الاسترخاء غير ممكن إلا في العطل!

تاريخ النشر: 27 يونيو 2005 - 08:39 GMT

خلصت دراسة شملت خمسة آلاف شخص تمت من خلال الإجابة على أسئلة عبر الإنترنت إلى أن ثلاثة أرباع النساء في ألمانيا و63 في المائة من الرجال أقروا بأنهم غير قادرين على الاسترخاء خلال أيام العمل وانهم لا يتمكنون من الاسترخاء إلا خلال عطلة نهاية الأسبوع.  

 

وبينت الدراسة ، إلى أن 19 في المائة من النساء و25 في المائة من الرجال في ألمانيا يعتبرون الاسترخاء جزءا مهما من حياتهم اليومية.  

 

هذا وحول موضوع التوتر أثناء العمل، فإنه ومع زيادة العرض في الأيدي العاملة على الطلب عليها ومع قيام الشركات بتسريح أعداد كبيرة من موظفيها لتحقيق أرباح أعلى، يبدو أن الموظفين الذين بقوا في أعمالهم يعانون من أيام عمل لا نهاية لها دون أخذ إجازات أو قسط من الراحة.  

 

ولذا فإن الموظفين هذه الأيام يواجهون توترا هائلا أثناء العمل. وعندما يشعر الموظف بعدم القدرة على مواجهة متطلبات عمله فإنه يصل إلى حالة من التوتر والإرهاق.  

 

يقول رونالد داوني، أستاذ علم النفس المهني والصناعي في جامعة كنساس، "كلما انكمش عدد الأيدي العاملة ، يتعرض الناس للتوتر وإذا استمر التوتر أثناء العمل على ما هو عليه، فإن هؤلاء الناس سيقعون في مأزق".  

 

وتبدأ المتاعب حين يتحمل الموظفون مسؤوليات أكثر من طاقاتهم ويفقدون السيطرة على متطلبات العمل. ويلقى العمل لساعات طويلة إضافية بظلاله على الحياة العائلية والعلاقات الاجتماعية، مضيفا الكثير إلى مستوى التوتر، بحسب ما يقوله الباحثون.  

 

من المعروف جيدا أن التوتر يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب، النوبات القلبية والأمراض العضوية الأخرى، كما يشير الباحثون .  

 

ومن أعراض التوتر المبكرة آلام الرأس ، حدة المزاج، الأرق، انحطاط المعنويات ، بحسب المعهد الوطني للسلامة . والصحة المهنية (NIOSH) . ووفقا لجمعية علم النفس الأميركية فإن آثار التوتر لا تقتصر على الصحة الجسدية .  

 

ففي الولايات المتحدة حيث تتوفر الإحصاءات بشكل كبير تقف المشاكل النفسية وراء 60 بالمائة من حالات الغياب عن العمل مما يكلف البلاد ما يربو على 57 بليون دولار سنويا.  

 

يقول الدكتور رون رستاك، خبير في وظائف الدماغ ومؤلف كتاب (The New Brain) "لا يتوفر للناس وقت كاف للقيام بالأعمال التي تطلب منهم".  

 

وبطبيعة الحال فإن كثرة المسؤوليات تؤدي إلى صرف الانتباه وعدم التركيز. ويقول رستاك "إن المرء لا يستطيع إنجاز عملين في نفس الوقت بنفس الكفاءة حين يقوم بعملهما بشكل منفصل. ويمكن أن يحصل الكثير من الحوادث وتنعدم الكفاءة نتيجة لذلك".  

 

وبحسب دورية الطب البيئي والمهني فإن التكاليف الصحية تزيد بنسبة 50 بالمائة بين العمال والموظفين المصابين بالتوتر.  

 

وفي اليابان هناك ما يسمى بالموت بسبب الإعياء. فقد ذكرت الحكومة اليابانية أن البلاد تعاني من 10000 حالة وفاة سنويا بين المدراء، كبار الموظفين والمهندسين الذين يموتون بسبب الإرهاق في العمل وهي نتيجة عرضية للكساد الاقتصادي الذي ضرب اليابان منذ مدة طويلة.  

 

ومن الصعب القول ما إذا كانت هذه الحالة وصلت إلى نفس المستوى في الولايات المتحدة ولكن عدد الموظفين والعاملين الذين أصيبوا بالتوتر بسبب العمل ارتفع بنسبة 45 بالمائة عام 2002 مقارنة ب 37 بالمائة في العام الذي سبق ، بحسب دراسة للمعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية.  

 

وقد ذكر حوالي 40 بالمائة من العاملين في الولايات المتحدة أن أعمالهم ووظائفهم تسبب توترا شديدا للغاية لهم بينما أن 25 بالمائة قالوا إن العمل هو العامل الأول في سبب التوتر الذي يواجهونه.  

 

يتفاعل كل شخص مع التوتر بطريقة مختلفة عن غيره، بحسب الدكتور جيفري كاهن، أستاذ علم النفس الإكلينيكي في جامعة كونل.  

 

يقول كاهن، "لا يعلم أكثر المصابين بالتوتر أنهم يواجهون المشاكل ولا يدركون أن الأشياء السيئة تدنو منهم".  

 

إن الغياب عن العمل ليس هبة على الدوام. يذهب الموظفون إلى العمل حين يخافون الغياب بسبب المرض وبدلا من ذلك يذهبون إلى أعمالهم ولكنهم يكونوا مصابين بتوتر شديد لدرجة أنهم لا يستطيعون الإنتاج، بحسب الدكتور ريتشارد شافيتز، رئيس شركة في شيكاغو توفر خدمات الأيدي العاملة.  

 

يقول شافيتز، "يدرك كثير من الناس أن من الأفضل الذهاب إلى العمل حتى لو نقصت إنتاجيتهم عن 100 بالمائة . ولكن إذا صرف انتباه هؤلاء فإن مستوى أدائهم سينخفض.  

 

يقول الباحثون ، إن قدرا كبيرا من المشكلة ينجم بسبب عدم وضوح الخطوط بين حياة العمل والحياة العائلية حيث أن العاملين مشدودين إلى أعمالهم بواسطة الهواتف الخلوية، البيجر والبريد الإلكتروني.  

 

وقد شعر 70 بالمائة من بين أكثر من 1500 شخصا شاركوا في دراسة أنهم لا يتمتعون بتوازن صحي بين عملهم وحياتهم الشخصية، وفقا لدراسة حول التوازن بين العمل والحياة أجرته شبكة True Careers على الإنترنت.  

 

يقول رستاك، "لم يعد هناك تخطيط. وعندما يغادر الناس أعمالهم بعد انقضاء اليوم، يكون الأمر قد انتهى. ويتردد المستخدمون الاتصال بموظفيهم في المنازل. لا أحد يشعر الآن أنه انتهى من يوم عمل حتى بعد عودته إلى المنزل".  

 

يقول البروفسور دواني إن الأبوين حين يعملان أو حتى واحد منهم فإنهما يكونان عرضة للإرهاق من العمل. ففي الماضي لم يساور الرجال القلق بشأن الوجبات الغذائية أو الأطفال.  

أما الآن فإن الرجال والنساء على حد سواء يقلقون بشأن الأطفال إذا أصيبوا بالمرض أو حتى كيف يصلون إلى أماكن اللهو واللعب.  

 

من جانب آخر، لا يؤدي التوتر في العمل الى الاعياء بين بعض المدمنين على العمل الشاق ، بحسب ما يقوله الخبراء . يقول الدكتور روش، رئيس المعهد الأميركي للتوتر، "بالنسبة لهؤلاء ، يعتبر ذلك إشارة إلى الشجاعة". "بعض الناس يستطيعون القيام بأشياء كثيرة في وقت واحد".  

 

حرروا أنفسكم من المكاتب  

 

في حين أن الموظفين والعاملين يعملون ساعات إضافية طويلة، أخذت تظهر إلى السطح كتب ونشرات حول الحياة العملية.  

 

وفي غضون ذلك تبذل بعض المؤسسات جهودا حثيثة لتخفيف أعباء العمل لديها من خلال دفع تكاليف دورات أثناء العمل أو خارجه لمساعدة الموظفين على التعامل مع أيام العمل الطويلة.  

 

يقول شافيتنز، "يؤدي الإعياء بسبب العمل إلى نقص الإنتاجية . إن المؤسسات الذكية هي تلك التي تستطيع الموازنة بين حاجاتها لزيادة الإنتاج ومعنويات مناسبة لموظفيها".  

 

ويقول جيفري فيفر، أستاذ في كلية إدارة الأعمال في جامعة ستانفورد، "إن على الشركات التي تريد المنافسة في الاقتصاد العالمي أن تتبع النموذج الأوروبي الذي يتميز بأيام عمل قصيرة وإجازات سنوية تصل إلى شهر كامل".  

 

ويضيف، "لا تتوفر أدلة تدعم الفكرة بأن ساعات العمل الإضافية ضرورية للنجاح أمام الشركات المنافسة. ولكن للأسف انطبعت في عقولنا المقولة بأننا كي ننجح في هذا العالم يجب أن نشغل أنفسنا بالعمل حتى الموت"._(البوابة)