الحصبة، تقريبا، قد يصاب بالتهاب السحايا، وهو التهاب يصيب الدماغ جرّاء عدوى فيروسية (Viral infection) تسبّب القيء، الاختلاج (Convulsion) والتشنج (Spasm) كما قد تؤدي، في حالات نادرة، إلى غيبوبة (Coma).
قد يظهر التهاب السحايا خلال وقت قصير بعد ظهور الحصبة، وقد يظهر بعد ذلك ببضع سنوات، في سن المراهقة نتيجة لعدوى فيروسية بشكل بطيء. إلتهاب السحايا الذي يظهر لاحقا، والذي يسمى "الْتِهابُ الدِّماغِ بحَسَبِ داوسون" (Dawson's encephalitis)، هو ظاهرة نادرة جدًا.
- التهاب رئوي (Pneumonia): واحد من كل 15 مصاباً بداء الحصبة سوف يصاب بالتهاب رئوي، قد يكون مميتاً.
- إسهال (Diarrhea) وقيء: مضاعفات كهذه هي أكثر انتشارا لدى الأطفال والرضع.
- التهاب الشعب الهوائية (Bronchitis)، التهاب البلعوم (Pharyngitis) أو الخُناق (Diphtheria): قد يؤدي مرض الحصبة إلى الإصابة بالْتِهابُ الحَنجَرة (Laryngitis) أو التهاب الغشاء المخاطي في الجوانب الداخلية من القصبات الهوائية الرئيسية في الرئتين .
اضطرابات الحمل: على النساء الحوامل توخي الحذر الشديد في كل ما يتعلق بداء الحصبة والحرص الشديد على عدم التعرض للفيروس لأن ذلك قد يؤدي إلى الإجهاض أو الابتسار/ الخِداج (Premature birth) أو إلى ولادة أطفال قليلي الوزن عند الولادة (Birth weight).
- انخفاض عدد صفائح الدم (Thrombocytes): قد يؤدي داء الحصبة إلى انخفاض في عدد صفائح الدم، وهي خلايا الدم الضرورية لتخثّر الدم (Coagulation).
علاج مرض الحصبة
العلاجات الدوائية
في الحقيقة لم يتمّ إلى الآن تطوير علاج محدّد يمكن استخدامه عند الإصابة بمرض الحصبة، إذ إنّ الأعراض غالباً ما تزول من تلقاء نفسها خلال مدّة تتراوح بين 7-10 أيّام، وفي ما يأتي بيان لبعض العلاجات الدوائيّة التي يمكن استخدامها في هذه الحالة:
1- مطعوم الحصبة: يمكن للأشخاص الذين لم يتلقّوا مطعوم الحصبة في السابق، أو الأطفال الرضّع، الحصول على المطعوم خلال 72 ساعة من التعرّض للفيروس للوقاية من تطوّر أعراض المرض، وفي حال ظهور أعراض المرض على الرغم من الحصول على المطعوم فغالباً ما تكون أعراض خفيفة وتدوم لفترة قصيرة فقط.
2- الغلُوبولين المَناعِيّ: يتمّ اللجوء إلى العلاج بالغلُوبولين المَناعِيّ أو الأجسام المضادّة في حال معاناة الشخص المصاب بالعدوى من ضعف في الجهاز المناعيّ، أو في حال إصابة الأطفال الرضّع، أو الأم الحامل، ويجب الحصول على هذا العلاج خلال مدّة تصل إلى ستّة أيام من التعرّض للفيروس، وذلك للتخفيف من أعراض المرض، أو منع ظهور الأعراض بشكلٍ نهائيّ.
3- خافضات الحرارة: يمكن اللجوء إلى استخدام بعض أدوية خافضات الحرارة، مثل: دواء الآيبوبروفين ودواء الباراسیتامول ، كما تساعد هذه الأدوية على التخفيف من الألم المصاحب للعدوى، مع ضرورة الحرص على استخدام الجرعة المناسبة، وتجنّب إعطاء دواء الأسبرين للأطفال تحت سنّ 16 من العُمر.
4- فيتامين أ: يساعد تناول المكمّلات الغذائيّة التي تحتوي على فيتامين أ على التخفيف من شدّة المرض في حال كان الشخص يعاني من نقص في فيتامين أ، أو لدى الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم السنتين، وتجدر الإشارة إلى ضرورة استشارة الطبيب قبل البدء بتناول هذه المكمّلات.
5- المضادّات الحيويّة: على الرغم من أنّ استخدام المضادّات الحيويّة لا يساعد على القضاء على الفيروس المسبّب لمرض الحصبة، إلّا أنّ الطبيب قد يصف أحد أنواع المضادّات الحيويّة في حال المعاناة من عدوى بكتيريّة نتيجة الإصابة بالمرض، مثل ذات الرئة، أو عدوى الأذن.
6- العلاجات المنزلية
يوجد عدد من العلاجات المنزليّة التي تساعد على التخفيف من أعراض مرض الحصبة، نذكر منها الآتي:
- ترطيب الهواء للمساعدة على التخفيف من السعال المصاحب للمرض.
- تناول كوب من الماء الدافئ، يحتوي على ملعقة صغيرة من عصير الليمون، وملعقتين من العسل، للمساعدة على التخفيف من السعال.
- تجنّب التدخين بالقرب من الشخص المصاب.
- ارتداء النظارات الشمسيّة للتخفيف من حساسيّة الضوء.
- الحرص على تناول كميّات كافية من السوائل لتجنّب الإصابة بالجفاف.
- تجنّب ذهاب الشخص المصاب إلى المدرسة أو العمل لمنع انتقال العدوى.
الوقاية من الحصبة
يمكن الوقاية من الإصابة بمرض الحصبة عن طريق عزل المصاب خلال فترة العدوى عن باقي الأفراد، وخاصةً الذين ليس لديهم مناعة ضد الحصبة؛ حيث يتوجّب على المصاب عدم العودة لنشاطاته اليوميّة من عمل أو مدرسة حتى انتهاء فترة العدوى.
وفي الحقيقة يُعتبر أخذ مطعوم الحصبة هو الحجر الأساس في الوقاية من انتشار مرض الحصبة، وهو يشكل جزءاً من لقاح الحصبة والنكاف والحُميراء الذي يُعطى ضمن جدول زمني على جرعتين منفصلتين؛ الجرعة الأولى في الفترة الواقعة بين الشهر 12-15 من العمر، أما الجرعة الثانية فتُعطى في الفترة الواقعة بين السنة 4-6 من العمر وتجدر الإشارة إلى أنّه يمنع إعطاء المطعوم لفئات معينة حفاظاً على سلامتهم، ومن هذه الفئات ما يلي:
1- الحوامل.
2- الأفراد ذوي المناعة المنخفضة.
3- الأشخاص الذين يعانون من حساسيّة شديدة تجاه الجيلاتين أو حساسيّة من المضاد الحيوي النيوميسين.