يتعين علينا جميعاً أن نرفع قبعاتنا للنجم كريستيانو رونالدو الذي جاء على رأس قائمة أفضل 100 لاعب في العالم وتفوق هذا العام على غريمه التقليدي ليونيل ميسي في ظل الهيمنة الثنائية من قبل هذين النجمين الكبيرين على عالم كرة القدم بفارق شاسع عن أقرب المنافسين.
نعم، إنه نفس اللاعب مرة أخرى، فعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية كان من الصعب على أي شخص ألا يلاحظ تألقه اللافت وبريقه وأناقته واعتزازه بنفسه وبما يقدمه داخل المستطيل الأخضر.
وأضاف النجم البرتغالي جائزة جديدة إلى سجله الحافل بالإنجازات، فمع اقتراب عام 2016 من نهايته حصل رونالدو على أعلى الأصوات في النسخة الخامسة لاستطلاع الرأي السنوي الذي تجريه صحيفة "ذا غارديان" البريطانية لأفضل 100 لاعب في العالم، متفوقًا على غريمه ميسي، في منافسة معتادة خلال الأعوام الماضية، ليحصل "صاروخ ماديرا" على اللقب للمرة الثانية.
وجاء حصول رونالدو على هذه الجوائز تتويجاً للموسم الرائع الذي قدمه مع ريال مدريد ومنتخب البرتغال، حيث قاد الفريق الملكي للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا، ومنتخب بلاده للحصول على كأس أوروبا للمرة الأولى في تاريخه.
ليس هذا فحسب ولكنه احتل صدارة هدافي دوري أبطال أوروبا وحصل على "الحذاء الفضي" عن إجمالي عدد الأهداف وصناعة الأهداف في كأس أوروبا.
سجل رونالدو 52 هدفًا خلال العام 2016، وقدم أداءً رائعاً في المناطق الهجومية التي يفضلها وأظهر قوة بدنية هائلة لا تتناسب مع سنه، إذ أنه سيطوي عامه الثاني والثلاثين بعد شهرين.
هناك وجهات نظر، بالطبع، في كل الجوائز، ولكن قائمة أفضل 100 لاعب التي تقدمها "ذا غارديان" تعتمد على مجموعة واسعة وغير متحيزة من الأصوات، التي ضمت هذا العام 124 حكماً، إن جاز التعبير، من 45 دولة مختلفة، وعدداً من اللاعبين البارزين السابقين، مثل خافيير زانيتي وهيرنان كريسبو وفاوستينو آسبريا، ومجموعة مختارة من المذيعين والصحفيين المتخصصين في كرة القدم من جميع أنحاء العالم. وفي النهاية، تفوق رونالدو على غريمه الأرجنتيني بفارق ضئيل من الأصوات، ثم جاء الفرنسي أنتوان غريزمان في المركز الثالث بفارق شاسع خلف النجمين المسيطرين على كرة القدم في السنوات الأخيرة.
وتثير مثل هذه الاستطلاعات الكثير من التساؤلات حول دور اللاعب في الفريق، لا سيما وأن جمال كرة القدم يكمن في تنوع أساليبها وطرق اللعب.
وهيمن المهاجمون على القائمة وتصدروا أول 11 مركزاً، قبل أن يأتي أول لاعب خط وسط في المركز الثاني عشر، وهو الكرواتي لوكا مودريتش.
وجاء المدافعان دييغو غودين وسيرخيو راموس في المركزين الـ 24 والـ 25 على الترتيب، ليتصدرا قائمة أفضل المدافعين.
ومثله مثل رونالدو، كان بيبي مدافع منتخب البرتغال وريال مدريد عنصراً هاماً وأساسياً في فوز منتخب بلاده بكأس أوروبا وناديه بدوري أبطال أوروبا، كما أنه تواجد أيضاً ضمن التشكيلة المثالية لكأس أوروبا التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، لكنه في هذه القائمة جاء في المركز الثلاثين خلف الألماني مسعود أوزيل.
وبسبب كل هذا، يمكن أن يقال الكثير عن آثار الفردية في عالم كرة القدم. لقد نجح رونالدو في قيادة ناديه ومنتخب بلاده لمنصات التتويج الأوروبية بينما كان يعاني في بعض الأوقات من كابوس العقم التهديفي، وهو ما جعله يبدو متجهماً أمام شاشات التلفاز، رغم إصابته في الركبة وخروجه في وقت مبكر من المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية. صحيح أن رونالدو قد يتمادى أحياناً في المراوغات واللعب الفردي، لكنه يوظف ذلك في إطار اللعب الجماعي للفريق.
ولعل الشيء اللافت للنظر بقوة هو تفوق رونالدو على ميسي، الذي لا يعد الأكثر إبداعاً من رونالدو فحسب، ولكنه في نظر الكثيرين أفضل لاعب عرفته كرة القدم عبر تاريخها الطويل.
سجل "البرغوث" الأرجنتيني 59 هدفاً خلال 61 مباراة هذا العام، وقام بأشياء غريبة وخارقة ومذهلة في كرة القدم، ومع ذلك حل ثانياً خلف رونالدو، لذلك يتعين علينا أن نرفع القبعة للاعب البرتغالي.
وهناك أمور أخرى جديرة بالملاحظة في القائمة، منها أن اللاعبين الذي يلعبون في الدوري الإسباني احتلوا المراكز الستة الأولى، كما كانت إسبانيا أكثر الدول تمثيلاً في القائمة للعام الخامس على التوالي، متفوقة على فرنسا التي صعدت للمركز الثاني بالاشتراك مع البرازيل.
وضمت القائمة عشرة لاعبين من ألمانيا، مقابل سبعة لاعبين للبرتغال حاملة لقب كأس أوروبا، والتي لم تكن ممثلة في قائمة العام الماضي سوى بلاعب واحد فقط (وهو بالطبع كريستيانو رونالدو).
أما بالنسبة لإنجلترا فكان نصيبها في القائمة أربعة لاعبين، أقل من بلجيكا بلاعب وأكثر من أوروغواي بلاعب. وغاب عن القائمة واين روني لأول مرة، بعد أن حصل على صوتين فقط.
وشهدت القائمة تغييراً في مراكز اللاعبين ودخول لاعبين جدد، لا سيما من لاعبي ليستر سيتي الذي حقق مفاجأة مدوية العام الماضي وحصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وكان الفرنسي نغولو كانتي صاحب أفضل ترتيب في القائمة من اللاعبين الجدد إذ جاء في المركز الـ 16، في حين جاء الجزائري رياض محرز في المركز العاشر، حتى أن بعض الحكام منح صوته لمحرز في الترتيب الأول كأفضل لاعب في العالم، وهو ما يبرز حجم الإنجاز التاريخي الذي حققه النادي الذي كان يصارع من أجل الهبوط في الموسم السابق.
وبالمثل، جاء النجم الإنجليزي جايمي فاردي في المركز الـ19، بعد عقد كامل من ممارسة كرة القدم في الوقت الذي كان يعمل فيه ليلاً في أحد المصانع، وهو ما يعد دليلا على حدوث حالة من الحراك الاجتماعي داخل الرياضة.
يمكننا القول بأن هذه لحظة جيدة للاستمتاع بالصراع الثنائي بين النجمين الكبيرين من أجل الهيمنة على كرة القدم العالمية، وهو الأمر الذي يتكرر كل عام في هذا الاستطلاع.
ومن الصعب للغاية أن نضع أي تصور لما سيحدث بعد انتهاء هذه الهيمنة المشتركة، وقد يكون المشهد أكثر وضوحاً بعد توقف توهج هذين النجمين. وحتى الآن، يمكن تلخيص العقد الأخير في جملة واحدة وهي: سيطرة كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي على كرة القدم وبفارق شاسع عن أقرب المنافسين.
ما سيحدث بعد ذلك ليس واضحاً، فقد يقفز لاعبون آخرون للقمة مثل نيمار وغاريث بايل، لكن الشيء الوحيد المؤكد هو أنه مهما يكن من سيسيطر على كرة القدم بعد هذه الهيمنة الثنائية فإنه من المرجح أنه تعلم كرة القدم في أوروبا أو الأميركتين.
وهذا هو الحال مع 98 لاعباً من إجمالي اللاعبين المائة الذين ضمتهم القائمة، إذا ما اعتبرنا أن بيير أوباميانغ ورياض محرز قد بدآ حياتهما بصورة أساسية في أوروبا، أما اللاعبان الوحيدان اللذان ضمتهما القائمة ولعبا كرة القدم وهما صغار خارج البلدان المهيمنة على كرة القدم فهما المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو ماني.
وخلافاً لهيمنة اللاعبين الكبار في السن على مقدمة القائمة، من الصعب أن نرى أي تغيير في ذلك في أي وقت قريب.