فينغر بين ملايين "الهجرة الموسمية" والسمعة والتاريخ

تاريخ النشر: 24 سبتمبر 2012 - 11:26 GMT
البوابة
البوابة

يُنظر الى الفرنسي أرسين فنغر، مدرب آرسنال على أنه وضع نفسه، سواء بإرادته أو رغماً عنه، في موقف متناقض.

فهو من جهة متهم بالفشل في قيادة الغانرز إلى منصات التتويج في السنوات السبع الأخيرة، ومن جهة أخرى هو صاحب الفضل في ملء خزينة النادي اللندني بالملايين نتيجة حسن اختياره للاعبين صغار السن دأب على ضمهم بأثمان زهيدة قبل ان يرحل هؤلاء، وإن دون رغبته، إلى فرق أخرى مقابل مبالغ خيالية.

بعد رحيل الفرنسي سمير نصري إلى مانشستر سيتي وعودة الإسباني فرانشيسك فابريغاس إلى برشلونة مطلع الموسم الماضي، بدا آرسنال بلا عمق فني.

بيد أن انفجار الهولندي روبن فان بيرسي ونجاحه في تسجيل 30 هدفاً في النسخة المنصرمة من الدوري الإنجليزي الممتاز وتتويجه هدافاً، أكد بأن الغانرز بخير، وخصوصاً أنه حجز بطاقة عبور لمسابقة دوري أبطال أوروبا.

قاسى فنغر رحيل أي لاعب ساهم هو في سطوع نجمه، إلا أنه كان يعض على الجرح بصفته، ليس فقط المدرب، بل مدير الفريق بموجب العرف المتبع في إنجلترا.

في داخله حزن متجدد دوماً على خسارة حلقة في سلسلة لطالما أراد استكمالها بغية تحقيق ألقاب وإصابة مجد، إلا أن ثمة ما يضمد تلك الجروح ويتمثل بالمبالغ التي استحصل عليها ناديه بفضل بيع نجوم صنعها فينغر بنفسه او ساهم في وضعها على طريق النجاح.

لا شك في أن تحوّل فان بيرسي مطلع الموسم الحالي إلى الغريم مانشستر يونايتد كان الأكثر إيلاماً بالنسبة للمدرب الفرنسي، لأنه صبغ آرسنال بلون الفريق الذي لا يجذب النجوم وذلك بسبب عجزه عن تحقيق الألقاب.

سعى فينغر إلى حماية تشكيلته المتجددة معتبراً أن رحيل فان بيرسي (29 عاماً) ساهم في خلق مزيد من التنوع في طريقة لعب فريقه.

وأعاد الفضل إلى رحيل الهولندي في فتح الباب لخلط أساليب لعب عدة وخلق روح قوية في التشكيلة: "أحياناً يكبر أحد الأفراد ويصبح الرافعة التي تحمل الفريق بمفردها. سجل فان بيرسي 30 إصابة، وعندما تسجل 30 إصابة، فإن الجميع يمررون لك الكرة بكل بساطة. طريقة أدائنا حالياً تمتلك خيارات عدة".

واعتبر أن: "آرسنال يتمتع الآن بروح الفريق، برغبة في اللعب سوياً ناهيك عن قوة العمق. نبدو كفريق حقيقي ونستمتع باللعب معاً. هذا أمر مثير للاهتمام".

تبدو هذه التصريحات مجرد بلسم للجرح البالغ الذي خلّفه فان بيرسي، ووسيلة لمنح لاعبي الفريق الحاليين دفعة معنوية بعدما نعاه كثيرون قبيل انطلاق منافسات الموسم الراهن.

وبخلاف التحديات التي تنتظره على أرض الملعب، فإن فينغر بات يواجه حقاً مشكلة في اقناع لاعبيه المتألقين بالبقاء بعد الهجرة الموسمية التي تعانيها صفوف الفريق رغم التعادل المثير الذي حققه الفريق أمس أمام مستضيفه مانشستر سيتي حامل لقب البريمير ليغ بنتيجة 1-1.

وفي الفترة الأخيرة، عاتب فنغر مواطنه المدافع بكاري سانيا بعد التصريحات التي أدلى بها مطلع أيلول الجاري وجاء فيها أنه: "لا يفهم سبب رحيل روبن فان بيرسي والكاميروني أليكساندر سونغ".

وقال المدرب الفرنسي: "اعتقد أنه يتوجب على أي لاعب أو موظف الدفاع عن المؤسسة التي يعمل فيها، وإذا لم يكن سعيداً فباستطاعته بالطبع الرحيل إلى أي جهة أخرى يريدها".

وكان سانيا صرح مطلع الشهر الجاري تعليقاً على انتقال فان بيرسي إلى صفوف مانشستر يونايتد، وسونغ إلى برشلونة: "كان الجميع يتوقعون رحيل فان بيرسي، لكن فيما يتعلق بسونغ فإن الأمر كان مفاجئاً وانا لا افهم ذلك أبداً".

كما حذر فينغر مؤخراً جناحه الإنجليزي ثيو والكوت من المماطلة في تجديد عقده كي لا يؤثر ذلك على مشاركته الأساسية مع الفريق.

وينتهي عقد والكوت مع الغانرز نهاية الموسم الحالي ووصلت المفاوضات بين اللاعب وناديه إلى حائط مسدود، مما عزز المخاوف من أن والكوت سيكون النجم التالي الذي يغادر ملعب الإمارات في الأشهر الـ 12 الأخيرة بعد فان بيرسي وفابريغاس ونصري.

ويريد فينغر ألا يتكرر ما حصل مع نجومه السابقين في ظل مطاردة مانشستر سيتي وليفربول لوالكوت (23 عاماً)،

وقال في هذا الصدد: "يمكن أن تتغير (سياسة إشراكه في المباريات)، لكن في الوقت الراهن ما زلت اعتقد أن بالإمكان تجديد عقده، وإذا لم يجدده في نيسان، سيكون الوضع أصعب".

يبدو آرسنال راضياً بسياسة مدربه على رغم بعض الأصوات التي تنادي بضرورة إقالته، إذ أعلن أنه سيمدد عقد فينغر بحسب ما لمح إليه المدير التنفيذي إيفان غازيديس لصحيفة "ذا دايلي ميرور" البريطانية: "هذا ليس شعوراً عاطفياً وليس مكافأة لخدماتنا، بل هو اعتقاد بمدرب رائع يحب هذا النادي وهو الرجل الأفضل لقيادتنا إلى الامام".

وتأتي هذه الخطوة على رغم فشل المدرب في إعادة آرسنال إلى طريق الألقاب، مع العلم بان تتويجه الأخير حصل عام 2005 عندما أحرز فريقه كأس الاتحاد الانجليزي، بيد أن الرضا الذي يتمتع به من جانب الإدارة يعود بالتأكيد لنجاحه على مستوى التعاقدات ومردودها المادي على الخزينة.

منذ وصوله إلى آرسنال عام 1996، قاد فينغر الفريق إلى لقب الدوري في 3 مناسبات والكأس المحلية 4 مرات.

ورد المدرب الذي يرتبط بعقد لغاية 2014 مع النادي اللندني، بحذر على تصريح غازيديس، وقال أنه سيبقى دوماً "رجل آرسنال" لكنه ليس مستعجلاً للحديث عن عقد جديد في ظل زحمة المباريات المقبلة، وأضاف: "ينتهي عقدي بعد عامين (...) اعتقد أني أظهرت إلتزامي لهذا النادي في الماضي. حالياً لست في مزاج التفكير بمستقبل طويل الأمد".

ولا يعتبر التزام فينغر بآرسنال مجرد كلام، فقد جاءته عروض عدة لعل أبرزها من ريال مدريد ومنتخب ألمانيا قبل أعوام، إلا أنه فضل استكمال ما جاء من أجل تحقيقه في النادي اللندني على رغم أن سياسة الأخير لا تتماشى مع رغباته، وخصوصاً فيما يتعلق بسياسة سياسة الانتقالات.

استمرار فينغر مع نادٍ من قماشة آرسنال دون تحقيق ألقاب طوال سبعة مواسم يؤكد أن في الأمر سراً. هو ليس سراً بالمعنى الدقيق للكلمة، هو واقع مستتر خلف مداخيل مادية ضخمة.

وإن كان الأمر كذلك، كيف يرضى فينغر نفسه في إحراج تاريخه؟

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن