قال الفتى العائد من وراء الكثبان الرملية العالية، محاولاً جهده التقاط أنفاسه: إن النهر هناك.
لم يستطع أي من أعضاء القافلة التائهين في صحرائهم، بعدما نهش العطش عروقهم اليابسة، وطفقوا يستنشقون اليأس ويزفرون الأمل كأسماك على وشك لفظ أنفاسها الأخيرة، أن يصدق.. أن النهر الذي قصده الفتى، كان حقاً هناك.
**
وعدهم ألا يقول إلا صدقاً، ويكون نهجه الإصلاح، وألا يتخذ قراراً ليس فيه مصلحتهم، ويحافظ على لقمة خبزهم، وحين استدار ومضى، مستقلاً سيارته الفاخرة، تساءل رهط من الحاضرين، إن كان ظله ما يزال مكانه، ممسكًا بالميكرفون.
**
لم يكن قادراً على تمييز طعم العفن في فمه، فقد تراجعت قدرته على التذوق منذ زمن، وتحديداً حين آخذ يتقدم في العمر، لكنه استشعر رغم ذلك خطباً في الخبز.
نظر بعين كليلة إلى ابنه، موشكاً أن يسأله عن الأمر، بيد أن الولد سارع للقول: كل يا أبي!