هل يمكن أن تكون السيدة التي قابلته قبل فترة رجلاً، لربما شككت للحظة أنها تملك سمات رجولية ولكن هل يعقل أن تكون رجلا؟ يبدو أن السؤال سيكون جوابه سؤال أكبر؟ إذا كانت رجلاً فلماذا ترتدي ثياب امرأة؟ خصوصا في مجتمع ذكوري مثل المجتمع العربي الذي يفخر بالرجل، والرجولة، والفحولة الخ. حسنا ربما تكون إجابتك منطقية عندما تقولين بأنه شاذ، ولكنها نصف الحقيقة، فبعض الرجال يشعرون بالسعادة عندما يرتدون ثيابا نسائية وقد يصل الهوس بهم أحيانا لدرجة ارتداء ثياب داخلية نسائية تحت ثيابهم الرجالية. ولكنهم ليسوا شاذين جنسيا ولا يسعون لجذب الرجال. بل هم يشبعون رغبة دفينة خاصة بهم تغذيها الثياب النسائية.
جميعنا نملك مشاعر شخصية مميزة تجعلنا أما نساءاً أو رجالا، وبالمناسبة المظهر الخارجي لا يتطابق دائما مع هذه المشاعر. ألم تلاحظي ولو لمرة رجلا يملك خصائص شخصية أنثوية أو سيدة تملك خصائص شخصية ذكورية، بالطبع قد رأيت عينة من هؤلاء الأشخاص، ولا نقول بأن نبحث داخل سراويلهم لنرى إذا ما كانوا يرتدون ثيابا داخلية للجنس الأخر، ولكننا نقول بأنهم موجودون حولنا وفي محيطنا الأقرب أحيانا كثيرا, ولكننا لا نعيرهم الانتباه، لأنهم لا يقومون بأي أفعال جنسية شاذة.
ولكن لماذا يرتدي الرجل ثيابا نسائية؟
لا أحد يعرف بالتأكيد ما الذي يدفع الرجل لارتداء ثياب زوجته، أو أمه أو شقيقته في المنزل أو خارج المنزل. ويعتقد الباحثون بأن السبب قد يكون متعلقا بعوامل جينية أو هرمونية، بينما تعتقد مجموعة أخرى أن السبب قد يكون مرتبطا بالبيئة المحيطة. مثلا أن يكون الطفل الذكر وحيدا بين مجموعة من البنات، فقد يرى في تقليد تصرفاتهن من اللعب بالدمى، ووضع الماكياج، أو ارتداء بعض ثيابهن أمرا طبيعيا، وقد يلاقي تصرفه هذا استحسانا أو قبولا من العائلة فيرسخ في عقل الطفل أن هذا التصرف مقبول. وهكذا يكبر وبداخله حنين لتلك اللحظات السعيدة. وقد يكون لطريقة معاملته الأثر الأكبر في تغذية هذه الرغبة، خصوصا إذا افتقد لرمز الرجولة إلا وهو الأب في هذه المرحلة العمرية. وبالتالي يقلد والدته المثال الوحيد المتوفر أمامه، فيكون تصرفه ليناً، وأقرب إلى الأنثى منه للرجل.
ولكن هل يتحول هذا السلوك إلى ظاهرة جنسية؟
الإنسان بطبيعته خلق مع مقومات للقيام بالنشاط الجنسي. وقد يجد العديد من هؤلاء الأشخاص النشاط الجنسي محفزا لهم لتغذية هذه المشاعر، ولكن الدراسات أظهرت بأن العامل الجنسي لا يدوم كثيرا بين هذه الفئة ولا يعتبر سببا في اللجوء إلى الثياب النسائية. فالمهم لدى هؤلاء الأشخاص هو إشباع رغبتهم في ارتداء الثياب النسائية وليس القفز إلى السرير مع رجل, فهم مثل الموسيقي الذي يشعر بالحاجة إلى العزف على آلته الموسيقية لبعض الوقت، و الكاتب الذي يرغب في كتابة موضوع أثار خياله.
أي نوع من الرجال تجذبهم هذه الحالة.
يمكن لأي رجل من كافة مناحي الحياة، والأجناس، والمذاهب، والخلفيات الاقتصادية ومعظمهم متعلمون، كما أن الأغلبية الواسعة منهم متزوجون ويعيشون حياة زوجية سعيدة، ولكن نسبة مئوية صغيرة منهم تختار العيش كنساء كاملات. وتعود هذه الظاهرة إلى آلاف عديدة من السنوات، وهناك العديد من الشخصيات العالمية التي أما اعترفت بهوسها بارتداء الثياب النسائية أو تم اكتشاف هذا الهوس بالصدفة من قبل زوجاتهم أو معاونيهم. وكما ذكرنا سابقاـ الأطفال الذكور الذين يعيشون في كنف عائلات غالبيتها الواسعة من النساء يكن عرضة أكثر للإصابة بهذه الحالة.
هل يمكن علاج هذه الحالة؟
لعل أهم مشكلة تواجه هذه الفئة هي نظرة المجتمع لهم، واعتبارهم شاذين جنسيا. ولهذا تبقى هذه الرغبة طي الكتمان ولا يحاولون البحث عن علاج لها. وينكر الكثير من هؤلاء الرجال بأنهم يتشبهون بالنساء أو يحاولون جذب الرجال، بل وفي الكثير من الحالات ينكرون أنهم يحملون سمات أنثوية، ويحاولون جاهدين التخلص من هذه العادة، إلا أنهم يعودون إليها بسبب الاحباطات التي يشعرون بها بسبب تخليهم عن هذه المشاعر والتخيلات. وبالطبع قد يطلب البعض منهم علاجا ولكنهم بدلا من الشفاء يدمنون على المهدئات!
ولا يشكل هؤلاء الرجال خصوصا المتزوجون أي خطر على زوجاتهم أو أطفالهم، فهم طبيعيون جدا، وحتى في حال تم فضح سرهم، فهم يحاولون الاستمرار في حياتهم الزوجية، لذا يجب أن نفهمهم ونحاول مساعدتهم بدلا من أن نعاقبهم ونكيل لهم التهم. فهم بالفعل فئة خاصة تحتاج إلى رعايتنا واهتمامنا، والأفضل أن نلاحظ هذه التصرفات في بداية عمر الطفل الذكر، وأن لا نشجع التصرفات الأنثوية التي قد يقوم بها مثل ارتداء ثياب شقيقته أو وضع مساحيق التجميل أو التصرف مثل الفتيات، وبدلا من الضحك معه يجب أن نقوم سلوكه، ونحاول أن نضع حدودا واضحة في الفرق بين الخصائص الذكرية والخصائص الأنثوية. ونعزز هذه الخصائص والسمات لدى كل من الأولاد والبنات.