أشهر وأقدم مساجد بورصة التي يُنصح بزيارتها

تاريخ النشر: 16 مايو 2023 - 05:47 GMT
مساجد بورصة

لا تحتاج مدينة بورصة إلى التعريف بها؛ لأنها من المدن الفريدة برموزها السياحية المضيئة في تركيا، واستنادًا إلى هذا فهي تستقطب السائحين من كل حدب وصوب بل وحتى سكانها المحليين لزيارة معالمها السياحية الشهيرة التي يتمثل معظمها في المتنزهات المليئة بالمساحات الخضراء ومراكز التسوق والمتاحف، وقلما يتم توعية الزوار بأشهر مساجد بورصة على الرغم من كونها أهم الوجهات السياحية والتاريخية التي يجدر زيارتها؛ لذا سنطلعك على أفضل وأهم المساجد في بورصة التي ينبغي وضعها في الاعتبار فور قدومك لتلك المدينة.

أشهر مساجد بورصة

في هذه الرحلة سنأخذك في عالم مليء بالمعالم التاريخية الإسلامية التي لا تزال منتصبة منذ القرون الأولى رغم كل ما مرت به من الحروب في الحقب المختلفة والكوارث الطبيعية، فقد كانت تحفًا فنية تحمل تراثًا عريقًا بداخلها، ألا وهي مساجد بورصة الشهيرة المتمثلة في الآتي:

1. مسجد أورهان غازي

مسجد أورهان غازي

يعد من أقدم المساجد ببورصة التي أنشئت منذ ستة قرون مضت، وما زال قائمًا حتى الآن بعد ما واجهته بورصة من الزلازل والحروب على مر العصور ليعلن عن رمز من رموز الدولة العثمانية التي يُفتخر بها، ومع ذلك فهو لم يحظَ بشهرة واسعة مقارنة بباقي مساجد بورصة الأحدث منه، فزيارتك لهذا المسجد ستكون فريدة من نوعها بعدما تشاهد أحد أهم البناءات العثمانية المبكرة، فقد أُنشئ بأمر من السلطان أورهان غازي أبي السلطان بايزيد الأول بين عامي 1339م و1340م، وكان قد تعرض لضرر في عام 1413م، وتم ترميمه عام 1417م.

من الجدير بالذكر أنه يقع في منطقة عثمان غازي يحيطه المعالم التاريخية الشهيرة نحو ميدان الساعة والضريح الأخضر وتلة بورصة، يتألف المجمع الذي يقع فيه من مدرسة ومسجد ومطبخ ونزل وحمام، ويتميز المسجد بتصميمه الهندسي على شاكلة الطراز العثماني الذي يظهر فيه العديد من الزخارف على هيئة نجمة والنقوش العثمانية والآيات القرآنية المزينة لجدران المسجد، ولا يزال حتى وقتنا الحالي يُلبى فيه نداء الله عز وجل للصلاة.

2. جامع اولو في بورصة

 جامع اولو في بورصة

يجب ألا تخلو تجربة السياحة في بورصة من زيارة مسجد أولو أي المسجد الضخم، وهو مستلهم من جبل أولو شاهق الارتفاع، والذي عُرف باسم مسجد بورصة الكبير أيضًا؛ إذ يمتد على مساحة خمسة آلاف كيلومتر مربع ليبهر جميع الناظرين إليه بتصميمه الذي لم يسبق له مثيل في تركيا، ولهذا فهو من أشهر المساجد في بورصة التي تحمل أسرارًا عجيبة، أما عن المسجد الكبير فقد بُني بسبب نذر السلطان بايزيد الأول! ستندهش أكثر فور معرفتك لقصة بنائه.

ففي عام 1396م هاجم ملك المجر وجيشه قلعة نيكوبوليس التي كانت تابعة للعثمانيين آنذاك، فقام السلطان بايزيد الأول أو كما يُطلق عليه بايزيد الصاعقة بتجهيز جيش لحماية القلعة وصد أي اعتداء موجه من ملك المجر، وقد نذر في دعائه أن ينشئ عشرين مسجدًا إذا ما تم له النصر على أعدائه، وقد كان ما أراد بالفعل، وبعد عودته إلى بورصة عزم على تنفيذ نذره، ولكن اقترح عليه مستشاره وشيخه أن ينشئ مسجدًا كبيرًا يحمل عشرين قبة بدلاً من إنشاء عشرين مسجدًا صغيرًا، وبالفعل هذا ما حدث.

تم تأسيس مسجد أولو الكبير في وسط مدينة بورصة على شكل مستطيل في القرن الرابع عشر، وتميز بقبابه العشرين التي اتخذت أربعة صفوف أفقية، بحيث يحوي الصف منهم على خمس قباب مسندة إلى 12 عمودًا، وغُلفت القبة الوسطى بالزجاج لتكون منارة للمسجد حينما تسمح بدخول أشعة الشمس إليه، ويرجع ذلك التصميم الهندسي الرائع للمعماري الشهير علي نجار الذي بدأ في تنفيذه بعد مائة عام من حكم الدولة العثمانية، وداخل هذا المسجد يمكنك رؤية أقدم المعالم الأثرية التي تتمثل في منبر المسجد المكوّن من نافورة وست آلاف وستمائة وست وستين نقشة محفورة لتشير بمنظرها البديع إلى الكون ومجموعته الشمسية.

ستجد في الفناء الداخلي للمسجد خمسة وأربعين مخططًا وسبع وثمانين لوحة مرسومة باستعمال مائة واثنين وثلاثين خط عربي مختلف، وقد حفظت بها سبع وأربعون آية منها آية الكرسي التي خُططت بثلاثة أنماط من الخطوط، بالإضافة إلى ثلاث سور قرآنية وبعض الأحاديث الشريفة وأسماء الله الحسنى المعلقة على جدران المسجد، والتي أضافت إليه طابعًا إسلاميًّا بحتًا، فضلاً عن النقوش الموجودة في المحراب، ولكنها كانت كثيرة التغير من حقبة لأخرى، حيث كان المحراب من أكثر الأركان في المسجد التي تأثرت بالتحطيم المتكرر إثر الكوارث الطبيعية والحروب، إنه لأمر ممتع أن تقف أمام صرح عظيم ما زال يحمل في طياته بقايا التراث الإسلامي، فلا تفوت زيارته.

3. الجامع الاخضر بورصة تركيا

الجامع الاخضر بورصة تركيا

هو ثالث مسجد عثماني تم بناؤه بعد أشهر مساجد بورصة تركيا التي تتمثل في مسجد أورهان غازي ومسجد أولو المذكورين أعلاه، ولعلك أصبت حينما في اعتقادك بأن هذا المسجد بناه حفيد أورهان غازي وابن بايزيد الأول، فقد بناه السلطان محمد الأول بعد عهد الفترة التي تلت وفاة أبيه ليكون له شهرة واسعة مثل مسجد أبيه الضخم، وفي الحقيقة لم يكن مسجدًا فحسب وإنما كان قصرًا حكوميًّا أيضًا، يتميز بهيئته التي مثلت نهضة تاريخية كبيرة في العصر العثماني، حيث اتخذ بناؤه شكل حرف (T) المقلوبة، وقد كان طرازًا معروفًا في الفترة التي أُنشئ فيها، وحوى قبتين كبيرتين، وهو يتألف من طابقين بهما غرف سكنية لنزول المسافرين وركن معد لإطعام القاصدين إليه وآخر مخصص للإيواء والعبادة، ومن المرجح أنه كان مسجدًا كبيرًا يسع ألفين مصلٍ.

تأتي تسمية المسجد بالجامع الأخضر نسبة إلى طغيان اللون الأخضر على النقوش التي كانت تزين جدرانه الداخلية إضافةً إلى البلاط الخزفي وزخارف البناء الخارجي والسجاد الأخضر المفروش به وقبابه أيضًا، ولكن تم تبديلها لتصبح باللون الرمادي في الوقت الحالي، وقد تميز بتناسق عناصر الرسومات اليدوية التي زينت هذا الصرح التاريخي العظيم، حيث زُينت نوافذه بالزخارف المتنوعة وأشكال النباتات والزهور والأشكال الهندسية التي انتهى تنفيذها بعد بناء المسجد بأربع سنوات؛ إذ تم إنشاؤه عام 1420م، وانتهت زخارفه عام 1424م، فبجانب أنه أُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي يعد من أفضل الأعمال الفنية على الإطلاق.

4. مسجد أمير سلطان

مسجد أمير سلطان

ما زالنا لم نخرج عن نسب السلطان بايزيد الأول، فهذا المسجد العظيم ينتمي إلى المفكر الإسلامي الجليل شمس الدين محمد بن علي المُلقب باسم أمير سلطان، وهو زوج ابنة السلطان بايزيد الأول (خوندي فاطمة سلطان خاتون)، تم بناؤه في القرن الرابع عشر وأُعيد بناؤه عدة مرات، فكانت آخر مرة تم تأسيسه بها عام 1868م، يتميز المسجد ببنائه الهندسي المتأثر بالطراز الباروكي مكونًا من قبة واحدة ومئذنتين حجريتين وشرفات مدعمة بأعمدة من خشب الزان وفناء واسع ونوافذ عظيمة.

يختلف هذا المسجد عن مساجد بورصة الأخرى في أنه يضم ضريحًا بداخله على جانبي الفناء والنافورة عند المدخل، وقد دُفن فيه أمير سلطان وخوندي فاطمة زوجته وابنتيهما وابنهما أمير علي، وذلك في آخر الفناء الخلفي الخارجي، يتفرد كذلك بانتشار النوافير التاريخية حوله، والتي يعود أعرقها إلى عام 1743م.

عرضنا لك أشهر أربعة مساجد من مساجد بورصة الشهيرة، والتي كانت خير نماذج للعمارة العثمانية المعتمدة على الطراز الباروكي الذي تمثل في الزخارف والنقوش العثمانية المنتشرة على الجدران الخارجية والداخلية للمساجد، فإن كنت شغوفًا بمعرفة التاريخ الإسلامي والاطلاع على التصاميم الهندسية للدولة العثمانية في تركيا يكفيك زيارة هذه المساجد.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن