بعد عشرة أعوام على شراء الملياردير الروسي رومان آبراموفيتش نادي تشلسي، ما تزال الأندية الأوروبية هدفاً للمستثمرين الأجانب.
ويتصدر شيوخ من الدول الخليجية ورجال أعمال من روسيا وآسيا والولايات المتحدة المشهد في شراء أبرز الأندية الأوروبية.
فمن تشلسي إلى الاستحواذ على إنتر قبل أسابيع عبر رجل الأعمال الإندونيسي إيريك توهير، هناك لائحة طويلة من الأندية الأوروبية التي تغير ملاكها.
والهدف الأكثر جذباً هو الدوري الممتاز في إنجلترا حيث البيئة أكثر ملاءمة للمستثمرين مع وجود العديد من الأندية المدرجة أسهمها في البورصة.
فمن أصل 20 نادياً إنجليزياً في الدوري الممتاز الغني بعائداته، هناك 11 نادياً لملاك أجانب.
وتحول اهتمام بعض المستثمرين إلى دوريات أوروبية أخرى، لا سيما في فرنسا، حيث لا تواجه الأندية ديوناً ضخمة كما في إسبانيا وإيطاليا وحتى إنجلترا، كما لا تعترضها شروط كما في ألمانيا حيث يمنع القانون فيها على أي مستثمر خاص تملك أكثر من 49 بالمائة من أسهم أي نادٍ.
فقد تم شراء نادي باريس سان جيرمان من قبل جهاز قطر للاستثمار الرياضي عام 2011، كما اشترى الملياردير الروسي ديميتري ريبولوفليف نادي موناكو في ديسمبر من العام ذاته.
وضم الناديان الفرنسيان عدداً كبيراً من اللاعبين مقابل عشرات ملايين الدولارات، فتعاقد الباريسي مع السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والأوروغوياني إيدينسون كافاني مثلاً، وموناكو الذي عاد هذا الموسم إلى مصاف أندية الدرجة الأولى مع المهاجم الكولومبي راداميل فالكاو وآخرين في صفقات خيالية.
ويقول ديدييه بريمولت المدير المساعد لمركز القانون والاقتصاد الرياضي في ليموج: "تدفق الأموال له تأثير فوري على السوق، فأول ما فعله هؤلاء الملاك الجدد دفع مبالغ طائلة للحصول على أفضل اللاعبين، وهذا بدوره يؤدي إلى تضخم وأحياناً إلى عدم التوازن مع الأندية التي لا يمكنها مجاراة ذلك".
وأعد هذا المركز تقريراً إلى الاتحاد الأوروبي كجزء من جهوده الرامية لتنظيم نظام انتقال اللاعبين، حيث ركز فيه على أن التضخم الأكبر حصل بعد مجيء آبراموفيتش إلى تشلسي في 2003، وشراء مانشستر سيتي من قبل شركة في العاصمة الإماراتية أبو ظبي صيف 2008، وأيضاً بعد اتمام صفقتي شراء باريس سان جيرمان وموناكو وتنافسهما على ضم اللاعبين مما أدى إلى تحطيم الرقم القياسي الفرنسي لصفقات الانتقال.
وهناك أنواع مختلفة من المستثمرين في الأندية الأوروبية، فالإندونيسي توهير دفع 200 مليون يورو من صفقة شراء إنتر لتسديد ديون النادي.
لكن ضخ هذه المبالغ لمعالجة الديون وشراء لاعبين يتم أحياناً من دون أي اعتبار للمنطق الاقتصادي لسوق الدولة المعنية، وفي آخر الأمثلة ما حصل مع موناكو الذي أنفق قبل انطلاق الموسم الحالي 167 مليون يورو خلال سوق الانتقالات الصيفية.
وهناك أيضاً نموذج الملياردير الروسي الآخر سليمان كريموف الذي حول نادي آنجي ماكاتشكالا من فريق في مقاطعة داغستان إلى أحد اللاعبين على الساحة الأوروبية بإنفاقه عشرات الملايين من الدولارات عام 2011، وخصوصاً بعد التعاقد مع سامويل إيتو الذي تردد في حينها أنه اللاعب الأعلى أجراً في العالم لحظة توقيع العقد (نحو 17 مليون يورو).
وتخلى كريموف عن سياسته وباع معظم لاعبيه وقرر إعادة الفريق للتركيز على البطولة المحلية.
نموذج آخر من الاستثمار في الأندية الأوروبية يتعلق برجل الأعمال الماليزي فنسنت تان الذي اشترى كارديف سيتي الويلزي والذي يلعب هذا الموسم في الدرجة الإنجليزية الممتازة للمرة الأولى، حتى أنه بدل لون ثياب الفريق المعتاد من اللون الأزرق إلى الأحمر.
ويوضح المستشار في الاقتصاد المتعلق بالرياضة فريدريدك بولوتني قائلاً: "هناك أنواع عدة من المستثمرين، فالبعض يتطلع إلى عائدات غير مباشرة كجزء من استراتيجية سياسية، مثل ملكية قطر لباريس سان جيرمان، والبعض كآبراموفيتش في تشلسي وريبولوفليف في موناكو يبحث عن الاحترام بغض النظر عن العائدات المادية، فلا يمكن المقارنة بين جميع المستثمرين".
في الواقع، فإن الحالات التي يتطلع فيها المستثمرون الأجانب إلى الأرباح المادية كما هي حال عائلة غلايزر في مانشستر يونايتد تبدو نادرة جداً.
ومن المتوقع أن يؤدي تطبيق القانون الجديد للاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي يمنع الأندية من إنفاق أكثر من مجموع عائداتها إلى منع المزيد من هذه الحالات من الإنفاق ولو أن العديد من هذه الأندية وجدت طرقاً جديدة للتحايل على هذه القوانين من خلال عقود رعاية خيالية من حيث المبالغ المتعلقة فيها.
ويبقى السؤال حول إمكانية تطبيق القانون الأوروبي، واستمرار المستثمرين في هذه الحال بإبداء اهتمامهم بشراء الأندية الأوروبية.
