حرب شعواء تشنّها صحيفتا "ماركا" و "آس" على البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب ريال مدريد، لتجبره على الخروج من البيت الملكي، إلا أن الأخير تمكن من التعامل مع الموضوع بحكمة وذكاء، وكسب تأييد أهم صانعي القرار في نادي القرن".
لم تتوقف الأنباء المتحدثة عن رحيل مورينيو عن ريال مدريد بسبب النتائج غير المقنعة لفريقه في الدوري الإسباني هذا الموسم. وفي الوقت الذي لا يبدو فيه مستغرباً تهجّم الصحافة الكتالونية عليه، كان مفاجئاً بالمقابل هجوم صحيفتي ماركا وآس المواليتين للنادي الأبيض على المدرب الفذّ.
ولماركا قصة مهمة فيما يتعلق بالأنباء الصحيحة الخاصة بالريال؛ إذ تشير الإحصاءات إلى أن هذه الأنباء أصابت بنسبة 100% في الفترة التي تلت وصول مورينيو، مما يوضح قوة نفوذها داخل أسوار النادي الملكي، حيث تسوّق لقدوم لاعبين ومدربين ورحيل آخرين، تماماً على غرار ما حصل مع المدرب السابق التشيلياني مانويل بيليغريني الذي كانت الصحيفة أول من "بشّر" برحيله.
كذلك، فإن ماركا قادرة على التأثير في الرأي العام المدريدي بنحو كبير، حيث يصبح لسان حال المشجعين ما تورده هذه الصحيفة؛ إذ ما إن تشنّ هجوماً على أحد، يبدأ هجوم الجمهور عليه، والعكس صحيح.
وبدا هذا الأمر واضحاً عندما رأت ماركا أن الرئيس السابق رامون كالديرون لم يعد صالحاً للرئاسة، فشنت هجوماً عنيفاً عليه كاشفة وثائق تفيد باختلاسه لأموال من خزينة النادي وتزويره لنتائج استفتاءات الجمعية العمومية، ما تلاه انخفاض حاد للدعم الجماهيري له.
من هنا، أدرك مورينيو، قبل مجيئه لتدريب ريال، قوة ماركا، فحاول احتواءها وتعامل معها بحكمة ودراية.
وقبل ليلة من المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين إنتر الإيطالي وبايرن ميونخ الألماني عام 2010، حين كان "مو" مدرباً للأول، وبعد انتشار خبر انتقاله إلى ريال بعد المباراة، أعطى البرتغالي مقابلة حصرية لماركا، لتكون أول صحيفة تقابل مدرب ريال الجديد، وبعدها بأيام أعطى مقابلة أخرى لآس.
وصل مورينيو الى ملعب سانتياغو بيرنابيو ووضع قوانينه الخاصة به، منها عدم التدخل بأمور الفريق الأول، وعدم تسريب أي خبر إلى الإعلام، لكن الأوضاع ظلت ودية بينه وبين الصحافة إلى أن تفجّر الصراع بينهما بعدما نجح "ذا سبيشل ون" في عزل المدير التنفيذي السابق الأرجنتيني خورخي فالدانو تدريجياً عن الفريق، ثم إقالته نهائياً بسبب محاولة الأخير التدخل بشؤون الفريق.
وهذه المسألة أثارت امتعاض ماركا؛ لأن فالدانو كان مقرباً من صحافة العاصمة، إضافة إلى عدائه الشديد للبرتغالي.
وبعد هذه الخطوة، كشف مورينيو مسرب الأخبار والتشكيلات إلى ماركا، فكان بيدرو ليون الذي رحل إلى خيتافي بعدما أوقعه المدرب المحنك في الفخ، حين أخبره بأنه سيكون لاعباً أساسياً في إحدى المباريات في دوري الأبطال، وهو أمر لم يكن متوقعاً، إلا أن ماركا نشرت التشكيلة الأساسية متضمنة اسم ليون، مما دفع مورينيو إلى إبعاده حتى عن دكة البدلاء.
ولعل الحادثة الأبرز هي حضور آيتور كارانكا المساعد الأول لمورينيو إلى المؤتمر الصحافي بعد انتهاء كلاسيكو إياب الدوري الموسم ما قبل الماضي (1-1)، بعدما كان الجميع ينتظر قدوم الأخير، فخرج وقتذاك معظم الصحافيين من القاعة، ومن بينهم مراسل صحيفة آس. وفي المؤتمر الذي تلاه، سأل المراسل ذاته مورينيو سؤالاً، فأجابه بحدّة قائلاً: "أنت لم تكلم نائبي، ارسل لي رئيسك لكي أجيبه".
كل هذه الأحداث، ومن بينها المقالات عن أحزاب برتغالية وإسبانية داخل النادي نقضها مورينيو في حفل عشاء استضافه في منزله، إضافة إلى الكلام على انتقال نيمار إلى ريال مدريد رسمياً الموسم المقبل، وخبر طرد الفرنسي زين الدين زيدان من النادي بسبب اختلاف رأيه مع مورينيو.
صدام آخر حصل في قصة الكرواتي لوكا مودريتش، حيث حكت ماركا عن وصوله إلى مدريد، قبل دخول النادي معه بالمفاوضات رسمياً، وقد نشرت الصحيفة صورة للاعب قيل إنها في العاصمة الإسبانية، ثم اتضح أنها في كرواتيا، مما أصابها بتخبط إعلامي لم تعهده سابقاً، فانفضحت بعض آلاعيبها أمام الرأي العام، وجعلها تدخل حرباً ضروس ضد مورينيو الذي فشّلها بهدف إخراجه من النادي.
وانخفضت مبيعات ماركا من 5.568.000 نسخة قبل محاربتها مورينيو إلى 3.147.782 نسخة بعد مهاجمتها له.
واختصر المحلل الاقتصادي الإسباني مانويل بالماسيدا الحكاية بقوله: "ما تعيشه ماركا وآس منذ قدوم مورينيو هو أسوأ وضع لهما منذ 12 عاماً، إنهما تخسران ما لا يقل عن 120.000 مشترٍ؛ لأن الأخبار لم تعد ذات مصداقية".
أما مورينيو، فقد اخضع نفسه لمحاكمة علنية عندما اعلن أنه سينزل إلى الملعب قبل بداية مباراة فريقه أمام أتلتيكو مدريد، لكي يرى ما إذا ستكون صيحات الجماهير معه أو ضده، وقد نجح فيها، وكسب دعم أهم مؤثري وصانعي القرار في النادي من اللاعبين إلى الجماهير ورئيس النادي، مسقطاً أقاويل الصحف.
بيريز يجدد دعم مورينيو
سيقيم فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد حفلاً لتكريم العديد من الأعضاء القدامى في النادي.
وقالت صحيفة آس أن الأخير سيجدد في هذه المناسبة دعمه الكامل لمورينيو، علماً بأن دفاع الرئيس عن المدرب البرتغالي يتجدد بين فترة وأخرى لدحض شائعات انتقاله إلى فرق أخرى.