تحترف الفيروسات فن التحول والتنقل بين الكائنات الحية بمختلف أشكالها. حيث بإمكانها أن تنتقل من الإنسان إلى الحيوان وبالعكس، وأحيانا تتم العملية عن طريق وسيط بحجم البعوضة مثل مرض حمى النيل، والأدهى من ذلك أنها قد تنتقل أيضا مباشرة دون وسطاء.
لقد حذر المسئولون عن الصحة العالمية، مطلع العام 2005، من احتمال ظهور أنفلونزا الطيور. وكان السيناريو المختصر لها انتشار وباء عالمي ينافس ذلك الذي انتشر عام 1918 والذي حصد حياة 20 مليون شخص حول العالم.
ولا يزال الباحثون يحاولون إيجاد طريقة لمنع انتشار مثل هذا الوباء. وكانت الحكومة الأمريكية قد أعلنت في شهر أب من العام 2005، عن توفر ملايين اللقاحات المضادة لهذه الأنفلونزا، بعد أن أظهرت الفحوصات فعاليتها. وأظهرت التحاليل بأن اللقاحات حفزت جهاز المناعة عند البالغين الأصحاء. بينما استمرت أبحاثهم على مدى فعاليتها على الأطفال وكبار السن.
تمتاز فيروسات أنفلونزا الطيور بالتعقيد، بسبب اختلاف أنواعها الفرعية وسلالاتها عن بعضها البعض بالمعنى الشامل. ولقد تم تصنيف هذه الفيروسات على أساس قوتها. حيث تمتاز الطيور المصابة بالفيروسات الأقل قوة بسقوط ريشها، وقلة إنتاجها للبيض، بينما تسبب الفيروسات القوية صعوبة في التنفس، والوفاة بنسبة 100 %، وفي بعض الحالات قد تموت هذه الطيور في نفس اليوم الذي تظهر به الأعراض.
ولا يدري العلماء أي هذه الأنواع الفرعية تصيب الإنسان، مع أن النوع القوي يبدو الأكثر مسبباً للمشاكل – وعدداً للوفيات – في الطيور أو البشر. وتبدو أعراض هذه المرض شبيه بالأنفلونزا التقليدية فيصاب المريض بالحمى، والسعال، والتهاب الحلق، وألم في العضلات والمفاصل، باستثناء أن أنفلونزا الطيور قد تسبب مضاعفات تؤدي إلى الوفاة. ومع عدم وضوح فترة الحضانة، يبدأ المرض بالظهور من 1- 5 أيام من لحظة التعرض للفيروس. وتبدأ عادة بالتهاب بسيط يصيب العيون.
ان السبب المباشر لانتقال هذا النوع من الفيروسات إلى الإنسان فهو تواجده على مقربة من هذه الحيوانات وخصوصاً الخنازير التي تصاب بإمراض الإنسان وبالتالي لديها القدرة على إصابة الإنسان بعدوى الحيوانات. ولكن بعض أنواع فيروسات الطيور لا تحتاج إلى طرف ثالث أو وسيط، بل أنها تقوم بتغيير مادتها الجينية والدخول إلى جسم الإنسان. وبذلك يصاب الإنسان بالمرض مباشرة من الطيور المصابة.
تحمل الطيور المائية المهاجرة والبط الفيروس وتنشره بواسطة برازهاـ أو لعابها، أو إفرازاتها المخاطية. فتصاب الطيور الداجنة مثل الدجاج، وطيور الحبش، والإوز بالعدوى نتيجة اتصالها مع هذه الطيور الحاملة للمرض، أما عن طريق شرب ماء ملوث أو تناول طعام ملوث بإفرازات هذه الطيور، كما يمكن الإصابة بالعدوى عن طريق استنشاق الفيروسات المحمولة بالجو تماماً مثل الإنسان. وتستطيع هذه الأنفلونزا أن تقتل أعدادا هائلة من هذه الطيور في يوم واحد.
كما ينتقل الفيروس بسرعة بين مزارع الدواجن عن طريق الأقفاص، والأحذية والملابس الملوثة. بالإضافة إلى الأسواق المفتوحة التي تبيع الطيور والبيض والتي غالباً ما تكون ضيقة و لا تراعي الشروط الصحية، وتعتبر مكاناً ملائماً لنشر الأمراض والالتهابات بين الطيور والناس. كما أن مصارعة الديوك التي تلقى رواجاً واسعاً في أسيا، اعتبرت من مسببات انتقال عدوى الأنفلونزا حيث تهرب هذه الديوك عبر الحدود ولمسافات طويلة، وقد تكون هذه الطيور حاملة للمرض مما يشكل انتشاراً اكبر لرقعة المرض، كما تم الإبلاغ عن إصابات بالأنفلونزا لأشخاص قاموا ببساطة بلمس الطيور المصابة أو الديوك المصارعة.
