العوائد الضخمة تعزز هيمنة أندية إنجلترا أوروبياً

تاريخ النشر: 03 يونيو 2019 - 11:03 GMT
فوز مهم لليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا
فوز مهم لليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا

عائدات بيع حقوق بث المباريات لشبكات التلفزيون المختلفة من أبرز مصادر إيرادات أندية كرة القدم الأوروبية، وحجم إيرادات الدعاية بلغت نحو 1.35 مليار يورو في الدوري الإنكليزي.

ربما لم يدر بخلد كثيرين أن تحتكر الأندية الإنجليزية نهائيات أكبر بطولتين لكرة القدم في أوروبا هذا الموسم، بعد إقصاء عمالقة إسبانيا، ريال مدريد وبرشلونة وكبار أندية فرنسا وألمانيا وإيطاليا مثل باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ ويوفنتوس.

لكن يبدو أن للاستثمارات الهائلة القول الفصل في بلوع ليفربول وتوتنهام نهائي دوري أبطال أوروبا، وتأهل تشيلسي وآرسنال لنهائي الدوري الأوروبي.

وكان الفوز التاريخي الذي حققه ليفربول على ضيفه برشلونة في مباراة الإياب على ملعب آنفيلد، أكبر مفاجآت البطولة لأن الفريق الإنجليزي كان يحتاج لمعجزة الفوز بأربعة أهداف وقد حققها بالفعل بعد أن كان قد خسر مباراة الذهاب بثلاثة أهداف نظيفة.

بالطبع هناك قائمة طويلة من الأسباب الفنية التي ساهمت في تحقق ذلك الإنجاز التاريخي لكرة القدم الإنجليزية، منها نجاحها في استقطاب أبرز المدربين والمواهب، لكن جميع ذلك يرتبط بالتأكيد بتدفق الاستثمارات والعوائد.

قبل الحديث عن المواهب الكبيرة، التي تزخر بها الأندية الإنجليزية ينبغي التركيز على النظام المالي الذي اعتمدت عليه هذه الأندية لكي تصبح قادرة على استقطاب وتوظيف أشهر الأسماء في عالم كرة القدم.

على سبيل المثال لكي يتمكن ليفربول من الحصول على خدمات مدربه يورغن كلوب، ونجوم مثل محمد صلاح وساديو ماني، لا بد أن يتوفر له التمويل اللازم لدفع أجورهم.

كما أن جمع مانشستر سيتي للألقاب المحلية الثلاثة في حدث غير مسبوق هذا الموسم، يتطلب دفع رواتب ضخمة لمدربه بيب غوارديولا، ونجومه الكبار مثل سيرجيو أغويرو.

وهنا نجد أن كرة القدم الأوروبية تعيش حالة من الطبقية الشديدة، وتبدو فيها الفروق المالية هائلة بين نادٍ قادر على شراء أفضل اللاعبين، وآخر لا يستطيع حتى الاحتفاظ بمن يبرزون في صفوفه.

وفي ظل هذه الطبقية، تتصدر الأندية الإنجليزية أوروبا باعتبارها الأكثر ثراء وقوة كما يوضح تقرير الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) عن تمويل كرة القدم في آخر المواسم التي أصبحت أرقامها متاحة، وهو موسم 17-2018.

ويظهر التقرير أن إجمالي أصول الأندية الإنجليزية بلغ 9.78 مليار يورو، وهو أكثر من ضعف الأندية الإسبانية التي جاءت في المرتبة الثانية بنحو 4.8 مليار يورو.

ويشير التقرير إلى أن هناك 11 نادياً إنجليزياً بين أكثر 20 نادياً تحقيقاً للأرباح في أوروبا حالياً.

كما أن الدوري الإنجليزي الممتاز هو الأكثر سخاء في الإنفاق على رواتب نجوم ومدربي كرة القدم مقارنة بكافة الدوريات الأوروبية، حيث بلغت فاتورة تلك الرواتب في الموسم الماضي للفرق العشرين نحو 2.9 مليار يورو.

ويبتعد ذلك بفارق كبير عن فاتورة الفرق الإسبانية العشرين في الدوري الإسباني الممتاز التي حلت في المرتبة الثانية من حيث الإنفاق على رواتب اللاعبين والمدربين بنحو 1.7 مليار يورو، وفقاً لتقرير مؤسسة “ديلويت” البريطانية.

وتتسع فجوة الإنفاق على الرواتب بشكل كبير عن باقي بطولات أوروبا الكبيرة مثل الدوري الألماني والدوري الفرنسي والدوري الإيطالي.

ولا شك أن هذا الإنفاق الهائل على رواتب اللاعبين والمدربين، والذي يتصاعد سنوياً بنسب متفاوتة، يتطلب إيرادات هائلة لتغطية ذلك الإنفاق.

وهنا نجد أن الدوري الإنجليزي الممتاز هو الأول في أوروبا من حيث حجم الإيرادات التي بلغت نحو 5.29 مليار يورو في موسم 2017-2018 مقابل إيرادات الدوري الإسباني، التي بلغت نحو 2.8 مليار يورو، وهو مبلغ قريب من إيرادات الدوري الألماني التي بلغت 2.7 مليار يورو لذات الموسم، فيما تنخفض إيرادات الدوري الفرنسي بشكل ملحوظ لتبلغ 1.6 مليار يورو في نفس الفترة.

تعد عائدات بيع حقوق بث المباريات لشبكات التلفزيون المختلفة من أبرز مصادر إيرادات أندية كرة القدم الأوروبية.

ومرة أخرى تتصدر الأندية الإنجليزية باقي أندية أوروبا من حيث عائدات بث المباريات، والتي بلغت 3.22 مليار يورو في موسم 17-2018 وهو ما يمثل نسبة 61 بالمئة من إجمالي إيرادات الدوري الإنجليزي.

ويأتي الدوري الإسباني في المرتبة الثانية في العوائد التلفزيونية بنحو 1.48 مليار يورو، أي ما يقل بنحو 48 بالمئة عن الدوري الإنجليزي الممتاز.

وفي المرتبة الثالثة يأتي الدوري الألماني بنحو 960 مليون يورو أي ما يقل بنسبة 66 بالمئة عن الدوري الإنجليزي.

وهنا يمكن القول أن قوة شبكات التلفزيون الإنجليزية وسعة انتشارها بسبب شيوع اللغة الإنجليزية، تساهم بشكل مباشر في توفير التمويل الكبير.

في المقابل لا تتوافر تلك الإمكانيات المالية الضخمة لشبكات التلفزيون الإسبانية والألمانية والفرنسية والإيطالية.

أما المصدر الثاني لإيرادات أندية كرة القدم الأوروبية فهو الدعاية والإعلان، وهنا أيضاً تبرز جاذبية الدوري الإنجليزي مقارنة بباقي الدوريات الأوروبية.

فقد بلغ حجم إيرادات الدعاية ورعاية الأندية من قبل مؤسسات كبيرة نحو 1.35 مليار يورو في الدوري الإنجليزي مقابل 826 مليون يورو للدوري الإسباني و854 مليوناً للدوري الألماني في موسم 17/2018.

ويؤكد ذلك نجاح أندية كرة القدم الإنجليزية في مجال التسويق وتفوقها الكبير على الدوريات الأوروبية الأخرى في القدرة على جذب شركات ومؤسسات كبيرة لكي يتم الإعلان عنها على قمصانها والشاشات المحيطة بأرضية الملاعب.

أما المصدر الثالث لإيرادات أندية كرة القدم الأوروبية فهو حصيلة بيع تذاكر المباريات، وهنا تبدو الإيرادات متقاربة نسبياً بسبب مساحة المدرجات المتشابهة، لكن الدوري الإنجليزي يتصدرها بإيرادات تبلغ نحو 718 مليون يورو مقابل 544 مليوناً للدوري الإسباني ونحو 504 مليون يورو للدوري الألماني.

وفي محصلة المصادر الثلاثة الرئيسية للإيرادات أي حقوق بث المباريات وأنشطة التسويق والدعاية، وعائدات بيع تذاكر المباريات، تتفوق أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق كبير على باقي الأندية الأوروبية.

ويرجع ذلك أساساً إلى ضخامة عائدات بث المباريات التي تدفعها شبكات التلفزيون للأندية المشاركة في الدوري الممتاز إضافة إلى تفوق هذه الأندية في أنشطة الدعاية والإعلان.

ومع قوة الأذرع المالية للأندية الإنجليزية، تتصاعد قدرتها على شراء اللاعبين النجوم من مختلف بقاع الأرض ليساهموا في نجاحها وتفوقها.

ويقدر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قيمة اللاعبين الذين يلعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز بنحو 2.69 مليار يورو، فيما ينخفض هذا المبلغ إلى 1.2 مليار بالنسبة للدوري الإسباني، وهو ما يعني أن الأندية الإنجليزية تمتلك من النجوم ما لا تمتلكه غيرها من الأندية الأوروبية.

وفي الخلاصة يمكن القول أن توافر هذا التمويل الضخم للأندية الإنجليزية لم يكن ليؤتي ثماره دون الإدارة الجيدة، وهنا تكمن أيضاً قدرتها على استقطاب أبرز الإداريين في العالم.

ويشير ذلك إلى وجود خبرات واسعة تقف وراء إدارة أندية كرة القدم الإنجليزية التي تحوّلت إلى شركات عملاقة توظف أفضل الكفاءات لتحقيق أهدافها، ومن ضمنها كفاءات الإدارة والتمويل والتسويق والدعاية.

وترجح كل هذه الأرقام والحقائق أن يستمر الدوري الإنجليزي في الصدارة جامعاً أفضل المدربين ونجوم كرة القدم في العالم، لتتواصل هيمنة الأندية الإنجليزية على كرة القدم الأوروبية.