الفئة العمرية.. وظاهرة الانتحار!

تاريخ النشر: 22 ديسمبر 2004 - 12:27 GMT
البوابة
البوابة

عندما يتعلق الأمر بالانتحار وفي الجهود المبذولة لمنعه تتصدر حالات الانتحار عند المراهقين موضوع النقاش، لكن الباحثين توصلوا إلى أن اكثر الفئات العمرية التي تقرر الانتحار في الولايات المتحدة الأمريكية هي فئة الكبار في السن خاصة الرجال الذين يقررون إنهاء حياتهم بعد تقدمهم في العمر. 

 

يضيف الأطباء أن المشكلة حتى الآن هي عدم التركيز على منع انتشار هذه الظاهرة ضمن هذه الفئة من كبار السن، حيث أن الانتحار يحتل المرتبة الخامسة عشرة في أسباب الوفاة عند الأمريكيين ضمن الفئة العمرية بين 65-74 مما يجعله مساويا للوفيات بسبب مرض الزهايمر ضمن نفس الفئة. 

 

بعد أن أوضحت الإحصائيات مدى عمق المشكلة تنصب الجهود الآن لمعرفة الأسباب التي تقف وراء انتشار هذه الظاهرة بين الأشخاص المسنين حيث يعزي بعض الأطباء هذه الظاهرة إلى عوامل ثقافية اجتماعية. 

 

يضيف العلماء أن العوامل الأساسية التي تقف وراء انتشار هذه الظاهرة هي العزلة الاجتماعية التي يعاني منها المسنين في الولايات المتحدة وفقدان الزوجة بسبب الوفاة وكذلك بسبب الاختلالات العقلية التي تترافق مع الشيخوخة. أي في العموم يقدم المسنين على الانتحار بسبب اليأس وقناعتهم أن الأمور لن تتحسن مع الوقت بل على العكس ستزداد سوءا. 

 

كذلك فانه عادة ما تأتي حالات الانتحار بعد إصابة المسن بالاكتئاب، حيث تحتوي الولايات المتحدة على 35 مليون شخص تتعدى أعمارهم الخامسة والستين ويقدر عدد المصابين منهم بالاكتئاب بحوالي مليوني شخص إضافة إلى وجود بوادر اكتئاب لدى خمسة ملايين آخرين. 

 

للوصول إلى حل ممكن لهذه الظاهرة تم دراسة سبب ارتفاع نسبة الانتحار عند الرجال مقارنة مع النساء في نفس الفئة العمرية وتبين أن النساء اكثر قدرة على خلق شبكة من العلاقات الاجتماعية توفر لهن الحماية النفسية من الإقدام على إنهاء حياتهن. 

 

حقيقة أخرى فاجأت العلماء وهي أن اقل نسبة انتحار في هذه الفئة العمرية كانت بين النساء ذوات البشرة السوداء حيث لم تسجل إلا 20 حالة انتحار لهن منذ عام 1998. 

 

هذا ومن جانب آخر، وحول علاقة بعض أدوية الاكتئاب بحالات الانتحار، أصدرت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية نشرة إرشادية للأطباء مؤخرا لتنبيههم بشأن التقارير التي نشرت حول إقدام بعض الأطفال والمراهقين على الانتحار بسبب تجربة بعض الأدوية المضادة للاكتئاب عليهم.  

 

في الولايات المتحدة، هناك دواء وحيد فقط تسمح به إدارة الدواء والغذاء لمعالجة الاكتئاب بين الأطفال وهو دواء "بروزاك"، ولكن الأطباء أحرار في وصف أي دواء غير محظور وهناك أدوية عديدة تحت التجربة.  

 

قالت الإدارة في بيان لها، "إن المعلومات المتوفرة لا تنم عن صلة بين استخدام هذه الأدوية وزيادة الأفكار الانتحارية أو الإجراءات من قبل الآباء".  

 

"ورغم ذلك ليس من الممكن في هذه المرحلة استبعاد وجود خطر متزايد لهذه الأحداث الكبيرة لأي من هذه الأدوية بما في ذلك الدواء المسمى باكسيل."  

 

وقالت إدارة الأغذية والادوية إن النشرات المصاحبة للأدوية المضادة للاكتئاب تحمل لغة تحذيرية حول احتمال محاولات الانتحار وأن ذلك يظل قائما ولذا ينبغي أن تكون هناك مراقبة حثيثة تترافق مع بداية إعطاء الدواء.  

 

وأضافت الإدارة أن لا أحدا يجب أن يتوقف عن أخذ العلاج بشكل مفاجئ وبكل تأكيد دون استشارة الطبيب. وقالت الوكالة إنها راجعت التقارير الخاصة بثماني أدوية للاكتئاب.  

 

كذلك قالت الإدارة إنها تعلم بالتقارير الطبية والصحفية حول محاولات الانتحار وحالات تمت بين الأطفال الذين يتلقون علاجا للاكتئاب. ولكنها أضافت أن من الصعب الجزم ما إذا كانت الأدوية سببت الانتحار بالفعل أم أن ذلك جاء بسبب الاكتئاب الذي يعتبر سببا رئيسيا للانتحار.  

 

من جانب آخر يقول الخبراء إن ما يصل إلى حوالي 750000 من المراهقين الأمريكيين يعانون من الاكتئاب و حوالي 500000 محاولة للانتحار كل عام. أما حالات الانتحار التي تسبب الوفاة سنويا فتصل إلى 1700 حالة.  

 

هذا ونشرت دراسة جديدة حاولت تحديد الأسباب التي‏ ‏تؤدي إلى ازدياد محولات الانتحار التي يقدم عليها الشباب في المملكة المتحدة.‏ ‏  

 

وتوصلت الدراسة الجديدة التي أنجزتها جامعة (بريستول) إلى تعيين ثلاثة أسباب‏ أكدت أنها تشكل دوافع حقيقية لانتحار الشباب ووضعت على رأسها انهيار الزواج ثم‏ ‏العيش المنعزل ومقاساة الوحدة وآخرها الحاجة.‏ ‏  

 

ووفق الدراسة فمنذ العام 1950 حتى اليوم تضاعف عدد الذكور المنتحرين الذين تقل‏ أعمارهم عن 45 سنة بينما قل عدد نظيراتهم من النساء المنتحرات.‏ ‏  

 

وتبين الدراسة أن نسبة الطلاق المتزايد في أوساط الشريحة العمرية المتراوحة ‏ ‏بين ال 25 وال 34 تشكل ابرز الأسباب المفضية بالشباب إلى الانتحار.‏ ‏  

 

وكانت دراسة أخرى أجريت في كوريا الجنوبية قد وجدت أدلة على أن مرضى الاكتئاب ‏ ‏الذين تنخفض لديهم مستويات الكولسترول "ربما يكونون اكثر ميلا للانتحار".‏ ‏  

 

وربطت دراسات سابقة بين انخفاض مستويات الكولسترول لدى مرضى الاكتئاب وبين‏ ‏الانتحار والعنف برغم أن المسالة مازالت موضع خلاف.‏ ‏  

 

وقدم باحثون من قسم الصحة النفسية في كلية الطب في كوريا الجنوبية النتائج ‏ ‏الجديدة في اجتماع للكلية الأوروبية لعلم أدوية الأمراض النفسية والعصبية.‏  

 

هذا بالنسبة للبريطانيين أما بالنسبة للأمريكيين، فقد حددت دراسة نشرت في مجلة علم النفس المهني التي تصدر عن الجمعية الأميركية لعلم النفس ثمانية عوامل خطرة للانتحار بين المرضى المصابين بالاكتئاب الحاد.  

 

ويعتبر الانتحار بين الأمريكيين الذين تترواح أعمارهم بين 15 – 44 عاما ثاني أبرز سبب للموت بين النساء ورابع أبرز سبب للموت بين الرجال.  

 

ووفقا للدعوة التي وجهها مدير الصحة الأميركي للعمل من أجل منع الانتحار فإن هناك حوالي 4,5 مليون شخص تم إنقاذهم من محاولات انتحار في جميع أنحاء العالم.  

 

وبغض النظر عن معدل انتشار هذه الظاهرة فإن تقييم خطر الانتحار بظل مسألة صعبة من الناحية الإكلينيكية ومهمة علمية غير مكتملة بالنسبة للقائمين على الصحة العقلية.  

 

وفي محاولة للتعلم من التجربة السريرية لعلماء النفس قام الباحثون بدراسة الحالات لدى 5000 من علماء النفس في جميع أنحاء الولايات المتحدة.  

 

وقد تم تقديم 48 عاملا خطرا للانتحار إلى المشاركين في الدراسة وطلب منهم إعطاء تصنيف لهذه الحالة من حيث الأقل أهمية، المهمة، الخطيرة أو الشديدة الخطورة.  

 

وكشفت الدراسة أن أهم العوامل خطورة لاتمام الانتحار (مرتبة حسب الأهمية).. كانت كالتالي:  

 

خطورة المرض في المحاولات السابقة للانتحار، تاريخ المحاولات السابقة، الأفكار الانتحارية الحادة، اليأس الشديد، الانجذاب نحو الموت، التاريخ العائلي نحو الانتحار، الاستخدام المفرط للكحول، وفقد عزيز أو انفصال عن حبيب.  

 

ومن جانبهم قام المشاركون في الدراسة بتصنيف الخطورة الصحية لمحاولات سابقة والتاريخ الماضي لمحاولات الانتحار بأنها أكثر العوامل خطورة. أما بالنسبة للتاريخ العائلي للانتحار فأشار الباحثون إلى أن من الأهمية بمكان تحديد الصلة بين المريض والشخص الذي حاول الانتحار من الناحيتن البيولوجية والعاطفية.  

 

أما في ما يتعلق بالدرجة المميتة للمحاولة، فإن خطورة العملية يمكن ربطها بالسرعة التي يمكن لمحاولة الانتحار أن تسبب بها الموت. فعلى سبيل المثال، من الممكن إنقاذ حياة شخص ما فقد دما بسبب قطع في أحد شرايينه أكثر من شخص آخر شنق نفسه._(البوابة)