فضل العشر الأوائل من ذي الحجة، تُعَدّ العَشر الأوائل من ذي الحجّة من الأيّام المباركة في الشرع، وقد حثّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، على استغلالها بالأعمال الصالحة وبجهاد النفس.
ووصف العمل فيها بأنّه أفضل من الجهاد في سبيل الله -تعالى-؛ فقال: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ)، ولم يُقيّد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الأعمال الصالحة في هذه الأيّام بعمل مُعيَّن، وجعل الأمر مُطلَقاً؛ فالعمل الصالح أنواعه كثيرة، ويشمل ذلك ذِكر الله -تعالى-، والصيام، وصِلة الرَّحِم، وتلاوة القرآن، والحجّ؛ ممّا يعني اجتماع أجلّ العبادات في الإسلام وأفضلها في هذه الأيّام، ولفظ الأيّام الوارد في الحديث المذكور يدلّ على أنّ العمل الصالح يستغرق اليوم كلّه، واليوم في الشرع يبدأ منذ طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، وأفضل عمل يستغلّ به المسلم نهار هذه الأيّام هو الصيام، كما أنّ أفضل ما يُستغَلّ فيه الليل صلاة القيام، أمّا حُكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجّة فهو مندوب، بينما حُكم قيام الليل أنّه سُنّة.
وقد حافظ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على صيام العَشر من ذي الحجّة،؛ ودليل ذلك ما ورد في السنّة النبويّة من حديث حفصة -رضي الله عنها-، قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ).
وعلى الرغم من عدم ثبوت صحّة بعض الأحاديث الواردة في فضل صيام هذه العَشر على وجه الخصوص، إلّا أنّه لا يمنع من صومها، ويُشار إلى أنّ صيام اليوم التاسع من ذي الحجّة؛ وهو يوم عرفة مشروع لغير الحاجّ؛ فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ)، ويوم عرفة من أيّام الله العظيمة، وحَريّ بالمسلم أن يستغلّ فيه نَفَحات الرحمة، كما يُستحَبّ أن يصومه المسلم غير الحاجّ؛ ابتغاء تكفير ذنوبه.
وذهب الفقهاء إلى استحباب صيام الأيّام العشر الأوائل من ذي الحجّة باستثناء يوم عيد الأضحى المبارك؛ أي يوم النَّحر؛ وهو اليوم العاشر من ذي الحجّة؛ إذ يحرم على المسلم أن يصوم يوم العيد باتّفاق الفقهاء.
الأعمال الصالحة في عَشر ذي الحجّة
- الصيام: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسعة من ذي الحجة، ويحثّ على الإكثار من الأعمال الصالحة في هذه الأيام، فمن السنّة أن يصوم المسلم هذه الأيام وخاصّة يوم عرفة لما لصيامه من فضل عظيم.
- الصلاة: يُستحب للمسلم الإكثار من الصلوات النوافل ليتقرب من ربّه ويكتسب محبّته.
- الحجّ والعمرة: وهما من أفضل الأعمال، حيث يتخلص العبد من ذنوبه بالتوبة والتضرّع إلى الله.
- الإكثار منها في هذه الأيام: كثرة التّكبير، والتهليل، والتحميد، والذكر، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والصدقة، وقراءة القرآن، وبر الوالدين، والإحسان إلى الجار، والدعاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها.