عندما عجز الكثيرون عن وصف ديل بييرو، استطاع حارس المنتخب الإسباني إيكر كاسياس وصف الأسطورة الإيطالية بهذه الكلمات "إعادة رسم الموناليزا اسهل من ظهور لاعب آخر بحجم موهبة أليساندرو".
ديل بييرو أحد أفضل المواهب الإيطالية على مر العصور أنهى رحلته مع السيدة العجوز مؤخراً منهياً 19 عاماً قضاها في اليوفي.
تاريخ كبير وأرقام قياسية حققها ديل بييرو تضعه وبلا شك بين مصاف أساطير الكرة العالمية أيضاً.
بدأت رحلة ديل بييرو الكروية منذ طفولته في نادي اتحاد كونيليانو وسان فينديميانو، الطريف أن المهاجم الفذ كان يفضل في بدايته أن يلعب كحارس مرمة، لكن نصيحه أخوه ستيفانو هي التي حولته لمركز رأس حربة، استمر في الفريق حتى أصبح عمره 13 عاماً انتقل بعدها لنادي بادوفا وتمكن من اختراق صفوف الفريق الأول للنادي بعمر 17 عاماً فقط بسبب موهبته الكبيرة.
لفت أنظار المدرب المخضرم تشيزارى مالديني مما دفعه لإقناع مسؤولي الميلان للتعاقد مع الشاب الموهوب، لكن إدارة الروسونيري حينها رفضت بحجة ارتفاع سعر اللاعب حيث كانت تبلغ قيمة التعاقد معه حوالي 4 ملايين يورو في ذلك الوقت.
لكن بعد مرور السنوات ربما هذا كان أحد أسوأ القرارات التي أخذتها إدارة ميلان.
مرحلة البيانكونيري
عندها قرر فرانكو كاوزيو مسؤول التعاقد باليوفي التعاقد مع الموهبة الصاعدة، سرعان ما تأقلم وقدم مستوى رائعاً في مبارياته الأولى واستطاع تسجيل هدفه الأول أمام ريجينا.
ثم سجل هدفاً بعدها بوقت قصير ثم سجل هاتريك أمام بارما لتكون بصمته واضحة وأصبحت ملموسة لدى المتابعين.
وفي وقت قصير أصبح ديل بييرو النجم الأول لنادي السيدة العجوز الذي كان يضم بين صفوفه العديد من الأساطير أبرزهم روبرتو باجيو وجيانلوكا فيالي وفابريتسيو رافانيلي.
تحقيق البطولات مع اليوفي لم يتأخر كثيراً حيث استطاع الفريق اقتناص بطوله الدوري موسم 94-95 وكانت أهداف ديل بييرو العامل المؤثر في حسم البيانكونيرى للقب.
في العام التالي، قررت إدارة السيدة العجوز التخلي عن نجم الفريق آنذاك روبرتو باجيو والاعتماد على النجم الصاعد، وبالفعل لم يخيب الآمال واستطاع أن يقود الفريق لتحقيق دوري أبطال أوروبا.
وفي الموسم التالي استطاع أن يقود الفريق مجدداً لنهائي دوري الأبطال لكنه خسرها هذه المرة أمام بوروسيا درتموند على رغم من تسجيله لهدف جميل، لكن الفريق الألماني أنهى اللقاء فائزاً بثلاثة أهداف لواحد.
تكرر نفس السيناريو للمرة الثانية في الموسم التالي حيث خسر اليوفي نهائي دوري أبطال أمام الريال مدريد بهدف اليوغسلافي بريدراج مياتوفيتش، لكن ديل بييرو قدم أداء أبهر الجميع حيث أحرز 32 هدفاً منها 22 في الدوري و10 في دوري الأبطال مما أكد للجميع أن لقب الأفضل في العالم سيكون من نصيبه لكن الظاهرة رونالدو في وقتها خطف الجائزة.
أسوأ اللحظات
الإصابة عام 98 في مباراة اليوفي أمام أودينيزي والتي أبعدته عن الملاعب 9 أشهر هي الأسوأ في مسيرة دل بييرو، عندما عاد أليساندور قدم مستويات طيبة مما عجل بعودته للمنتخب الإيطالي في تصفيات أمم أوروبا 2000 سجل خلالها هدفين.
مع عودة مارتشيلو ليبي لقيادة اليوفي عام 2001 عاد الفريق لحصد البطولات وعاد ديل بييرو للتألق، خصوصاً أن هذه الفترة شهدت توقيع النادي مع دافيد تريزيجيه الذي شكل مع ديل بييرو ثنائياً مرعباً حيث سجلا في أول مواسمهما معاً 40 هدفاً.
تألقه مع اليوفي
ساعد الفريق في الوصول لنهائي دوري أبطال أوروبا عام 2003 قبل أن يخسرها بركلات الترجيح أمام ميلان.
شهد عام 2004 خلافات حادة مع مدرب الفريق فابيو كابيلو إلا أن أداء ديل بييرو داخل الملعب لم يتأثر وساعد اليوفي على إحراز اللقب.
