فقدت الأندية الإيطالية العديد من أبرز نجومها خلال العام 2012 ولم تعد تهيمن على أوروبا كما كان في السابق مما أثر على الدوري الإيطالي، لكن ذلك لم يؤثر على المنتخب وصيف بطل أوروبا بقيادة المدرب تشيزاري برانديلي، الذي لا يزال متألقاً وجذاباً.
وأصيبت كرة القدم الإيطالية في عنفوانها وتخلت عن المركز الثالث في تصنيف الاتحاد الأوروبي للأندية وعن مقعدها الرابع في مسابقة دوري أبطال أوروبا الذي آل إلى ألمانيا الأكثر ثباتاً في المسابقات الأوروبية، فضلاً عن أن نادي اودينيزي فشل في امتحان التصفيات التمهيدية، ولم يتبق لها سوى ممثلين اثنين هما يوفنتوس البطل وميلان الوصيف اللذين بلغا الدور الثاني (ثمن النهائي).
واختفت إيطاليا تقريباً عن منصات التتويج رغم أن أنديتها بلغت نهائي دوري أبطال أوروبا 13 مرة بين 1998 و2007 ففاز ميلان باللقب 6 مرات ويوفنتوس مرة واحدة، وبعد ذلك بلغ نادٍ وحيد نصف النهائي هو إنتر بإشراف المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو عام 2010 ثم توج باللقب.
وفيما عدا هذا الاستثناء الذي تحقق بفضل المعرفة التكتيكية الملازمة لأندية الكالتشيو، فقد كشفت إيطاليا عن صورة باهتة خلال الأعوام الأخيرة.
وأسباب هذا التراجع الحاد في مستوى الأندية الإيطالية عميقة ويخشى من أن تستمر لأنها لا تملك وسائل جذب النجوم الكبار بعد أن تحولت الأندية العملاقة إلى بائعة لنجومها.
وقد تخلى إنتر عن الكاميروني صامويل إيتو الذي رحل صوب آنجي ماكاتشكالا الروسي، وميلان عن السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والبرازيلي تياغو سيلفا إلى باريس سان جيرمان الفرنسي.
وبنظرة تحليلية معمقة إلى واقع يوفنتوس بطل الدوري ومتصدر الترتيب الحالي يتبين أنه كان عاجزاً مبدئياً عن ضم مهاجم من مستوى عالمي يبحث عنه منذ فترة طويلة.
وباستثناء الأوروغوياني إيدينسون كافاني في نابولي والإيطاليين المخضرمين الحارس جيانلويجي بوفون وأندريا بيرلو في يوفنتوس، هجر معظم النجوم العالميين السيري آ، وبات على إيطاليا أن تنجب بنفسها مثل هؤلاء النجوم ولديها مثال حي في نادي ميلان يتمثل بالشاب الواعد ستيفان الشعراوي (20 عاماً) متصدر ترتيب الهدافين والملقب بـ "الفرعون الصغير" لانحداره من أصول مصرية والذي يحلم ناديه بأن يكون خليفة للهولندي ماركو فان باستن.
هذا فضلاً عن أن الملاعب في إيطالي لا تعود في الأصل للأندية كونها مملوكة من البلديات باستثناء ملعب يوفنتوس آرينا الجديد الذي يملكه يوفنتوس، وهذا الأمر لا يمكن الأندية من الاستفادة وزيادة مداخيلها مع انخفاض نسبة الحضور من المتفرجين بشكلٍ حاد.
ولا يمكن الاستهانة بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها إيطاليا والعديد من الدول الأوروبية والعالمية وتأثيرها المباشر على نسبة الحضور.
برانديلي كاردينالاً
لكن في قلب هذه اللوحة السوداء القاتمة للكرة في إيطاليا، يتألق المنتخب دائماً بفضل موهبة المدير الفني تشيزاري برانديلي الذي قاد منتخباً لنهائي بطولة يورو 2012 في بولندا وأوكرانيا لم يكن أشد المتفائلين يرشحه لبلوغ هذا الدور ولم يكن أبدا ضمن المرشحين لنيل اللقب على الورق.
وقال بانتاليو كورفينو المدير الرياضي السابق لفيورنتينا عندما كان برانديلي مدرباً له: "تشيزاري جيد في كل ما يعمل وأنا واثق من أنه لو اختار طريق الكهنوت لأصبح كاردينالاً".
وعلى غرار الجنرال جيوسيبي غاريبالدي (القرن التاسع عشر)، وحد برانديلي إيطاليا حول مشروع ثوري في بلد يتميز بأسلوب "اللعب الدفاعي"، على الرغم من أن مغامرته في اليورو لم تنته بالصورة المطلوبة حينما سقط أمام إسبانيا 0-4 في مباراةٍ أكمل الفريق معظم فترات الشوط الثاني منها بعشرة لاعبين عقب إصابة لاعب وسطه تياغو موتا بعدما استنفذ برانديلي تبديلاته الثلاث.
لكن على جميع الأحوال، أعاد مدرب الفيولا السابق إلى الواجهة منتخباً كبيراً وحقيقياً يعتد به وهو منذ الآن أحد المرشحين الأقوياء للفوز بكأس العالم 2014 في البرازيل التي يسير في تصفياتها بخطى ثابتة.
ويعول أيضاً على أن القاعدة الصلبة التي بناها برانديلي قد تكتمل وتزداد غنى حتى ذلك الموعد بمهاجمين من الطراز الأول فالمشاكس ماريو بالوتيلي الذي تألق في اليورو وسجل ثنائية في مرمى ألمانيا (2-1) يتابع نجاحه مع المنتخب، كما تمكن الشعراوي من افتتاح رصيده من الأهداف الدولية ودياً في مرمى فرنسا (1-2) منتصف تشرين الثاني.
وقد يكمل "الإيطاليان الجديدان" من أصول غانية ومصرية مجموعة ممتازة من اللاعبين، مع دفاع يسيطر عليه فريق "السيدة العجوز" بوجود 4 لاعبين من أصل 5 بمن فيهم الحارس بوفون، وخط وسطٍ متألق يقوده العبقري أندريا بيرلو، لهذا لم تقل إيطاليا كلمتها الأخيرة بعد.