فوائد غير متوقعة للدموع، تعرف عليها

تاريخ النشر: 12 ديسمبر 2016 - 07:55 GMT
الدموع مثل الابتسام، كثيرًا ما تمنع صدأ القلب والعواطف
الدموع مثل الابتسام، كثيرًا ما تمنع صدأ القلب والعواطف

يقول العلماء إن المرأة تبكي (في المتوسط) 64 مرة في السنة، (يعني متوسط مرتين وشوي في الشهر)، بينما يبكي الرجل نحو 17 مرة، ولكنني أعرف رجالاً يتبجحون بأنهم لا يذكرون متى بكوا آخر مرة، أو لا يبكون إلا لفقد شخص عزيز جدًا، وهناك من يتباهون بأن دموعهم لا تنزل قط، وكلما قابلت واحدًا من هؤلاء، أتمنى لو أستطيع تكتيفه وجلب فريق من ذوي العضلات يجلسون أمامه لتقطيع سبعين كيلو متر مربع من البصل الأحمر.

يا جماعة: الدموع ليست بالضرورة دليل ضعف، والسيطرة على الدموع ليست في جميع الأوقات دليل رجولة أو بطولة.. فلو خطفتني عصابة وهددت بقتلي لمت من فقدان السوائل (قبل أن يذبحوني) من فرط هطول الدموع الرعدية، وأستعيد مرة أخرى يوم مات صديقي ماهر عبدالله (الذي كان يقدم برنامج الشريعة والحياة في قناة الجزيرة)، فقد ظللت أبكي طوال يومين، وعلى مدى أسبوع كامل فشلت في أن أكتب كلمة واحدة في رثائه؛ لأنني كلما كتبت اسمه على شاشة الكمبيوتر أطل منها بوجهه البشوش وابتسامته العذبة التي لم تكن تفارق وجهه أبدًا فتصبح الرؤية عندي غائمة، وأستعيد «الشريط» بالصوت والصورة: ألو أبو الجعافر.. ما رأيك أن تنضم إلينا بفندق الريتز كارلتون لتناول العشاء.. معنا فلان وفلان وصديقك اللدود ماهر عبدالله؟.. آسف يا جماعة فالوقت قد تأخر والفندق بعيد عن بيتي.. وبعد أربعين دقيقة: ألو جعفر.. ماهر مات في حادث مروري بعد مغادرته الفندق بقليل!! كنت أحسب أن حصتي من الدموع على فقد غير الأهل والأقارب، نفدت بعد رحيل صديقي الجميل صالح العزاز، أحد أطهر وأشرف أبناء المملكة العربية السعودية، ولكن الله أنعم عليّ بالدموع على مدى عدة أيام بعد رحيل ماهر الفجائي.

المهم هو أنني لا أشعر بالحرج إذا نزلت دموعي لسبب مفرح أو محزن.. تنزل دموعي إذا أسدى إليّ أحدهم صنيعًا جميلًا، أو إذا شاهدت الجياع على شاشات التلفزة سواء كانوا من دارفور أو كوريا.. دموعي تنهال إذا أحسست أنني ظلمت أو أسأت إلى أحد عيالي.. باختصار تبكيني المواقف الإنسانية ويبكيني حال الآخرين أكثر مما يبكيني حالي، بل لا أذكر قط أن دموعي طفرت لأنني مررت بظروف شخصية صعبة مثل فقدان العمل أو المال.. حتى جحود الآخرين لا يبكيني، فكم من شخص وقفت معه بمساعدته في الحصول على عمل -مثلًا- ثم لا أجد منه حتى شكرًا، بل قد ينقلب عليّ!

ولكنني لا أصدق ما قاله العلماء عن أن النساء يبكين 64 مرة في السنة! في الشهر معقولة. وكان من أطرف المشاهد العائلية أن تجد أمي وحماتي، رحمهما الله تشاهدان مسلسلًا تلفزيونيًا عربيًا، فترى الدموع منهمرة من عيون الاثنتين لأن طاهر ضرب فراولة ولأن المعلم حنفي تزوج على عيوشة ولأن زيزي أصيبت بالشلل بعد حادث سير. وكان السبيل الوحيد لإخراجهما من المزاج السوداوي هو أن تسأل الواحدة منهن عن «الحاصل»، وبعدها، "وقعتك سودة" لأنك تحصل على تلخيص.. أي تلخيص؟ تحصل على عرض شامل للحلقات السابقة من المسلسل، وإذا أعانك الله على تحمل ذلك العرض الشفهي فإنك تكون قد وضعت حدًا لمسلسل الدموع! والشاهد هو أن الله زودنا بالدموع لحفظ العين من التلف ولحفظ القلب من الجفاف، فلا تمنعوا هطولها إذا فعلت ذلك من تلقاء نفسها.

وأعتقد أن الله أكرم النساء بأن جعل مخزونهن من الدموع ضخمًا وسهل الانسياب، فالدموع تعبير عن الفرح والحزن، وما أجمل وأنبل دموع امرأة تتلقى اتصالًا هاتفيًا من حبيب قريب «غائب»، ولا تفارق ذاكرتي قط مشاهد الدموع وهي تنهال على خدود زوجتي، ونحن في غاية الانتشاء خلال احتفالنا بزواج ولدنا: شيء عجيب فبينما دموعها جارية تتقبل التهاني بالبسمات الصادقة.

الدموع مثل الابتسام كثيرًا ما تمنع صدأ القلب والعواطف، ثم إنه لولا قدرتهن الخارقة على البكاء والتنفيس لأصيبت معظم نساء الأرض بالجلطات كردّ فعل لـ«جلطات» بمعنى «خربطات» الرجال.

للمزيد من المقالات:
نصائح هامة للعناية بالأقدام هذا الشتاء!
أضرار النوم بحمالة الصدر
مسكنات طبيعية مجربة لتخفيف آلام الدورة الشهرية

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن