المعالجة النفسية لأفكارك السلبية.. الحل لاكتئابك!

تاريخ النشر: 26 يوليو 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

كلمة الإدراك تعني "المعرفة أو التفكير" ولذا فإن العلاج الإدراكي يفهم على انه المعالجة النفسية للأفكار وببساطة يعمل العلاج الادراكي وفقا للفرضية بان الأفكار ،المعتقدات ، المواقف والتحيزات المستديمة تؤثر على نوع العواطف و درجة حدتها.  

 

ومن رواد العلاج الإدراكي الدكتور "آرون بك" الذي استخدمه في علاج الاكتئاب و قد قام بك و باحثون آخرون بتطوير طرق ووسائل لاستخدام العلاج الإدراكي لعلاج مشاكل نفسية أخرى مثل مشاكل الخوف، الغضب و إساءة استخدام المواد و حاز هذا النوع من العلاج على دعم كبير وخاصة فيما يتعلق بالاكتئاب.  

 

وتعتبر وجهة النظر التي تقول أن أفكارنا تؤثر على عواطفنا و سلوكنا أمرا جديدا و في الحقيقة فان أساس هذه الفكرة يعود إلى قدامى الفلاسفة الرواقيين و خاصة اكيبكتتس الذي كتب ان الرجال لا ينزعجون من الأشياء و حسب، بل من وجهة نظرهم بالنسبة اليها.  

 

وتشرح هذه النقطة، تخيل نفسك نائما في السرير حيث يوقظك صوت جسم يسقط آت من درجات البناية كيف سيكون شعورك اذا كان الصوت آت من شخص دخيل؟ يمكن ان تكون خائفا و قلقا و الان تخيل انك تذكرت فجأة ان لديك قطة صغيرة تضرب باي شيء يقع تحت نظرها كيف سيكون شعورك في هذه الحالة؟ بطبيعة الحال سوف لن تكون خائفا او قلقا بل يمكن ان تكون غاضبا او حتى محبطا بشأن ما يمكن ان تكون القطة قد كسرته.  

 

و تحوذ طبيعة مشاعرنا و أحاسيسنا بطريقة كبيرة بفعل الطريقة التي نفكر بها و في حالة المثال المذكور اعلاه( الخوف او الغضب) فان ذلك يعتمد بالدرجة الأولى على الكيفية التي فسر بها الصوت الذي سمعته.  

 

يعرف الاكتئاب بأنه حالة المزاج التي تأتي بسبب التفسيرات السلبية للأحداث.  

فمثلا تخيل ان شخصين انفصلا عن بعضهما البعض و يعيشان التجربة، وتخيل أن كليهما ينظر إلى نفسه و إلى العلاقة بطريقة تختلف عن الآخر..  

 

فالأول يفهم العلاقة على انها دليل على قيمته كشخص و لذا فان الانفصال يشكل دليلا على انه تافه وغير محبوب وعلاوة على ذلك فانه يعتبر عملية الانفصال نجمت بسبب خصائصه الغير محبوبة.  

 

أما الشخص الثاني فيعتبر العلاقة جزءا مهما من حياته و لكنه لا يعتبرها مساوية لأهميته و قيمته ويعتبر الانفصال كأمر حتمي نتيجة لعدم التوافق و بناء على ذلك يتبادر السؤال إلى الذهن من هو أحد هذين الشخصين الذي سيواجه الاكتئاب بعد الانفصال ؟ و الجواب على ذلك هو الشخص الأول.  

 

إن الاعتقاد على الأساس المذكور آنفا يؤدي إلى أحاسيس سلبية مثل الاكتئاب والقلق وبدوره لم ينكر الشخص الثاني بان العلاقة كانت مهمة ويمكن ان يكون قد شعر بالحزن والإحباط بعد الافتراق ولكن دون الغرق في الاكتئاب و يعود السبب في ذلك بان موقفه من عملية الانفصال كان واقيا ولم يستخدمه عقابا أو جلدا لذاته.  

 

وللاكتئاب أسباب عدة منها التغيرات البيولوجية التي تسبب الاكتئاب، المواقف السلبية المتعنتة، والحوادث المأساوية ولكن شيئا مشتركا بين المكتئبين يحدث بغض النظر عن السبب وهو التفكير السلبي والناس المكتئبين ينظرون إلى العالم بطريقة سلبية فقد ينظرون إلى المستقبل على انه كئيب ويعتبر العلاج الإدراكي نوعا من العلاج الذي تصممه لمساعدة الناس على تعلم تحويل ومراقبة طرق التفكير السلبية ومن ثم تعديل هذه الميول والتفكير بطريقة اكثر واقعية.  

 

وحين يتعلم المكتئب كيفية تحديد التفكير الأوتوماتيكي المشوش واستبداله بتفكير اكثر واقعية يمكن له حينها التخفيف من حدة اكتئابه وعلاوة على ذلك، فعندما يصبح الناس بارعين في تغيير الأفكار السلبية والمعتقدات، فإن إمكانية تعرضهم لنوبات اكتئاب في المستقبل تتقلص.  

 

وقد يبدو هذا بالنسبة للبعض أمرا مبسطا فقد يفكر الشخص، "لقد أصبت بالاكتئاب عدة سنوات و أنت تحاولي إخباري أن كل ما احتاج عمله هو التفكير الإيجابي وان الاكتئاب سيزول".  

 

ويمثل هذا الأمر الجواب الشائع الذي يقوله الناس حين يسمعون لأول مرة حول العلاج الإدراكي.  

 

أولا وعلى الرغم من أن الانطباع بان الأفكار التي تسبب الأحاسيس هو انطباع ابتدائي نسبيا فان عمليات معالجة المعلومات الحقيقية التي تحدث أثناء الاكتئاب هي بحق معقدة و من بين الأشياء التي اكتشفتها الدراسات حتى الآن هو أن مجرد التفكير الإيجابي لن يقلل من حدة الاكتئاب بطريقة نهائية وعلى الرغم من أن المكتئبين لا ينخرطون في عمليات التفكير الإيجابية، فأن الأفكار السلبية، المعتقدات و الافتراضات هي التي تقلب المزاج .  

 

ولكي يكون العلاج الادراكي فعالا، فان الأشخاص المكتئبين بحاجة إلى تحديد أفكارهم السلبية تجاه أنفسهم والآخرين كذلك يحتاج المكتئبون إلى تعلم مواجهة الأفكار السلبية بعد تحديدها و لذا فان التفكير الإيجابي والعلاج الإدراكي يساعد الناس على البعد عن التفكير السلبي و يحتاج هذا بالنسبة للبعض تعلم مهارات جديدة، مراقبة الأفكار، تحديد المعتقدات والمواقف و تعريضها لقوانين المنطق ومع الممارسة الكافية، تصبح هذه المهارات ناضجة.  

 

ولذا فان العلاج الادراكي يميل نحو التعليمي اكثر من أي شكل من أشكال العلاج غير الموجهة و العلاج الادراكي ليس بالطلقة السحرية.  

 

ولكي يستفيد الشخص من ذلك، يجب بذل الجهود في استخدام المهارات خارج العلاج و يرى البعض الجلسات الأولى للعلاج الإدراكي صعبة لان المهارات لا تؤدي إلى نتائج يتخلص فيها المريض من كافة الأعراض التي يعاني منها ففي البداية يشعر الشخص حين يراقب نفسه ويضع برامج لنشاطاته بعض الصعوبات ويعتقد أن ذلك لا يستحق الجهد الذي يبذله وكما هو الحال في تعلم لغة أجنبية، فكلما مارس الشخص ذلك اكثر و استخدم مهارات العلاج الإدراكي، كلما كان ذلك اكثر فعالية.  

 

ويمكن أن يشبه العلاج الادراكي بطرق عديدة بالمدرسة حيث ان الكثير من جوانب العلاج تتضمن أمورا تعليمية وكذلك واجبات منزلية لكن من الدقة اكثر ان نعتبر العلاج الادراكي ورشة تفاعلية._(البوابة)  

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن