كيف تستطيع تحقيق الكمال في الحب

تاريخ النشر: 09 أغسطس 2005 - 07:14 GMT

 

أحد أعظم المســرات والتحديات التي تنطوي عليها العلاقات الصادقة هي أننا عندما نستجيب لنداء الحب نكون مدعوين إلى التوسع في التفكير بعمق في كنه أنفسنا ، من نحن ، بماذا نشعر ، وما الذي نعتقد أننا نستطسع فعله . هناك قوى سامية ضخمة تدعونا إلى تحقيق الكمال والاستغراق في الحب  . نحن مدعون للمشاركة في مسار غامض ومخيف وفي ذات الوقت يوقع في النفس البهجة والنشوة .

 

 تدل الأبحاث التي أجريت مؤخرا أن الدماغ يفرز في مراحل الحب المبكرة مادة تشبه الإمفيتامين هي عبارة عن ناقل عصبي يسمى فنيلثامين يغمر الجهاز العصبي بتيار من الحب العارم تهبنا إياها الطبيعة  . نصبح مفعمين بالنشوة والخيال وتسطع وجوهنا بالنور . في حالة السعادة السماوية هذه نصبح قادرين على ضروب استثنائية من ضروب الحب  والاهتمام واللاأنانية التي تحدث تلقائيا .

 

إلا أننا عندما نعود إلى الأرض نجد أنه لم يبق فينا سوى تخيلاتنا ، من عسانا نكون ، وحقيقة وجودنا كما نراه . نداء الحب يدعونا دائما إلى التعمق والسير إلى أبعد من ذي قبل ، وإذا اخترنا الاستجابة للنداء ، نجد أن لا مفر لنا من مواجهة سلسلة من الخيارات . يقضي أحد هذه الخيارات يأن نحدد مدى التزامنا بالحقيقة . هل كنت ملتزما بالحقيقة في علاقاتك السابقة ؟ إذا لم تكن ملتزما ، ماذا كانت عواقب عدم التزامك ؟ والآن ، وقد أقمت علاقة جديدة ، هل  ستسعى جادا للالتزام بارتباط  عميق وصادق ، أم أنك ستكتفي بأقل من ذلك ؟ إلى أي مدى تود أن تمضي مع شريكك/شريكتك ؟ نحض الزوجين على بحث ذلك فيما بينهما بصراحة وانفتاح ، بدلا من ترك الحبل على غاربه لتسيّر الأمور بفسها بنفسها كما يحدث في أغلب الأحيان .

 

كلما توخينا الحقيقة  في القول والفعل ، نطلب من شريكنا عمل الشيء نفسه . ونواصل الرحلة إلى بعيد ، والمعادلة بسيطة ، وهي : الحقيقة تساوي الحب الذي يساوي ارتباط أعمق الذي بدوره يساوي امتدادا أوسع الذي يساوي انفتاح أعظم على الروح . ولكن إذا كان الالتزام بالحقيقة يضفي على حياتنا كل هذه الأشياء الجميلة ، لماذا نجده بهذه الندرة وهذه الصعوبة ؟ لماذا كل تلك الأكاذيب ، وكل تلك الخيانات ، وكل ذلك الأذى والسـخط الذي يقترفونه الناس ؟ كلما فكرنا في الكذب على أنفسنا أو على شركائنا ، نفعل ذلك عادة لحماية جزء منا يشعر بالخوف أو الضعف . نقول لأنفسنا إننا نود أن نظهر بمظهر أفضل ونقنع أنفسنا أن لا أذى يلحق بأحد من كذبة بيضاء صغيرة . أنت تتساءل ، هل هذا شأن عظيم الأهمية حقا ، وتقول أن ما لايعرفونه لن يؤذيهم . ولكن نحن نعتقد أن الأمر عظيم الأهمية إذا ضعفتما وقيدتما الحب الذي وجدتما من أجله . ان الأمر عظيم الأهمية إذا حطمتما أساس الثقة التي تقوم عليها الشراكة بينكما . ان الأمر عظيم الأهمية إذا عدتما إلى أساليب الأسرار وإخفاء الحقائق التي سبق أن تعلمتماها من أسرتيكما الأصليتين . ان الأمر عظيم الأهمية إذا رحتما تخفيان أو تشوهان الحقائق الحقة التي يعيشها كل منكما على انفراد أو تعيشانها معا . كل مرة نشوه الحقيقة نعيق نداء الحب ونحد من قدرتنا . نتراجع إلى الشرنقة التي تلف معتقداتنا عن أنفسنا وعن الأشياء التي نستطيع نحن الآدميين تحقيقها .

 

عندما نتعامل مع الزوجين ونحضهما على الالتزام بالحقيقة التزاما ثابتا ، غالبا ما يقال لنا مثل هذه الأقوال : " في الواقع أنا أخشى أن تتركني إذا قلت لها حقيقة شعوري " ، أو ، " إذا عرف أنني فعلت ذلك ، فسوف يكرهني إلى الأبد ، لذلك لا أستطيع أن أخبره " ، أو ، " إذا عرفت أنني أريد أن أفعل كذا وكذا ، فسوف تعتقد أنني مريض في عقلي " .  جوهر الأمر أنكما تخشيان أن لا تمنحكما الحقيقة حريتكما ، بل تفتح عليكما فيضا من الغضب والنبذ , ولكن إذا كانت علاقتكما لا تتحمل الحقيقة ، فما هو حالكما ؟ إذا كنتما الاثنان متآمرين على الحقيقة  لتظلا أمنين مبتعدين عن المشاكل ، فأنتما تقبلان بأقل بكثير مما يطلبه منكما نداء الحب .

 

في بعض الأحيان يكون الالتزام بالحقيقة مزعجا ومخيفا ، ولكنه السبيل الصحيح لرابطة متواصلة متنامية للعلاقة الصادقة بين الشريكين . نحن نحض كل شخص على القيام بهذا الالتزام وتوصيله إلى ذريته بالقول والفعل . إذا كنت ترددت في هذا الشأن في السابق ، هيا وكن صادقا ومخلصا الآن . قم بما يحتاجه الأمر لمعرفة سبب عدم صدقك وإخلاصك .  ما الذي يجب أن يندمل في داخلك كي لا تعود بحاجة لإخفاء شيء أو الظهور على خلاف حقيقتك؟ تذكر أن الالتزام بالحقيقة ليس دائما الحديث عن أمر سلبيّ . قد تكون الحقيقة  تعبيرا عن مدى سعادتك بهذه العلاقة وروعة شعورك بوجودك مع شخص يشاركك وجهة نظرك بالعلاقة الحميمة .

 

نحن جميعا قادرين على كم من الحب والحقيقة يفوق ما نعتقد أننا نستطيعه . نستطيع جميعنا أن نكون أكثر صدقا وإخلاصا ووضوحا وحبا وإنكارا للذات . باخلاصنا لرؤيتنا الأساسية التي دعتنا إلى الحب ، نستطيع الالتزام بحقيقة ما نمارسه ونلتزم بإيصال تلك الحقيقة إلى شريكنا بانتظام . ذلك هو المسار الذي حقا سيمنحك ويمنح شريكك/شريكتك الحرية – الشعور  بأعمق وأسمى ارتباط بين اثنين .

 

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن