شهد برشلونة في السنوات الأخيرة العديد من النكسات الأوروبية التي كشفت عن ضعف ذهني واضح داخل الفريق، حيث بدا أن الفريق يفتقر إلى الشخصية القوية والقدرة على تجاوز اللحظات الصعبة. من خسارته القاسية أمام روما، إلى انهياره أمام ليفربول وبايرن ميونخ، عانى النادي الكتالوني من مشاكل تنظيمية وذهنيّة جعلته هشًّا أمام الفرق الكبرى.
لكن مع وصول هانز فليك، يبدو أن الأمور بدأت تتغير. المدرب الألماني لم يكتفِ بتحسين الأداء التكتيكي، بل أعاد بناء عقلية الفريق، ليصبح برشلونة أكثر صلابة وقدرة على المنافسة رغم الظروف الصعبة التي يمر بها النادي وأكبر دليل على ذلك فوز برشلونة اليوم على بنفيكا 1-0 في دوري أبطال أوروبا عن طريق هدف رافينيا، والفريق منقوص العدد بعشر لاعبين وخارج الديار.
تحوّل في الذهنية قبل التكتيك
على مدار المواسم السابقة، حتى مع امتلاك برشلونة نجومًا كبار مثل ميسي، سواريز، وراكيتيتش، كان الفريق يعاني من انعدام الشخصية في اللحظات الحاسمة، وفي الواقع إن مشاهد مثل انهيار جوردي ألبا بين شوطي مباراة ليفربول، أو توتر فيدال لدرجة الامتناع عن الأكل والشرب، كانت تعكس أزمة حقيقية داخل غرفة الملابس.
اقرأ أيضًا: داني أولمو..موهبة ساحرة تمنح برشلونة بعدًا جديدًا
أما اليوم، فإن برشلونة مع فليك يظهر بصورة مختلفة، حتى مع إمكانيات محدودة، الفريق لم يعد يخسر بسبب تفاصيل صغيرة مثل ضربة ركنية مبكرة أو هجمة مرتدة مفاجئة، بل أصبح قادرًا على التماسك والعودة في المباريات حتى لو تعرض لحالة طرد من بداية المباراة مثلما حدث اليوم مع باو كوبارسي.
العبقرية التكتيكية لفليك
على المستوى الفني، أظهر فليك قدرة مذهلة على توظيف لاعبيه بذكاء. فهو لا يكتفي بإبراز نقاط قوتهم، بل يعمل على إخفاء نقاط ضعفهم بقدر الإمكان. يلعب بأسلوب 4-3-3 المرن، مع ارتكاز متقدم لدعم الهجوم، ودفاع متقدم لاستباق الخصم في بناء اللعب.
تابع أيضًا: صراع ثلاثي بين برشلونة وريال مدريد وليفربول لخطف موهبة جورجيا الصاعدة
أحد أبرز الأمثلة على ذلك، طريقة استخدامه لفيران توريس، حيث يمنحه حرية التحرك في أنصاف المساحات بدلًا من الاعتماد عليه كجناح تقليدي، مما يساعده على تقديم الإضافة بدلًا من أن يكون عبئًا على الفريق. نفس الأمر ينطبق على توظيف بالدي كظهير هجومي، وبيدري في مواقع الضغط، وحتى ليونيل ميسي عندما كان في الفريق.
برشلونة "تقيل" أخيرًا
ما يميز برشلونة تحت قيادة فليك ليس فقط الأداء الجيد، بل الشعور بأن الفريق أصبح أكثر نضجًا و"ثقلًا" في المباريات وخاصة في المواعيد الكبرى وتحديدًا في ليالي الأبطال، ولعلّ الأكثر إثارة للتفاؤل هو أن المدرب الألماني لم يحصل بعد على فرصة اختيار اللاعبين الذين يحتاجهم، بل يعمل بما هو متاح.
قد يهمك أيضًا: سلسلة لا تُقهر..فليك يقترب من كتابة التاريخ مع برشلونة
إذا استمر هذا التطور، ومع تحسن أوضاع النادي على المستوى الاقتصادي والتسجيل، فإن برشلونة قد يكون أمام حقبة جديدة يعيد فيها فرض نفسه كأحد كبار القارة الأوروبية.
