قد لا يكون بيتر هيلوود رئيس نادي آرسنال الوحيد الذي سيدخل المستشفى جراء أزمة قلبية هذا الموسم، إذ إن الكثير من مشجعي الغانرز قد يعانون من أمراض القلب جراء النتائج الكارثية لفريقهم الذي يقف أمام موسم فاشل آخر.
صحيح أن آرسنال الإنكليزي خاض مباراته أمس في ضيافة أولمبياكوس اليوناني بدماء باردة بفعل حسمه تأهله لدور الـ 16 قبل الجولة الأخيرة لمسابقة دوري أبطال أوروبا، لكن هذا الحال لا ينطبق على جمهوره الذي تغلي دماؤه ويبحث عن "فشة خلق" بعد تلك الخسارة في الدار أمام سوانزي سيتي.
الخسارة أمام الفريق الويلزي ومن بعده اليوناني دلّت مجدداً على أن آرسنال على أعتاب موسمٍ فاشل آخر، وقد تكون الأمور أسوأ بكثير إذا ما نظرنا إلى وضعه في الدوري الإنجليزي الممتاز مقارنة بالقوى الأخرى، إذ تشير ترجيحات كثيرة الى أنه قد يفقد مكانه بين الأربعة الكبار، وبالتالي التأهل لدوري الأبطال الموسم المقبل، ودفع هذا الأمر دفع بالإدارة إلى التلويح بحسم من أجور اللاعبين في حال حصول ما لم يكن في الحسبان قبل انطلاق الموسم القادم.
الحقيقة أنه رغم مرور فترات متذبذبة كثيرة في أداء آرسنال منذ بداية هذه الحقبة، إلا أنه لم يكن بالإمكان إطلاق حكم مبكر على المستوى العام للفريق، ذلك أنه عاش ما يشبه ورشة بعد رحيل نجمه الأول الهولندي روبن فان بيرسي، ثم أحد أعمدة خط الوسط الكاميروني أليكساندر سونغ.
من هنا، كان يفترض انتظار ما ستؤول إليه الأمور مع زرع أسماء جديدة مكانهما، لكن مع مرور أشهر عدة وعودة كل المصابين (حتى التشيكي توماس روزيسكي الذي غاب لفترة طويلة وسجل في مرمى أولمبياكوس أمس)، يمكن اعتبار أن الكيميائية بين اللاعبين يفترض أن تكون قد وصلت الى حدودٍ مقبولة من أجل تحقيق نتائج مميزة، وخصوصاً أن اللاعبين الموجودين مع الغانرز هم أصحاب أسماء مهمة على الصعيد الفردي.
ومن هذه الكلمة الأخيرة، يمكن الانطلاق في الكلام، إذ يبدو في أحيانٍ عدة أن آرسنال عبارة عن مجموعة لاعبين فرديين، والسبب هو ربما فقدان هؤلاء اللاعبين إيمانهم ببعضهم البعض بعدما اقتصر حضورهم على وحدة متماسكة في مناسبات عدة، وبالأخص في حالة الدينامو الإسباني سانتي كازورلا الذي لم يجد سنداً له حتى الآن في خط الوسط، بحيث يبدو أحياناً كأنه الرجل الأوحد في منتصف الميدان من خلال قيامه بواجباتٍ دفاعية وهجومية استثنائية في آنٍ واحد.
وفي هذا السياق، بدت الأمور سيئة جداً أمام سوانزي، إذ إن خط الوسط الذي تخيّل كثيرون أنه سيخلق نقلة نوعية في الفريق، أثبت فشله، فالثلاثي الحلم بنظر جمهور آرسنال أي كازورلا ومواطنه ميكيل أرتيتا وجاك ويلشير لا يبدو على الموجة نفسها، إذ يصعب على أحد هؤلاء الثلاثة قراءة تحركات الآخر أو ما يفكر فيه على أرض الملعب.
ويترافق هذا الأمر أيضاً مع عدم تناغم هؤلاء مع خط الدفاع، حيث يبدو الحمل ثقيلاً على الثنائي البلجيكي توماس فيرمايلين والألماني بير ميرتساكر.
كل هذه الأمور لم يجد لها المدرب الفرنسي آرسين فينغر حلاً، وهو الذي يبدو متردداً أصلاً في خياراته، إذ أنه لم يقتنع حتى الآن بمنح الألماني لوكاس بودولسكي مركز المهاجم الصريح، رغم أن الأخير الذي يشغل الجناح الأيسر أظهر حساً تهديفياً مهماً من خلال إصابته الشباك من عددٍ قليلٍ من الفرص التي سنحت له.
كذلك، يُسئل فينغر عن ماهية العمل الذي قام به لإدخال ثقافة الدوري الإنجليزي الممتاز في ذهن الفرنسي أوليفييه جيرو الذي صور على أنه الخليفة القادم لفان بيرسي، بيد أن هداف الدوري الفرنسي تحول الى لاعبٍ عادي يخجل فينغر من إدراج اسمه أساسياً في المباريات الكبيرة.
إذاً، فشل آرسنال حتى الآن يتحمل فينغر جزءاً كبيراً منه، لكن لا يمكن أخذ الأمور الى منحى متطرف عبر المطالبة بإقالة "البروفيسور" لأن ما يحتاج له الفريق اللندني حالياً هو الحفاظ على كم معين من الاستقرار، وهذا لا يمكن تحقيقه سوى بإبقاء الرجل الذي عرف النادي منذ فترة طويلة ويحفظ حتى أسماء اللاعبين المميزين في الفئات العمرية وينتظر الوقت المناسب لإطلاقهم إلى النجومية، على غرار ما فعل سابقاً مع غيرهم.
لكن رأس فينغر سيكون مطلوباً من الجماهير التي نسيت طعم الألقاب إذا لم يعمل سريعاً على معالجة أخطاءه، وهذا الأمر يفترض أن يبدأ منذ مطلع السنة الجديدة، أي عند فتح باب سوق الانتقالات الشتوية حيث يحتاج آرسنال الى التغيير، وهي الكلمة التي تختلف إدارة النادي والجهاز الفني والجمهور في ترجمتها، حيث يتمسّك البعض بفينغر. ويرى آخرون أنه حان الأوان لرحيله، بينما يرى البعض أن هذا الأمر يجب أن يطال التشكيلة أولاً، لكن الأكيد أن التغيير دون سواه هو المطلوب بشكلٍ سريع قريباً.
شربل كريم