فيتامين( ج).. والسرطان، ومرض القلب، وماء العين

تاريخ النشر: 26 سبتمبر 2006 - 08:59 GMT

إدعى لينوس باولينغ، الفائز بجائزة نوبل مرتان، في كتابه "فيتامين ج والسرطان" عام (1979) بأن الجرعات العالية من فيتامين ج قد تكون فعّالة ضد السرطانِ. هذا وقام باولينغ والجرّاح الإسكتلندي إوان كاميرون بأجراء دراسة على 100 مريض بالسرطان المتقدم المقاوم للعلاجات الآخرى، واعطوهم 10 غرام فيتامين ج باليوم. (الحاجة اليومية من فيتامين ج 60 ملغرام/ يوم ؛ 100 ملغرام / يوم للمدخنين. ) فارتفعت نسبة نجاة المرضى الذين تناولوا الفيتامين بنسبة أربع مرات أكثر من غيرهم الذين لم يتناولوا الفيتامين.

 

وصرح باولينغ في كتابه "كيف تشعر بالتحسن وتعيش أطول" (1986)، بأن جرعة ملغرام من الفيتامينات "يمكن أن تحسن صحتك العامة. . . وتزيد متعتك من الحياة، ويمكن أن تساعد في السيطرة على أمراضِ القلب، والسرطان، والأمراض الأخرى وفي إبطاء الشيخوخة." باولينغ نفسه كان يأخذ على الأقل 12,000 ملغرام يوميا ويرفع الكمية إلى 40,000 ملغرام إذا تعرضِ للبرد. في 1993، بعد المرور بعلاج الإشعاع لسرطانِ البروستاتِ، قال باولينغ بأنّ فيتامين ج ساهم في تأخير ظهور السرطان لعشرون سنة أخرى. هذا ما كان اختباره يدعي. إلا انه مات من المرض في أغسطس/آب 1994 عن 93 عاما.

 

إدّعاءات باولينغ تصطدم بالشكوكية:

كان اخصائيوا التغذية الاكثر شكاً في ادعاءات باولينغ، والكثير ما زالوا كذلك. فالعديد من الدراسات التي نشرها باحثون من عيادة مايو رفضوا مزاعم باولينغ والآخرين الذي قالوا بأن جرعات فيتامين ج يمكن أن تعالج السرطان. في حين أصدرت جمعية السرطان الأمريكية تعليمات تقترح بأن إستهلاك أطعمة غنية بفيتامين ج قد يخفض خطر الاصابة ببعض أنواع الامراض الخبيثة. ولكن إذا اصبت بالسرطان، فلن يساعدك فيتامين ج كما كان مزعوماً.

 

ويقترح البحث الجديد بأنّ مرضى السرطان الذين يأخذون جرعات كبيرةَ من فيتامين ج على أمل العلاج قد يسببون تدهور حالتهم بشكل غير مقصود بحيث يقومون بحماية الأورام من الإشعاع، والعلاج الكيمياوي. ويستند القلق في هذا الشأن على إكتشاف خلايا سرطانية تَحتوي على كميات كبيرةَ من فيتامين ج، والتي تظهر لحمايتها من ضرر الأوكسجين. في حين تستند العديد من علاجات السرطان، خصوصاً علاج الإشعاع، على العمل بتسبب ضرر الأوكسجين إلى جينات خلايا السرطانِ.

 

على أية حال، تستشهد المصادر الأخرى، بالدراسات العديدة التي تظهر منافع إعطاء جرع عالية من فيتامين ج إلى مرضى السرطان. أما الامر الذي لم يذكر بشكل واضح في النقاشات المستمرة بين لينوس باولينغ وعيادة مايو، حقيقة أن عمل باولينغ قد اثبت بشكل مستقل من قبل باحثين يابانيين. فالجرعات العالية من فيتامين ج، لموراتا وموريشنغ، (خمس غرامات أو أكثر باليوم) مددت حياةَ المرضى من معدل 43 إلى 246 يوم, وهو تغير مذهل مشابه لذلك الذي ذكره كاميرون وباولينغ.

 

وفي حين لم تنتهي القضية بعد (إلا ان الدراسات اليابانية افتقرت أيضاً إلى السيطرة على العلاج المموّه)، حيث تقترح مقالتان في مجلة الجمعية الطبية الكندية بأن بحث مايو قد خرق، بأن العلماء تحيزوا ضد إستعمال علاجات السرطان "البديل". ويتوقع بعض خبراء عيادةَ مايو، التي جربت طريقة المعالجة لمدة 10 أيام فقط ، أن تتخلى عنه قريباً أيضاً. أما النظرية الأخرى، التي إقترحها عالم الجزيئيات الأمريكي الدكتور مارك ليفني، بأن عيادة مايو أخطأت بإعطاء فيتامين ج عن طريق الفم، بدلاً من أن يحقن بالوريد. فالامر الاخر الذي لم تنتبه له عيادة مايو هو أن كاميرون وباولينغ أعطوا فيتامين ج ليس فقط عن طريق الفم ولكن أيضاً عن طريق الحقنِ الوريدية. فتناول الفيتامين عن طريق الفم فقط، يسبب فقدانه معظم الفيتامينِ عن طريق البول بدلاً من التجمع في أنسجة الجسم.

 

الحماية ضدّ أمراضِ القلب وماء العين:

بالرغم من أن هيئة المحلفين ما زالت خارج قضية البت في دور فيتامين ج الوقائي ضد السرطان، إلا اننا لا نملك شيء يمكن خسرانه بالتأكيد، ولكن نملك الكثير فعلاً لنكسبه، فعن طريق حمية غنية بالثمار والخضار التي تحتوي على فيتامين ج، تقول إليزابيث وارد في مقالة بعنوان "فيتامين ج: "ما زال المفتاح الرئيس للمناعة، والسرطان، وأمراض القلب، وصحة العيون موجوداً".

 

بينما تَقترح دراسات اخرى بأن تناول الأطعمة الغنية بمانعات التأكسد المغذية، بضمن ذلك فيتامين ج، يحمي ضد مرضِ القلب. تقول دراسة نشرت مؤخرا من كوريا الجنوبية، إن تناول ما لا يقل عن 220 ملليغرام من فيتامين ج في اليوم يعتبر وقائيا ضد الكثير من أمراض القلب أكثر من جرعة 141 ملليغرامِ أو أقل في يوم. وفي دراسة هولندية أخيرة، وجد الباحثون بِأن الاشخاص الذين يتناولون كميات منخفضة من فيتامين ج كانوا 30% على الأرجح للتعرض لنوبة قلبية من اولئك الذين يتناولون جرعات أكبر.

 

كما وجد باحثون في جامعة تافتس وجامعة هارفارد، بعد دراسة ما يقارب 250 إمرأةَ بدون تأريخ للاصابة بماء العين، بأن أولئك الذين أخذوا ملحقات من فيتامين ج لمدة 10 سنوات على الأقل كَانت نسبة اصابتهم 77 % أقل من المحتمل لظهور علامات أولية للاصابة بماء العين، و83 % أقل من المحتمل للاصابة بحالة معتدلة منه مقارنة مع أولئك الذين لم يتناولوا أي إضافات من فيتامين ج. ولا تزال كمية فيتامين ج الضرورية لإشباع أنسجة العين غير واضحة، لكن الخبراء يخمنون بأنها  ما بين 150 إلى 250  ملليغرام في اليوم.

 

"بالتمازج مع المواد المغذية الأخرى، أظهر فيتامين ج منفعة أيضاً في إبطاء تعاقب إنحطاط البصر المرتبط بالتقدم بالعمر, وهي حالة تصيب العين، وتسبب تلف شبكيّة العين، ويمكن أن تسبب العمى."