كان توماس فيرمايلين مدافع برشلونة في نفق ملعب سانتياغو بيرنابيو معقل ريال مدريد، ولم يشاهد مقطع الفيديو الذي ظهر فيه نجلاه الصغيران وهما يركضان نحو شاشة التلفزيون ويصرخان، في الوقت الذي شوهد فيه هذه الفيديو من قبل مئات الآلاف بالفعل في ذلك الوقت.
ويعد الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد أكبر مباراة بكرة القدم في العالم، وينتظرها الملايين من العشاق في جميع الأنحاء، بما في ذلك نجلا فيرمايلين (واسمهما راف وآس) البالغان من العمر عامين وأربعة أعوام، لكن بالنسبة لفيرمايلين فإن أهمية المباراة تفوق ذلك بكثير.
يقول المدافع الدولي البلجيكي: "شعرتُ وكأني قد شاركت أخيراً في التشكيلة الأساسية لبرشلونة".
مرت ثلاث سنوات ونصف على انضمام فيرمايلين لبرشلونة، وفي ديسمبر الماضي، اكتسح البارسا غريمه التقليدي ريال مدريد بثلاثية نظيفة، ووسَّع فارق النقاط معه في جدول ترتيب الدوري الإسباني إلى 14 نقطة.
وأثبتت هذه المباراة أنه يمكن لفيرمايلين أن يلعب دوراً محورياً في دفاع العملاق الكتالوني.
يقول البلجيكي: "لم أشعر باليأس أو الإحباط مطلقاً، لكن الأمور تكون صعبة للغاية على أي لاعب أثناء الإصابة".
ورغم أن الدولي البلجيكي نفى التقارير التي تشير إلى أنه قد بحث عن "مساعدة نفسية" للتغلب على الفترة الصعبة التي غاب خلالها عن الملاعب بسبب الإصابة، فإنه قد عاش أياماً وأشهراً، بل وسنوات، صعبة للغاية، ربما تجعله في وقت من الأوقات يفكر في أن مباريات الكلاسيكو من هذا النوع هي حدث جلل يتطلب لاعبين بمواصفات أخرى لا يمتلكها هو شخصياً.
وعندما انضم فيرمايلين إلى برشلونة عام 2014، قال المدير الرياضي للنادي الإسباني حينها أندوني زوبيزاريتا، أن المدافع البلجيكي سيكون جاهزاً "حالاً" للمشاركة في المباريات، لكن التدريبات أثبتت أن الأمر مختلف تماماً.
فاللاعب الذي استبدل للإصابة بعد 31 دقيقة فقط من أول ظهور له مع منتخب بلجيكا في كأس العالم، الذي لم يشارك سوى في خمس مباريات ضمن الدوري الإنجليزي الممتاز مع آرسنال موسم 2010–2011، والذي أبعدته الإصابة عن الملاعب لأكثر من ثلث الأربع سنوات الأخيرة التي قضاها في شمال لندن، لم يخض سوى مباراة واحدة فقط خلال أول موسم له مع برشلونة، ثم شارك في ست مباريات الموسم التالي.
وحتى عندما انتقل لروما على سبيل الإعارة، لم يشارك سوى في أربع مباريات فقط ضمن الدوري الإيطالي موسم 2016-2017، لكنه عاد أخيراً للمشاركة مع برشلونة، وظهر بشكل رائع.
قبل وصوله إلى العاصمة مدريد قبل يومين فقط من عيد الميلاد، كان فيرمايلين قد شارك ضمن التشكيلة الأساسية لبرشلونة في ثلاث مباريات متتالية، ولم تتلقَّ شباك الفريق خلالها أي هدف.
ومع الأخذ في الاعتبار المباريات الدولية التي خاضها مع منتخب بلاده، فهذا يعني أن فيرمايلين خاض ثماني مباريات على التوالي (لأول مرة منذ خمس سنوات)، وجاءت مباراة الكلاسيكو أمام النادي الملكي مؤكدة تعافي فيرمايلين وعودته لمستواه القوي.
يقول المدافع البلجيكي: "خلال أول عام لي مع الفريق تعرضتُ لإصابة أبعدتني عن الملاعب طوال الموسم، ولم أشارك سوى في مباراة واحدة نهاية الموسم أمام ديبورتيفو لا كورونيا، بعدما حسمنا لقب الدوري بالفعل. وبعد ذلك لعبت نحو 20 مباراة (18 مباراة في جميع المسابقات مع النادي ومنتخب بلجيكا) في الموسم الثاني، وبعضها كان كبديل وليس بشكل أساسي. والآن، أشارك في عدد من المباريات المتتالية.
"شعرت أخيراً بأنني عضو مهم في الفريق. وفيما يتعلق بمباراة الكلاسيكو، فأنا أحاول أن أستعد لها كأي مباراة عادية وأقوم بكل شيء بشكل طبيعي، لأن التعامل مع الأمور بشكل طبيعي يمنحك الاستقرار والهدوء، لكن رغم ذلك تعرف في قرارة نفسك أنك ستلعب مباراة الكلاسيكو، وأنها ليست كأي مواجهة عادية. إنها المباراة التي يشاهدها الجميع، كما أنها كانت بمثابة اختبار بالنسبة لي".
وإذا كان الأمر كذلك، فقد نجح فيرمايلين في الاختبار، وكان هناك شعور بأن هذه المباراة قد أعادت اكتشافه من جديد.
أضاف اللاعب البلجيكي: "أعرف قدراتي جيداً، ولذلك أعرف أنه يمكنني اللعب لهذا النادي، لكن الأمر كان يتوقف دائماً على جاهزيتي البدنية وشعوري بأني في حالة جيدة، وهذا ما حدث في المباريات السابقة للكلاسيكو، حصلت على الثقة وكان الكلاسيكو بمثابة هدية بالنسبة لي، لأن خافيير ماسكيرانو كان قد عاد من الإصابة أيضاً، لذلك لم أكن متأكداً مما إذا كنتُ سأشارك في المباراة أم لا، لكني حظيت بشرف المشاركة فيها".
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد شارك فيرمايلين مع برشلونة في الست مباريات التالية، خمس منها بشكل أساسي وفي لقاء كاحتياطي.
ورغم أنه أصيب بشد عضلي خفيف، إلا أنه من المتوقع أن يكون جاهزاً للمشاركة في مباراة فريقه المهمة والمرتقبة أمام تشيلسي ضمن دور الستة عشر من دوري أبطال أوروبا على ملعب ستامفورد بريدج.
وتتوقف مشاركة فيرمايلين في التشكيلة الأساسية للبلاوغرانا على مدى الجاهزية البدنية لزميله جيرارد بيكيه.
وفي حال غياب المدافع الإسباني، فلن تكون هناك أي مشكلة بالنسبة لفيرمايلين، الذي أثبت أن بإمكانه اللعب بشكل ثابت في المناسبات الكبرى.
وأضاف فيرمايلين: "عندما يسعى أي نادٍ للحصول على خدماتك يتعين عليك أن تنظر إلى الطريقة التي يلعب بها، وبالنسبة لي فإنني لم أكن لأظهر بشكل جيد مع فريق يعتمد على التمريرات الطويلة فقط. يتعين عليك أن تنظر إلى فلسفة النادي وتتأكد مما إذا كانت ستناسبك أم لا.
"لدى الناس وجهة نظر خاطئة فيما يتعلق بمدافعي برشلونة، ويعتقدون أن الأمر سهل للغاية بالنسبة لهم لأن الفريق يهاجم دائماً، لكن الحقيقة هي أن المدافعين يقومون بكثير من المهام الصعبة للغاية، فاللعب في منتصف ملعب الفريق المنافس لا يحدث بصورة تلقائية، ولكنه يحدث لأننا نجعلهم تحت ضغط دائم. ولو سمحنا لهم بالتقدم نحونا فسيقع الضغط علينا نحن، لذا فنحن نواصل الضغط على الخصم طوال الوقت. يعني هذا وجود 50 متراً خلفك، وهذا ليس بالأمر السهل دائماً. كما أنه ليس من السهل أن تقوم ببناء الهجمات من الخلف. وفي بعض الأحيان يكون من الأسهل ركل الكرة للأمام والتخلص منها، لكن هذه ليست طريقتنا في اللعب، لأننا نلعب كرة قدم من أجل المتعة".
وتابع: "أنا معتاد على بناء الهجمات من الخلف، لكن ما زال هناك بعض الأشياء المختلفة هنا عن الأندية التي لعبت لها سابقاً. لا يمكنني إيجاد الكلمات المناسبة لوصف ذلك، لكن يمكن القول إننا نلعب كرة قدم أكثر تقدماً".