دأب الاطباء منذ مدة طويلة على علاج الصدمات العصبية والنفسية مباشرة بعد الحوادث التي يتعرض لها بعض الاشخاص بما في ذلك حوادث الطائرات والاغتصاب وجرائم القتل الجماعي وغيرها .
ويعتقد الاطباء أن الشخص المصاب إذا قام بسرد ما حدث له أثناء الحادث يمكن ان يخفف من الحالات الآثار النفسية التي واجهها ، لكن علماء النفس البريطانيين يعتبرون ان هذا التدخل المبكر قد يزيد حالة "العبء النفسي ما بعد الصدمة" تفاقما ويؤدي الى ظهور مزيد من الاعراض على المريض .
ويفيد هؤلاء الاخصائيون أن الاسراع في الاستماع الى المصاب تذكره بما حدث له مجددا وتعيد الية المعاناة النفسية والجسدية التي واجهها اثناء الحادث.
فقد أجرى الباحثون في جامعة كارديف دراسة على 11 شخص تعرضو لصدمات نفسية مروعة واكتشفوا من 6 دراسات ان المصابين لم يستفيدوا من الاستطلاع المبكر عن الحادث .
وفي ثلاث دراسات اخرى اكتشف الباحثون نتائج ايجابية للعلاج النفسي المبكر لكنهم رأوا نتائج معاكسة في دراستين اخريين شملت اشخاصا تعرضوا لحوادث سير وحرائق .
واظهرت هاتين الدراستين ان الضحايا الذين اجرى الاخصائيون مقابلات معهم بعد ساعات قليلة من الحوادث تعرضوا لأعراض حالات "العبء النفسي مابعد الصدمة" من جديد بشكل أكبر من الضحايا الذين تمت معاملتهم برقة ولطف دون توجيه أسئلة لهم حول الحوادث .
وقد تمت مراقبة المرضى لمدة ثلاث سنوات بينما روقب المرضى في الدراسات التسع الآخرى قترات قصيرة .
من جانب آخر أجرت جامعة أوكفورد دراسة حول ضحايا حوادث الطرق لمدة سنتين وظهر بعد المراقبة الحثيثة أن الاشخاص الذين تمت مقابلتهم بعد الحوادث مباشرة تعرضوا لحالة "العبء النفسي مابعد الصدمة" بمعدل بلغ زيادة قدرها 50% عن غيرهم ممن تعرضوا للحوادث ولكن دون الخضوع لعلاج نفسي مبكر .
قال سيمون ويسلي من لندن نعتقد ان الكلام جيد ، ولكن ذلك لا ينطبق على كافة الحالات . وأضاف أنه يعتقد ان الحديث المبكر عن الحالة يساعد المرضى على ادراك انهم تعرضوا للصدمة . ولكن النتائج الجديدة ربما تحث الاخصائيين على إعادة النظر في العلاج النفسي المبكر طالما انه يؤدي الى نتائج عكسية .
من جانبها ترى زميلته سوزان روز ، أنه ينبغي على الطبيب تقديم المساعدة الى ضحايا الصدمات والاستماع الى رواياتهم بعد مرور شهور على الحادث .
ويستطيع الطبيب خلال هذه الفترة معرفة ما إذا كان المريض يعاني من كوابيس ومخاوف وتردد قبل مباشرة العلاج. وأشارت الباحثة الى أن بعض الدراسات أثبتت أن بالإمكان شفاء المريض من أعراض "العبء النفسي مابعد الصدمة" اذا بداء العلاج بعد اسابيع من الحادث الذي تعرض له وليس مباشرة بعده.
وفي دراسة سويسرية شملت 150 من ضحايا الجرائم المختلفة ولم يتم نشرها بعد، ظهر الحديث حول الحادث ضروري في مساعدة المصاب اتجاوز المشاكل النفسية .
ومن جانب آخر فأن على الطبيب المعالج أن يثق بمصداقية المريض وبخلاف ذلك فأنه يفقد ثقته ويؤثر الصمت على الحديث .
وفي رأي الباحث السويسري اندرياس ميركر الذي رأس الفريق الباحث ان المحيط الاجتماعي مهم جدا لنجاح العلاج._(البوابة)