استمر الخلاف في الموسم التالي وفضل المدرب إشراك زلاتان إبراهيموفيتش مما جعل الجماهير تهاجم مدرب الفريق لتعجل برحيله نهاية الموسم لكن ديل بييرو أبقى تركيزه داخل الملعب واستطاع أن يقود الفريق مجدداً لللقب الدوري بتسجيله 14 هدفا إضافه للعديد من التمريرات الحاسمة.
وفي 6 أبريل 2008 تمكن دل بييرو من تخطي غايتانو شيريا صاحب الـ 522 ظهوراً بقميص يوفنتوس ليصبح اللاعب الأكثر تمثيلاً له عبر التاريخ.
سعي ديل بييرو لتحطيم الأرقام القياسية لم ينتهِ بل وفي 30 أكتوبر سجل هدفه رقم 179 ليساعد فريقه في الفوز على ميلان بهدفين لواحد وبهذا الهدف استطاع أن يكسر الرقم المسجل باسم أسطورة اليوفي جيامبيرو بونيبيرتي.
المباراة الأخيرة بقميص اليوفي كانت في 20 مايو أمام نابولي في نهائي كأس إيطاليا 0-2، بعدها أعلن النجم الكبير أن هذه هي المباراة الأخيرة له منهياً بذلك 19 عاماً بين جدران قلعة البيانكونيري، وصرح قائلاً: "لست لاعباً لليوفي بعد الآن، الأهم بالنسبة لي الجماهير؛ الجماهير هي اليوفي، القميص هذا هو الذي أحبه وسأظل أحبه دائماً.. من الآن أنا لست لاعباً لليوفي لكني واحد من الجماهير وسأظل دائماً".
وأضاف: "سأبدأ تحدياً جديداً وكأني أبدأ اللعب لأول مرة كما فعلت قبل 19 عاماً".
الوفاء لليوفي
أحد أبرز النقاط المضيئة في مسيرة ديل بييرو هي وفاءه غير المحدود لناديه خصوصاً حينما انهالت عليه العروض عندما هبط اليوفي للدرجة الثانية بعد فضيحة الكالتشيوبولي، لكن ديل بييرو أصر على البقاء في النادي الذي شجعه طوال حياته بل وطلب من الإدارة تمديد عقده وبالفعل جدد عقده لمدة ثلاث سنوات ضارباً المثل في الوفاء ورد الجميل للنادي الذي أظهر موهبته للعالم.
مسيرته الدولية
حظي ديل بييرو بمسيرة دولية مميزة وتعد بطولة كأس العالم 2006 النقطة الأبرز في مسيرته مع الآتزوري حينما ساهم بشكل كبير في فوز منتخب بلاده بالبطولة، وأحرز هدف الفوز أمام ألمانيا في نصف النهائي في الدقيقة الأخيرة من الوقت الإضافي الثاني.
وشارك ديل بييرو في كأسي عالم 98 و2002 وقدم مستويات جيدة، إضافة لمشاركته في بطولتي يورو 2000 و2004، وكان قد قدم مستويات جيدة في يورو 2000 وقاد منتخب بلاده للمباراة النهائية أمام فرنسا، لكن منتخب الديوك استطاع خطف اللقب من الآتزوري، وقدم ديل بييرو مباراة سيئة في النهائي مما عرضه لانتقادات عديدة.
بطولات وأرقام
عشق ديل بييرو لتحطيم الأرقام القياسية ليس له حدود فهو الهداف التاريخي لليوفي بـ 290 هدفاً وأيضاً الهداف التاريخي لليوفي ببطولة دوري أبطال أوروبا 44 هدفاً، إضافة إلى أنه صاحب أطول فترة حمل فيها شارة القيادة استمرت لـ 11 موسماً.
حقق ديل بييرو بطولة الدوري مع اليوفي 6 مرات ودوري الدرجة الثانية ودوري أبطال أوروبا وكأس إيطاليا مرة واحدة و4 مرات كأس السوبر الإيطالي.
تحد جديد في سيدني
توقع الكثيرون أن ينهي أليساندرو حياته الكروية مع اليوفي، إلا أن عشقه لكرة القدم دفعه للاستمرار في ممارستها ولكن هذه المرة اختار تحدياً من نوع جديد حيث ذكرت وسائل الإعلام العالمية في وقتٍ سابق أن ديل بييرو وافق على الانتقال إلى صفوف سيدني الاسترالي أول أمس الأربعاء لمدة عامين وسيتقاضى راتباً سنوياً قدره 1.6 مليون يورو (مليوني دولار) ليصبح اللاعب الأعلى أجراً في استراليا.
ووافق ديل بييرو (37 عاماً) على الانضمام لسيدني بعد تردد أنباء عن تلقيه عروضاً من أندية سيون السويسري وسبورتنغ براغا البرتغالي وسلتيك الاسكتلندي وساوثامبتون الإنجليزي.
ولم يكن ديل بييرو مرتبطاً بالتعاقد مع أي نادٍ منذ انتهاء عقده مع بطل إيطاليا يوفنتوس في مايو الماضي.