ارتقى الجمايكي يوساين بولت من بين الرماد، على غرار ما يحدث في الأسطورة وتغلب على زميله في التمارين يوهان بلايك الصاعد بسرعة الصاروخ، لينجح بالمحافظة على تاجه المثلث في ألعاب لندن الأولمبية الصيفية ويكتب التاريخ بخط عريض.
في الخامس والعشرين من أيار 2012، كانت الجمهورية التشيكية بعيدة جداً عن الحدث اللندني! في أوسترافا تسمر أبناء الصناعة الثقيلة لمتابعة اللقاء المنتظر... بدأ حذاء الجمايكي مثقلاً بالرصاص، مع 10.04 ثوانٍ، حقق أسوأ توقيت له في سباق 100 م خلال 3 سنوات، في وقت كان يريد توجيه رسالة قوية فيه لباقي منافسيه.
تحت قبعته الكبيرة، قال بولت بنظرة الخاسر "فوجئت على غراركم أيضاً"، وذلك بعدما وعد بتحقيق 9.70 ثوان.
وبعدها بستة أسابيع، التحق به مواطنه بلايك، الذي استفاد من انطلاقته الخاطئة في بطولة العالم 2011 وأحرز سباق 100م، خسارة مزدوجة في تصفيات جمايكا بالعاصمة كينغستون، أولا في سباق 100م (9.75 ث مقابل 9.86 ث)، ثم في سباقه المفضل 200م (19.80 ث مقابل 19.83 ث).
قبل شهر من الألعاب، افتقد "البرق" للحيوية والكل كان يهدف لإسقاط عرشه، سواء أكان ذلك في البحر الكاريبي أو في الولايات المتحدة (جاستن غاتلين وتايسون غاي).
ومن هنا، نعرف بقية القصة... ثلاث طلقات تحذيرية، على غرار بكين 2008، وثلاث ذهبيات في لندن حيث هيمن على منافسيه، حدث ذلك على غرار عام 2009، عندما حطم البطل الرقمين القياسيين لسباقي 100 و200 م (9.58 ث و19.19 ث) في بطولة العالم ببرلين بعد شهرين على تسجيله 10 ثوانٍ فقط في تورونتو.
معجزة تريلاني ليس فقط "العداء الأكثر موهبة في التاريخ" كما يصف نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي، فوراء الابتسامات والإيماءات يختبىء رجل محترف يستغل الفشل للعودة إلى الطريق الصحيح.
30 عاماً في 2016 أوسترافا، كينغستون، كلاهما بمثابة الصفعات المنقذة التي تعيده إلى التمرين، البرق يعمل يومياً بجهد لتقليص فارق السنتيميتر، 1.4 تحديداً، بين قدمه اليمنى الأقصر من اليسرى، هذا الانحراف بالعمود الفقري وعدم التوازن في الحوض الذي يعاني منه البطل منذ زمن قد يلعب دوراً سلبياً في مستقبله الرياضي، لكن الأسطورة تكون أبدية، أليس كذلك؟
إذاً، بعد أربعة اعوام من بكين، وعشية فوزه بسباق 200 م في لندن، أربعة أيامٍ على تتويجه بسباق 100م، قدم الملك عرضاً لا ينسى.
ختم مع الضحكة بالطبع: "أنا أصر، إذا لن تذكروا لمواطنيكم على التلفزيون والراديو والصحف أني أسطورة حية، لن أمنحكم أية مقابلة صحفية بعد الآن".
تنصيبه الشخصي يطرح سؤالاً جديداً: ما هي الأهداف التي يحددها الأسطورة للحفاظ على شهيته؟ الانتقال إلى الوثب الطويل لتحطيم أسطورة كارل لويس (بطل العالم الرباعي في المسابقة)، الذي ترك شكوك المنشطات تخيم حول أداءه؟ أو الانتقال لسباق 400م؟
بولت محترف حقاً، لكنه ليس مازوشياً ربما، وقد قال مؤخراً: "بالنسبة لعام 2013، الهدف هو العدو بسرعة وإحراز لقب 100م خلال بطولة العالم في موسكو".
كما سيشارك عام 2014 في ألعاب الكومنولث في غلاسكو لتطويق اللقب الأخير الذي يفتقده في مسيرته الزاخرة، وربما يشارك هناك في الوثب الطويل.
وفي 2016، سيبحث عن "الثلاثي المثلث" في سباقات 100 و200 و4 مرات 100 م في ألعاب ريو دي جانيرو... بولت يعدو بسرعة لدرجة أننا نسينا بأنه سيبلغ الثلاثين عند انتهاء ألعاب ريو 2016، في بلاد كرة القدم، سيحين وقت اعتزاله ألعاب القوى، لممارسة كرة القدم ربما؟!
شرح: "اعتقد أني سأعتزل بعد ريو دي جانيرو ببساطة وسأرى ما إذا كنت جيداً في كرة القدم".
الأسطورة لديه الحق بتحقيق حلم الطفولة أيضاً.