لماذا يتذكر كبار السن الذكريات الجميلة فقط؟؟

تاريخ النشر: 31 يناير 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

طالما تساءل العلماء عن سبب تذكر الأشخاص الكبار في السن للذكريات الجميلة وعدم ذكرهم للذكريات السيئة. لقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الإنسان مع تقدمه في السن تصبح ذاكرته انتقائية اكثر بحيث تركز على الذكريات الإيجابية و تستبعد الذكريات السيئة. 

 

حيث لاحظ الباحثين أن الأشخاص المتقدمين في السن يكون مزاجهم اكثر استقرارا و طباعهم اقل حدة وذلك بسبب قدرتهم على السيطرة بصورة افضل على مشاعرهم، هذه الاكتشافات عززت لديهم الاعتقاد بان للذاكرة دور كبير في ذلك. 

 

فمن خلال تجربة لمدى الذاكرة عند جميع الفئات العمرية تم إجراء تجربة على 150 شخص بحيث تم عرض صور مختلفة تتراوح بين الجميلة و السيئة و بعد ذاك تم سؤال الجميع عن ما شاهدوه. 

 

تبين أن الأشخاص الكبار في السن أي الذين تجاوزوا الخامسة والستين كانوا يتذكرون الصور الجميلة بينما كان الأشخاص الصغر سنا يتذكرون الصور الأكثر بشاعة. 

 

التفسير العملي لهذه الظاهرة أن التفكير الإيجابي يصبح اكبر عند الكبار في السن بحيث يؤثر أيضا على الذاكرة لتصبح اكثر إيجابية و انتقائية. طبعا هذا يفسر كلام الأجداد عن الأيام الخوالي وعن الأيام الجميلة التي عاشوها في السابق. 

 

ومن جانب آخر، فإن هناك أمور عديدة تؤثر على ذاكرة الأشخاص وهي عديدة من بينها العوامل النفسية حيث أكد باحثون أميركيون إن حالات النسيان عند النساء في منتصف العمر قد تنتج عن التوتر والكآبة وضغوط الحياة.  

 

وأوضح الأطباء في مركز مايو كلينك الطبي أن زيادة مسؤوليات الحياة على كاهل المرأة وعدم تمرين دماغها على تذكر الأحداث الماضية وعدم المشاركة في النشاطات الاجتماعية، جميعها عوامل تؤدي إلى ضعف الذاكرة.  

 

ولتفادي النسيان وإبقاء الدماغ متيقظا وزيادة الانتباه وقوة الذاكرة ينصح العلماء بالمحافظة على العلاقات الاجتماعية والحياة النشطة وممارسة الرياضة والمواظبة على التمرينات البدنية، حتى ولو كانت مجرد مشي بسيط.  

 

ولكن السؤال الذي يبقى لماذا تختفي بعض الذكريات الجميلة من ذاكرة البعض، في الوقت الذي تظل عالقة بها بعض الذكريات المؤلمة التي كنا نتمنى نسيانها؟  

 

يجيب على هذه التساؤلات د. دانيال شاكر رئيس قسم علم النفس في جامعة هارفارد في كتابه أخطاء الذاكرة فيقول إن الذاكرة مع الوقت تنسى تفاصيل بعض الأحداث مما يسبب بعض الإزعاج لصاحبتها لأن هذه الذكرى يمكن أن تحمل قيمة رمزية معينة كانت تود الاحتفاظ بها.  

 

ويمكن تفادي هذا الموقف عن طريق بذل بعض الجهد في محاولة تثبيت الشيء المراد الاحتفاظ به كذكرى في الذاكرة وذلك أثناء حدوثه.. ويساعد على تثبيت الحدث التركيز علي التفاصيل.. فإذا كان المطلوب تذكر الأسماء فيجب ربطها بالشخصية والتركيز على السمات المميزة لها ومحاولة فيجاد أوجه شبه بينها وبين شخصيات معروفة وشهيرة ليسهل استدعاء الاسم بعد ذلك.. ويمكن تدريب النفس على محاولة تذكر هذا الاسم في اليوم التالي ومحاولة تذكر تفاصيل صغيرة في مظهرها العام.  

 

ويتناول المؤلف بعد ذلك مشكلة شرود الذهن التي كثيرا ما يسبب الإزعاج والضيق للمرأة والتي تظهر في شكل البحث عن النظارة وهي في يديها أو التوجه إلى المطبخ لإحضار شيء معين فتكتشف أنها قد نسيت هذا الشيء الذي تبحث عنه.. وأمثلة كثيرة أخرى.  

 

ويرجع المؤلف حالات شرود الذهن هذه إلى عدم التركيز في الأشياء الصغيرة التي تقوم بها المرأة أثناء أدائها لمهامها اليومية.  

 

وينتقل المؤلف بعد ذلك إلى مشكلة النسيان فيقول إنها تصيب المرأة بنوع من الإزعاج والضيق، إلا أن أكثر ما يزعجها هو عدم القدرة على نسيان شيء ترغب بالفعل في نسيانه وعدم تذكره على الإطلاق مثل حالة تعثر وسقوط مربك على الأرض أمام الناس، في الوقت الذي تتلاشى فيه ذكريات سعيدة كانت تتمنى أن تعيش معها إلى الأبد.  

 

ويفسر المؤلف هذه الحقيقة بقوله إن الذاكرة تعطي الأولوية دائما للأحداث التي يمكن أن تهدد البقاء على قيد الحياة.. وذلك حتى نتعلم من هذه الأحداث وننتبه لأخطارها.. مع الأخذ في الاعتبار أن محاولات عدم التركيز على حادث مؤلم بهدف نسيانه يأتي بنتيجة عكسية إذ يظل عالقا في الذهن على الدوام.. لذا ينصح د. شاكر بمواجهة التجارب المؤلمة والتحدث عنها لأن ذلك أفضل سلاح لمقاومتها ونسيانها._(البوابة)  

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن