مع اقتراب موسم الصيف، تكثر المناسبات الخاصة، وأهمها بلا شك الزواج، حيث يفضل الكثير من الاهل اتمام هذه المراسم الطيبة في اجواء اسرية مليئة بالحب والتفاهم، ولكن في كثير من الاحيان يرغب الاهل في ان تكون هذه المراسم اسرية اكثر من اللازم، وهنا تكمن المشكلة، وعلى الرغم من حديثه صلى الله عليه وسلم، "غربوا النكاح" يكثر زواج الأقارب في كثير من المجتمعات ومنها مجتمعنا العربي.
ووفقا لدائرة الاحصاءات العامة، وجد ان نسبة زواج الاقارب بين السعوديين هي 57.7% وهي الأكبر بين دول العالم في معدلات زواج الاقارب ، وتزيد في الكويت على 40% من إجمالي الزيجات ، وتبلغ حوالي 49% في فلسطين ، و 38% في مصر، كما كشف الدكتور محمود علي آل طالب رئيس المركز العربي للدراسات الجينية في دبي أن عدد الأمراض الوراثية الناجمة عن زواج الأقارب التي تم رصدها بين المواطنين والمقيمين العرب في الإمارات وصل إلى 82 مرضاً من أصل 225 مرضاً وراثياً. وقال إن نسبة الزواج من الأقارب بين المواطنين في دولة الإمارات وصلت حسب الدراسات التي تم إجراؤها على عينات عشوائية من المواطنين إلى 54% في مدينة العين و40% في إمارة دبي و32% في أبوظبي. جريدة البيان 2005.
بينما تنخفض هذه النسبة كثيراً في الدول الغربية لتصل إلى 1-2 % من عدد الزيجات في أمريكا مثلا.
ولن نخوض في اسباب تفضيل زواج الاقارب لأن لكل شخص اسبابه، منها معرفة العائلة، الحفاظ على أسم العائلة، وثروتها، أو لمجرد أن الشاب أو الفتاة لم يعطوا الفرصة لاختيار شريك أخر، وهو ما يسمى بالزواج قصراً من ابن العم.
وللدخول في تفاصيل المشاكل الصحية الكامنة وراء زواج الأقارب يجب ان نعرف كيفية تكون الخلية الملقحة.
يتكون الجنين من اتحاد خلية ذكرية ( الحيوان المنوي ) مع خلية أنثوية ( البويضة ). وتحتوي كل خلية على 23 كرموسوم (صبغيآ). يتكون بعد الاتحاد ما يسمى بالخلية الامشاج التي تحتوي على 46 كروموسومآ نصفها من الأب والنصف الآخر من الأم . وبذلك فإن كل صفة من الصفات الوراثية التي تنتقل إلى الجنين يحددها مورثان : الاول من الأم، والآخر من الأب.
يحدث المرض الوراثي إذا كان هناك خلل في تركيب واحد أو أكثر من هذه الكروموسومات أو الصبغيات
إذا حدث الخلل نتيجة خلل بمورث واحد من الأثنين سمي المرض سائدآ ، أما إذا لم يحدث المرض إلا بوجود خلل في المورثين معآ سمي المرض متنحيآ.
يشترك الأخوة الأشقاء بنصف عدد المورثات ، وتقل هذه النسبة لتصل إلى الربع مع الأعمام، والأخوال، وإلى الثمن بين أبناء وبنات الأعمام والأخوال. وبذلك فإنه عند وجود جين معيب في الأسرة، فإن إحتمال إنتقاله إلى أبناء الأقارب المتزوجين تكون كبيرة.
المشكلات الصحية المنتشرة بين أطفال الأقارب :
- فقر الدم المنجلي وأنيميا البحر الأبيض المتوسط.
- يزداد معدل الولادة المبكرة بين أطفال الأقارب مقارنة بغيرهم من الأطفال.
- تزداد نسبة حدوث الامراض الخلقية و المشكلات الوراثية.
- وجد أن نسبة الحالات المرضية نتيجة للحمل وتوابعه تزداد عند السيدات المتزوجات من أقاربهن، كما أن نسبة التعرض للعمليات القيصرية تزداد كذلك.
ومع أن زواج الاقارب لا يسبب دائما الامراض الوراثية، بل يمكن أن تنتشر الأمراض الوراثية في المجتمع بين الأطفال بشكل عشوائي ، حيث يعتمد ذلك في الدرجة الاولى على نوعية المرض الوراثي، وعلى طريقة إنتشاره، وعلى نسبة إنتشاره .
أما رأينا فهو، إجراء الفحص الطبي قبل الزواج دائما، وخصوصا عند الزواج من احد الاقارب كإبن العم أو ابن الخالة و ابن العمة ، وكذلك عند وجود امراض وراثية منتشرة في المجتمع مثل فقر الدم المنجلي، والثلاسيميا ، أو أي مرض وراثي آخر.