مخاطر الإصابة
يعتبر اكبر خطر لاحتمال الإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور، هو لمس الطيور المصابة أو الأسطح الملوثة بريشها أو لعابها أو برازها. وقد أكدت منظمة الصحة العالمية بأن فرصة انتقال الأنفلونزا من شخص لأخر ضئيلة. ولحين تكاثر أعداد الإصابة بالعدوى بين البشر، تشكل الطيور والأدوات الملوثة الخطر الأكبر.
ويبدو النمط البشري في انتقال العدوى غامضاً، حيث يشكل الأطفال أعلى نسبة من الإصابة بالعدوى، ويعلل المحللون ذلك بأن الأطفال أكثر عرضة لاستنشاق الهواء الملوث بالغبار وبقايا براز الطيور المصابة. ومن جهة أخرى، لم يصب العمال الآسيويون الذين ساهم في تنظيف دجاج مصاب بالمرض رغم عدم ارتدائهم للملابس الواقية. ولهذا الحد، فقد أصابت الأنفلونزا عدداً قليلاً جداً من الأشخاص لنحدد عوامل الخطورة المحتملة لهذه الانلفونزا.
متى تستشيرالطبيب
قم باستشارة طبيبك إذا شعرت بأعراض الأنفلونزا، وكنت قد سافرت إلى بلد تم الإبلاغ عن وجود حالات من أنفلونزا الطيور به، أو قمت بزيارة مزارع للدواجن أو كنت في أسواق مفتوحة لبيع الطيور.
يمكن للطبيب أن يفرق مباشرة بين الأنفلونزا العادية وأنفلونزا الطيور، ولكن الفحوصات لا تستطيع أن تفرق بين أنفلونزا الطيور أو احد أنواع الأنفلونزا (أ) .
المضاعفات
يعاني معظم الأشخاص المصابون بأنفلونزا الطيور من أعراض الأنفلونزا العادية، ويمكن أن يتطور الأمر عند بعض الأشخاص إلى حالة تهدد حياتهم، مثل الالتهاب الرئوي الحاد، أو صعوبة التنفس المزمنة، حيث تمتلئ حويصلات الرئة بالماء بدل الهواء وبالتالي يصابون بمشكلات خطيرة في التنفس.
العلاج
ينحصر العلاج حالياً بتناول عقار (تامي فلو) المضاد للأنفلونزا، والذي يعمل على منع الفيروس من الانفلات من الخلية المضيفة. ولم تظهر مدى فعالية هذا العقار في مقاومة فيروس (أ) H5N1، فقد أظهرت الدراسات المبدئية أن فيروسات الأنفلونزا يمكن أن تزيد مقاومتها بسرعة. وأكثر من ذلك، يجب تناول العقار خلال يومين من ظهور الأعراض، مما يبدو غير منطقي إذا ما تم على مستوى عالمي. كما أن العقار باهظ الثمن، ومتوفر بكميات قليلة. فكيف سيتم توزيع العقار على مدى واسع في حالة الإصابة بوباء عالمي.
الوقاية
للوقاية من الإصابة بأنفلونزا الطيور أوجه متعددة، تشمل إجراءات التحكم بالطيور المصابة، الوقاية من الطيور الجديدة، واستخدام الطيور المتوفرة بحذر:
في حالة التحكم بالطيور المصابة والوقاية من الطيور الجديدة:
التخلص من الطيور المصابة فوراً: منذ عام 1997، وعندما ظهرت أول حالة لإصابة الإنسان بأنفلونزا الطيور تم التخلص من الدجاج المصاب أو الذي تعرض للتلوث. كما تم فرض حجر صحي على مزارع تربية الدواجن، وعلى الرغم من التساؤل حول ذبح أو قتل الدجاجات المصابة، إلا أن أغلبيتها تم حرقه أو دفنه. وتقول منظمة الصحة العالمية أن هذا الإجراء يعتبر أفضل خط دفاع لمكافحة الفيروس.
أما بالنسبة للطيور الداجنة المتوفرة حالياً:
تجنب تناول الدجاج بشكل خاص.
شراء الدجاج من تاجر موثوق به.
تنظيف الدجاج أو الطيور بشكل جيد، لان الدجاج قد ينقل أمراض أخرى مثل السلامونيلا.
طبخ الدجاج على درجة حرارة 180 فهرنهايت.
تجنب تناول البيض الني أو غير المطهو كاملاً.