لم يمر 2015 مرور الكرام، بل سيظل عالقاً في ذهن كل الجماهير، وداع وحزن وفساد من جهة، و بطولات وأرقام قياسية وطموح من جهة أخرى، كل هذه المفاهيم وغيرها، فرضت نفسها على عام مفعم بالمفاجأت، مليئ بالأحداث الرياضية، عام لا تكفيه مجلدات للحديث عنه، ولكن أخترنا أبرز الأحداث الرياضية على مستوى العالم لنعرضها في هذا التقرير:
عام الجوائز الفردية:
كما جرت العادة في يناير، يتم توزيع جائزة أفضل لاعب بالعالم في زيوريخ بسويسرا، التي ظفر بها النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، للمرة الثالثة بتاريخه، على حساب “البرغوث” ليونيل ميسي، كما توّج الألماني يواخيم لوف، مدرب المنتخب الألماني، بجائزة أفضل مدرب في العالم، والأمريكية كارلي لويد، أفضل لاعبة في العالم.
عام وداع الأساطير:
شكّل هذا العام صدمة لعشاق الأساطير الكروية، حيث ودّع نادي برشلونة أسطورة النادي تشافي هرينانيز، بعد مرور خمسة وعشرين عام في خدمة النادي، وانتقل بعد تحقيقه دوري أبطال أوروبا إلى السد القطري، وفاجأ النجم الإنجليزي ستيفان جيرارد نجم ليفربول جميع عشاق “الريدز” برحيله عن النادي وانتقاله إلى نادي لوس أنجلوس جالاكسي، كما ترك فرانك لامبارد لاعب تشيلسي فريقه وذهب إلى لوس أنجلوس جالاكسي، وودع يوفنتوس “المايسترو” أندريه بيرلو بعد الخدمات التي قدمها لجميع النوادي التي لعب فيها ، كميلان و الأنتر ويوفنتوس، ليخط اسمه بحروف من ذهب في الكرة الإيطالية، وينتقل إلى نادي نيويورك سيتي، بالإضافة إلى النجم الألماني باستيان شفاينشتايغر، الذي ترك بايرن ميونخ بعد 13 عام، وانتقل إلى مانشستر يونايتد، وفي ذكر الرحيل من المستحيل نسيان “القديس” إيكر كاسياس حامي عرين ريال مدريد لمدة 16 عام، الذي خرج من الأبواب الضيقة للنادي رغم كل ما قدمه، وحط رحاله في بورتو البرتغالي.
عام الأمراض الخبيثة:
استيقظ عشاق كرة القدم بشكل عام، وبرشلونة بشكل خاص، على خبر سيء، وهو إصابة النجم الهولندي السابق يوهان كرويف، بمرض سرطان الرئة، كرويف المعروف أنه جزء من تأسيس “التيكي تاكا”، عانى كثيراً بهذه الفترة وكان التدخين السبب الرئيسي لإصابته بهذا المرض الخبيث.
عام الأرقام القياسية:
لم يكن يدري ليفاندوسكي أنه بمجرد دخوله إلى أرضية الملعب سيصنع التاريخ من جديد، عندما استطاع تحقيق أربعة أرقام القياسية في مباراة فولسبورج بعد دخوله كبديل، والدخول لكتاب “جينيس” للأرقام القياسية، حيث سجل أسرع ثلاثية “هاتريك” بمدة لا تتجاوز 3 دقائق، وسجل أسرع رباعية خلال أقل من خمس دقائق، وأول لاعب سجل خمسة أهداف بتسع دقائق، وأول لاعب بديل يسجل خماسية بهذه الفترة القصيرة.
عام الإنسانية:
وفي موقف إنساني جميل، أعلن نادي بايرن ميونخ إقامته لمباراة من أجل دعم اللاجئين القادمين إلى ألمانيا، ومنهم اللاجئين السوريين، كما استقبل نادي ريال مدريد، اللاجئ السوري أسامة عبد المحسن هو وطفله، بعد أن انتشر له مقطع فيديو على التواصل الاجتماعي، يظهر فيه الصحفية المجرية تعرقله هو و ابنه أنثاء محاولته اجتياز الحدود، وتم تعيينه كمدرب ضمن أكاديمية التكوين والتدريب بنادي خيتافي الذي يقع بالعاصمة مدريد بإسبانيا.
عام الطموح والمفاجأة:
أن تكون في مرحلة من المراحل مهدد بالهبوط، وتصارع من أجل البقاء، وتتحول إلى فريق ينافس على اللقب الدوري، هذا ليس معجزة، بل واقع عاشه فريق ليستر سيتي، بقيادة مدربه المخضرم الإيطالي كلاوديو رانييري، وكوكبة من النجوم الصاعدة مثل فاردي والجزائري المبدع رياض محرز، حيث أنهى فريق “الذئاب” 2015 بالوصافة خلف أرسنال وبنفس عدد النقاط، ليثبتوا للجميع أن ما يحدث ليس صدفة، بل عمل منظم.
عام البطولات والإنجازات:
هيمن كل من برشلونة ويوفنتوس وسان جيرمان وتشيلسي وبايرن على الدوريات الخمس الكبرى، كما ترّبع برشلونة على عرش الأندية الأوروبية بتحقيقه اللقب الخامس لدوري أبطال أوروبا، وحقق الخماسية التاريخية، وشهد شهر أيار (مايو) تتويج فريق أشبيلية الإسباني ببطولة الدوري الأوروبي للمرة الثانية على التوالي وللمرة الرابعة خلال آخر 11 سنة، أما دولياً ظفر المنتخب التشيلي ببطولة كوبا أمريكا لأول مرة بتاريخه، حيث تغلب على الأرجنتين بركلات الترجيح، كما تمكنت أستراليا من الفوز ببطولة كأس الأمم الآسيوية لأول مرة في تاريخها، بعد تفوقها في المباراة النهائية على كوريا الجنوبية بهدفين مقابل هدف، أما إفريقياً، نجح المنتخب الإيفواري أخيراً في حصد لقب بطولة كأس الأمم الأفريقية، بعدما تخطى عقبة غانا في النهائي بركلات الترجيح، وفي بطولة كأس العالم للشباب فازت صربيا على البرازيل بهدفين مقابل هدف لتتوج باللقب.
عام التفجيرات الإرهابية:
لم تنأى الرياضة عن السياسة، بل أصبحت تتغلغل في ثناياها، حيث سمع من ملعب “ستاد دو فرانس”، في ضاحية سان دوني الباريسية، دوي انفجارات وإطلاق للنيران خارج الملعب، بالمباراة التي جمعت المنتخب الفرنسي مع ألمانيا ودياً، والتي كان يحضرها رئيس فرنسا فرانسوا هولاند، الذي تم إجلائه من الملعب بين الشوطين، قبل أن يتضح حدوث أعمال إرهابية خارج الملعب بالعاصمة الفرنسية، والتي خلفت أكثر من 170 ضحية نتاج هذه الأعمال الأرهابية، مما أثار موجة من التعاطف العالمي مع ضحايا تفجيرات باريس.
عام النحس وسوء الطالع:
رغم تاريخه العريق محلياً وأوروبياً، إلا أن النادي “الملكي” خرج من موسم 2015 بـ”خفي حنين”، حيث لم يحقق أي بطولة تذكر رغم تواجد نجوم من طينة الكبار ضمن صفوفه، والأنكى من ذلك هو الخروج المدّوي والفاضح من كأس الملك، إذ أعلن “الاتحاد الإسباني” لكرة القدم، استبعاده رسمياً لنادي ريـال مدريد من كأس الملك لكرة القدم، بداعي إشراكه للاعب موقوف في مباراة ذهاب دور 32 أمام قادش، وهو دينيس تشريشيف، والذي كان يلعب الموسم الماضي ضمن صفوف فياريـال، وحصل على ثالث بطاقة صفراء في آخر مبارياته في الكأس مع الفريق، وعليه يتم إيقافه في المباراة التالية له في البطولة، وتم اعتبار نادي قادش هو الفائز بالمواجهة وتأهل لدور الـ16.
عام الإعتزالات:
شهدت ملاعب كرة القدم في 2015، توديع كبار نجوم ساهموا في إغناء كرة القدم، وتركوا بصمة لا يمكن لأحد أن ينساها، وأبرز اللاعبين الذين أعتزلوا اللعب: خوان رومان ريكلمي، لاعب بوكاجونيوز البالف 36 عاماً، الذي قرر الاعتزال بعد أن قدم مسيرة حافلة بالإنجازات، و لا يمكن أن ننسى النجم راؤول غوانزليس، أو كما يحلو لعشاقه أن يسموه راؤول “بلانكو” تيمناً باللون الأبيض الملكي وهو لون ريال مدريد، الذي قرر الإعتزال بعد ان ساهم بتحقيق إنجازات تاريخية للفريق “الملكي” و سطر اسمه بحروف من ذهب، الذي اعتزل اللعب مع نادي نيويورك كوسموس، ويبلغ من العمر38 عاماً، كما لا يمكن أن ننسى اعتزال اللاعب الأمريكي نجم لوس انجلوس وكرة السلة كوبي براينت.
عام الفساد:
رغم فوزه بالإنتخابات الرئاسية للاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، على حساب الأمير علي بن الحسين، إلا أن جوزيف بلاتر لم يستمتع بهذا الفوز كثيراً، حيث أعلنت لجنة الأخلاق المستقلة التابعة للـ “الفيفا”، إيقاف بلاتر، والفرنسي ميشيل بلاتيني، رئيس “الاتحاد الأوروبي لكرة القدم”، مؤقتاً لمدة 90 يومًا بسبب فضيحة فساد، و تعيين عيسى حياتو، رئيساً مؤقتاً لـ«الفيفا» بصفته أقدم الأعضاء، كما طالبت الشركات الراعية للـ”الفيفا” بلاتر بالنتحي عن منصبه، واتهم محققو النيابة الأمريكيون، مسؤولين في “الفيفا” بالابتزاز والتزوير وغسل الأموال لعشرات الملايين من الدولارات على مدار 24 عاماً، ما أدى إلى “إفساد كرة القدم”.
لقد كان 2015 عاماً أستثنائياً بكل تفاصيله، وبين أرقام ليفاندوسكي و فساد بلاتر، و إنجازات برشلونة و إنسانية ريال مدريد، نودع عاماً لا يمكن لكل جماهير الرياضة أن تنساه، و آملين أن يكون 2016 عام مفعم بالرياضة الجميلة والأخلاق العالية، إذ ما تزال الرياضة عموماً وكرة القدم خصوصاً، هي المنفذ الوحيد لجميع العالم، واللغة التي يجتمع على نطقها كل سكان الأرض.
عبيدة فخر الدين