المودة والرحمة أساس الحياة الزوجية كما تعلمنا من القرآن الكريم ومن الطبيعي حدوث بعض الخلافات بين الزوج وزوجته ولكن يجب الاحترام والتراحم بينهم حتى وقت الخلاف وإذا حدث وتطاول الزوج على زوجته وقت الخلاف سواء بإيذاء لفظي أو بدني فتشعر الزوجة بعدم قبول للعلاقة الحميمة فهل يجوز ذلك أم لا، سنتناول في هذا المقال حكم رفض الزوجة للجماع بسبب الزعل.
حكم رفض الزوجة للجماع بسبب الزعل
لا يجوز هجر المرأة فراش زوجها دون عذر استناداً لحديث لرسول الله ﷺ سيتم ذكره لاحقًا، إليك بعض النصائح لحياتك الزوجية كما علمنا الدين الإسلامي:
- العلاقة الزوجية علاقة مودة ورحمة ويجب احترام حقوق الزوج في المعاشرة ولا يجوز الهجر دون عذر حتى تزيد المحبة بينكما.
- يجب على الزوجة أن تتقي الله في زوجها وتتعامل معه معاملة طيبة ابتغاء لرضا الله.
- يجب أن تتحلى الزوجة بالحكمة والذكاء فلا تستخدم العلاقة الحميمة أداة للضغط على الزوج بل تجعلها رابط قوي للحب والصداقة بينها وبين زوجها.
حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب الزعل هو عدم الجواز، فلا يجوز الامتناع عن الجماع إلا في حالة المرض أو الحيض أو النفاس فإذا أغصب الرجل زوجته فتحتسب الزوجة صبرها عند الله وتعطيه حقه في الجماع وبالتأكيد ستؤجر عند الله على صبرها كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) {الزمر:10}.
كما يجب على الزوجة الصبر وقت الخلاف وعدم الامتناع عن زوجها في الفراش دون عذر، يجب أيضاً على الزوج حسن معاشرة زوجته كما في قول الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)[الروم:21] وقال صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" وقال أيضاً: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وخياركم خياركم لنسائهم" رواه الترمذي.
مفاهيم خاطئة حول حديث هجر الزوجة للفراش

يتحدث فقهاء الدين عن حرمة رفض الزوجة للجماع وهجر الفراش استنادا لقول النبي ﷺ والذي نوهنا عن ذكره أعلاه: «إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ، هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ»، وفي رواية: «حتَّى تَرْجِعَ». [مُتفق عليه] وبالتأكيد حكم رفض الزوجة للجماع بسبب الزعل كما بالحديث الشريف هو عدم الجواز، فلا يجوز هجر الزوجة لزوجها ولكن هذا لا يعني استغلال الأزواج للتعميم في كل الحالات وفيما يلي تلك المفاهيم التصحيحية حول الحديث النبوي لهجر الزوجة لفراش زوجها:
- لا يوجد أي دليل في هذا الحديث على جواز إيذاء الزوجة لفظيا أو جسدياً أو إساءة عشرتها وسوء الخلق والتغافل عن حقوقها وبعدها طلب معاشرتها.
- علاقة الزواج هي علاقة شرعية تقوم على الإنسانية والرحمة والدين هو قوامها وتبادل الاحترام أساس العلاقة والأمانة ومراعاة واحترام الخصوصية حتى وقت الخلاف فيجب التماس المشاعر الإنسانية في العلاقة وتبادل المشاعر أساس لإقامة العلاقة الحميمة فيجب أن يكون هناك تراضي ووفاق بين الزوجين.
- يجب الالتزام بالحقوق الزوجية فهي مرتبطة ومتشابكة فلا يجب على الزوج التقصير في حقوق زوجته ومطالبته لها بحقوقه وفي الحديث الشريف المذكور سابقا موجه للحياة الزوجية السليمة الذي يلتزم كل طرف فيها بحقوق الآخر.
- يجب عدم الحكم على المسائل التي لها أكثر من وجه وحال بنص واحد وإسقاط الحكم على كل الحالات المختلفة هو نهج خاطئ ومخالف لقواعد الفقه والعلم الديني.
- لا يجب الإفراط في حسن معاشرة الزوجة بأي شكل من الأشكال والاستدلال بالحديث الشريف المذكور لإجبار الزوجة على العلاقة بعد إساءة معاملتها، فحين حث الإسلام الزوجة على طاعة زوجها حث الزوج أيضاً على حسن معاشرة زوجته بقول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وقول رسولنا الكريم ﷺ: «استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا». [متفق عليه]
- ينهي شرع الله التقصير في الحق الشرعي لكلا الزوجين ويقصد بذلك أن يعف كل طرف الآخر بإشباع رغبته الجنسية لكن يجب أن تقنن تلك العلاقة بالمودة والرحمة فيما بينهما، فكما حرم الله هجر المرأة لزوجها في الفراش بدون عذر حرم أيضاً على الرجل هجر زوجته بدون عذر، وإن كان هناك خلافات زوجية تسبب امتناعهم عن بعض فيجب محاولة الإصلاح بقول الله تعالى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35] وقوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. [البقرة: 229]
لمعرفة حكم رفض الزوجة للجماع بسبب الزعل يجب جمع كل الأحكام والنصوص الشرعية التي تتعلق بالزواج في الفقه الإسلامي وجمع المعلومات للحالة المفتى فيها حتى نرى الصورة واضحة وكاملة ونعطي للسائل حكم صحيح فلا يجوز الاستناد في الحكم على فكرة واحدة يجب الإقرار بحقوق كلا الطرفين تجاه الآخر، أن الفقه الإسلامي مرن ومتكامل لا يخرج عن الفقيه حكم إلا بالنظر إلى القضية بأكملها ودراسة كل جوانبها.