تعتبر الجسور نقطة اتصال تجمع بين الأماكن الداخلية والخارجية للمدن والبلدان، ومدينة اسطنبول من المدن الحضارية التي بها نهضة عمرانية واسعة حيث تحتضن العديد من الجسور الهامة والتي تعد من أشهر الجسور المعلقة في العالم، وأغلب جسور اسطنبول ركزت على فكرة تعزيز الاتصال بين طرفي المدينة الأوربي والآسيوي وتقريب المناطق من بعضها وتوسيع مجال تحرك السيارات والقطارات الحديدية، وفي مقالنا هذا سنتعرف على أهم تلك الجسور مع مواصفاتها المميزة وتاريخها وموقعها الجغرافي ضمن مدينة اسطنبول فانضموا الينا.
أشهر جسور اسطنبول
من المعروف بأن لمدينة اسطنبول موقع جغرافي مميز كونها تضل بين قارتي آسيا وأوروبا عبر مضيق البوسفور ومنذ القدم جرت محاولات عديدة لوصل قسمي المدينة عبر جسور خشبية وحديدية وحجرية، ولذلك فإن جسور اسطنبول لها تاريخ حافل يمتد منذ نشوء الإمبراطورية العثمانية وحتى نشوء الدولة التركية الحديثة وتحولت بعض هذه الجسور لمعالم سياحية بارزة تجذب الزوار والسياح من كل أنحاء العالم، إضافة إلى مساهمتها في تنظيم حركة السير للسيارات والقطارات وتخفيف حالة الازدحام في المدينة، وفيما يلي أهم هذه الجسور:
1- جسر جالاتا في اسطنبول
المعروف أيضًا بجسر امينونو وهو من الجسور الحجرية المتينة التي تربط بين الضفة الشمالية والجنوبية المتمثلتين بمنطقة أمينونو وكاراكوي في خليج القرن الذهبي باسطنبول، وهو من الجسور في اسطنبول القديمة والتي يعود تاريخها للعهد العثماني في زمن السلطان عبد المجيد الثاني، حيث أنشئ الجسر لأول مرة عام 1845م وكان يدعى بجسر اسطنبول الجديد وصنع من الخشب ومن ثم تعرض للتلف فقام أمير البحرية آنذاك والذي يدعى بحسن أحمد باشا بإعادة بنائه عام 1863م، وتم استبداله بعد 37 عام بجسر حديدي متين وثقيل مع مرور أول قطار كهربائي على هذا الجسر عام 1914م الذي يعمل بين حي أمين أونو وحي قره كوي.
وفي عام 1987م تم البدء بإنشاء جسر جديد إلى جانب الجسر القديم والتاريخي، ولقد تعرض الجسر للكثير من التجديدات والترميمات وكانت آخر محاولة لترميمه عام 1992م، والجسر من جسور اسطنبول الجميلة والمتحركة ويبلغ طوله 490م ويكون مضاء بالأنوار ليلاً مما يبرز جمال مدينة اسطنبول مع توافد العشاق لمشاهدة البحر وعيش الأجواء الرومانسية على متن هذا الجسر، ويستطيع الناس التجول بحرية فوق الجسر وتأمل مدينة اسطنبول على جانبيه، ومشاهدة السفن والبواخر الجميلة الموجودة في ميناء أمينونو، إضافة لذلك يستمتع الناس برؤية الصيادين الذين يصطفون لصيد السمك.
ويزدحم الجسر في فترة المساء حيث تبدو الأضواء وكأنها مصابيح، ويتهافت الناس إليه لزيارة المطاعم البحرية وتناول وجبات السمك الشهية في القسم السفلي من الجسر مع الاستمتاع بتناول شطائر السمك والذرة والآيس كريم وغيرها من الوجبات الخفيفة المسلية.
2- جسر البوسفور اسطنبول
يعرف جسر البوسفور باسم جسر تركيا أو الجسر الأول للبوسفور، وهو أحد أشهر جسور اسطنبول المعلقة التي تربط بين قارتي آسيا وأوربا، ويمتد بين منطقتي أورتاكوي الأوربية وبيليربي الآسيوية ضمن مدينة اسطنبول ويعد مثالاً للحضارة والهندسة المعمارية الحديثة، وأحد أهم أماكن سياحية في اسطنبول القائمة على مضيق البوسفور، ولقد بدأت المحاولة الأولى لإنشاء الجسر عام 511 قبل الميلاد عن طريق إقامة جسر مؤقت من القوارب لنقل الجيش بالكامل الى الجانب الآخر من البحر، وأراد السلطان عبد الحميد بناء الجسر فيما بعد تبني الفكرة ولكن لم يوفق في ذلك إلى أن بدأت عملية البناء في عام 1970م بتصميم من المعماري ويليام براون، وبمشاركة شركة إنكا التركية مع العديد من الشركات الأجنبية.
وبعد 3 سنوات تم الافتتاح الرسمي لهذا الجسر الرائع ضمن مواصفات رائعة، حيث يرتكز الجسر على أبراج مصنوعة من الحديد الصلب ودعامات أرضية مائلة معلقة بكابلات، وبطول 1560 متر وعرض 33,40 متر وارتفاع عن منسوب البحر 64 متر، وارتفاع كلي للأبراج 165 متر، ولقد أطلق على جسر البوسفور اسم جسر شهداء 15 يوليو تخليداً لذكرى القتل التي حدثت عند مقاومتهم ضد محاولة الانقلاب عام 2016م، ويظهر الجسر الذي يتصدر أسماء الجسور في اسطنبول كلوحة فنية رائعة عند شروق الشمس حيث يتيح مشاهدة أجمل مناظر مدينة اسطنبول التركية من بيوت وغابات ومناطق أثرية، أما في المساء تندمج أضواء البوسفور مع أضواء السماء في مشهد خرافي وشاعري للغاية، وبقرب الجسر تجد منطقة مليئة بالمطاعم مع أماكن ترفيهية مناسبة للحياة الليلية.
3- جسر السلطان محمد الفاتح
يطلق عليه اسم جسر البوسفور الثاني، وهو أحد جسور اسطنبول الثلاثة إلى جانب جسر شهداء 15 يوليو وجسر السلطان سليم الأول، ويقع الجسر على مضيق البوسفور بين منطقتي كافاجيك وحصار أوستو ويربك بين طرفي المدينة الأوربي والآسيوي، وسمي الجسر نسبة إلى السلطان محمد الفاتح الذي فتح اسطنبول وحررها من الإمبراطورية البيزنطية سنة 1453م، ويعد من أطول جسور اسطنبول المعلقة عالمياً.
ويحوي الجسر على برجين من الحديد الصلب مع مسافة بينهما تبلغ 1090 متر وارتفاع 105 متر وارتفاع عن سطح البحر 64 متر، ووضع حجر الأساس لبناء جسر الفاتح عام 1986م ليتم افتتاحه سنة 1998م، ويبلغ طول الجسر 1510 متر، ويحتل المركز 14 كأطول جسر معلق في العالم، ولقد تم تصميم الجسر من قبل شركة فريمان فوكس وتولى العمل ائتلاف عالمي مكون من شركة يابانية وإيطالية وتركية بتكلفة وصلت إلى 130 مليون دولار امريكي.
ولقد ساعد الجسر في تخفيف حالة الازدحام في حركة السير اليومية، ويعد من أفضل جسور اسطنبول بسبب وجود كتلة فولاذ ضخمة في الإنشاء مع الإضاءة الجميلة والقوية في الليل التي تنعكس على مضيق البوسفور في جو خلاب مع إمكانية مشاهدة حركة السفن والقوارب في البحر.
4- جسر السلطان سليم الأول
يحتل جسر السلطان سليم الأول رقم ثلاثة في عدد جسور اسطنبول التي تم تشييدها على مضيق البوسفور لربط قسم اسطنبول الأوربي بالآسيوي، ويمتاز بكونه جسر اسطنبول الأكبر في العرض على مستوى العالم، وتم البدء في بنائه عام 2013م بترخيص لشركة اتشتاش واستالدي، وتم وضع حجر الأساس بحضور الرئيس التركي عبدالله غول ليفتتح رسمياً عام 2016 م.
ويبلغ طول الجسر حوالي 2164 متر وعرضه 56 متر، وللجسر 10 مسارات منها 2 للسكك الحديدية و8 للسيارات، ويتوسط الجسر برجين بطول 322 متر، ولقد ساهم في البناء حوالي 6500 عامل تحت إشراف 600 مهندس، ويوفر الجسر خدمة يومياً لحوالي 135 ألف سيارة، وبلغت تكلفة إنشائه حوالي 3 مليارات دولار، وسمي الجسر بجسر يافوز السلطان سليم الأول تكريماً له كونه السلطان الذي قام بتوسيع الإمبراطورية العثمانية باتجاه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
5- جسر أتاتورك
يعود تاريخ جسر أتاتورك إلى عام 1863م في عهد السلطان محمود الثاني، وكان عبارة عن جسر خشبي بهدف توفير المال على الناس ومصاريفهم في الانتقال عبر القوراب، وكان يطلق عليه جسر اليهود ويبلغ طوله 400 متر وعرض 10 متر، وفي عام 1876م تم إعادة بناء الجسر من الحديد والذي أشرفت عليه إحدى الشركات الفرنسية وبلغ طوله 480 متر وعرض 18 متر بتكلفة 135000 ليرة ذهبية، وأطلق عليه جسر أونكاباني وظل بالخدمة إلى عام 1912م، ومن ثم أعيد البناء بشكل متين للجسر بين عامي 1936م و1940م وأطلق عليه جسر أتاتورك عام 1935م نسبة إلى مؤسس الدولة التركية مصطفى كمال أتاتورك بطول 477 متر وعرض 25 متر ليكون أحد أشهر جسور اسطنبول في القرن الذهبي التي تربط بين حي الفاتح وبايوغلو.
6- جسر محطة مترو خليج القرن الذهبي
تم بدء تشييد الجسر عام 2009م وافتتح عام 2014م ليكون من أهم جسور اسطنبول منطقة القرن الذهبي حيث خصص لحركة مترو جولدن هورن M2 الذي يربط بين منطقتي كاراكوي وكويوك بارازي، والجسر قوسي تم تدعيمه بمجموعة كوابل واستخدمت في انشائه أحدث أساليب التكنولوجيا كونه أول جسر تمر عبره محطة مترو، ويتم فتحه وغلقه أفقياً على عكس جسور اسطنبول الأخرى لضمان سهولة عبور السفن الضخمة المارة عبر خليج القرن الذهبي مع مراقبة على مدار اليوم بوجود حساسيات ثلاثية الأبعاد مثبتة على الجسر، ويبلغ طول الجسر بالكابلات حوالي 936 متر وعرض 12,6 متر مع مسارين للسكك الحديدية، والجسر متين ومدعم بحوالي 27 دعامة، ويعلق بكوابل قاسية تتدلى عبر برجين من الصلب، ويفتح الجسر مرة واحدة كل أسبوع في الصيف ومرتين في الأسبوع خلال الشتاء.
7- جسر حليش
يربط الجسر بين أحياء الشمال الغربي والجنوب الغربي في اسطنبول، ويصنف ضمن جسور اسطنبول القرن الذهبي الجميلة، وتم تشييد الجسر عام 1974م من قبل شركة ألمانية ويابانية بطول 995 متر وعرض 32 متر وارتفاع 22 متر عن سطح البحر، ويسمى بجسر طريق الحزام الداخلي في اسطنبول حليش.
8- جسر كانوني السلطان سليمان
يقع الجسر في الجانب الأوربي في اسطنبول في منطقة بويوك شكمجة، وهو من جسور اسطنبول المقوسة التي بنيت خلال الفترة العثمانية عام 1566م من قبل المعماري المشهور معمار سنان الذي عمد إلى ضخ المياه من بحيرة بويوك ووضع حوالي 40000 من الحجارة لتحل مكانها، والجسر مكون من 28 امتداد وله 4 اقسام ليكون شريان اتصالات وجسر طريق عريض لجانبي البحر، وتحول لمعلم تاريخي ورمز سياحي هام في اسطنبول.
في ختام مقالنا تم التعرف على أهم وأشهر جسور اسطنبول القديمة والحديثة، والتي ساهمت في وصل جانبي اسطنبول الأوروبي والآسيوي وتسهيل حركة المرور للسيارات ومحطات المترو، وعند زيارتك لتلك الجسور ستحظى بمشاهدة جمال مدينة اسطنبول ومضيق البوسفور ومنطقة القرن الذهبي فلا تفوت الفرصة.
