ينقسم عالم كرة القدم إلى أندية ولاعبين وإدارات، تسعى الأندية للبطولات واللاعبون للألقاب وتسعى الإدارات لتحقيق الأرباح المالية والعقود الإعلانية لكن هذا ليس كل شيء هناك مؤسسة أخرى استطاعت تحقيق نجاح أسطوري أضاف لعالم كرة القدم ضلعاً آخر، إنها لا ماسيا أكاديمية شباب نادي برشلونة.
تاريخ عريق جداً لإحدى أهم المؤسسات الرياضية لصناعة النجوم
يمتد تاريخ لا ماسيا لعام 1954 وكانت في البداية ورشة للعمال الذين كانوا يعملون في ملعب الكامب ناو ملعب النادي الكتالوني إلى عام 1979 حيث تقدم يوهان كرويف أسطورة برشلونة على مر العصور بفكرة عبقرية لرئيس النادي آن ذاك جوسيب نونيز الذي وافق عليها مباشرة وكانت الفكرة هي تحويل لا ماسيا إلى أكاديمية شباب لصناعة النجوم ولتصعيدهم لللعب في الفريق الأول بدلا من شراء اللاعبين وتكليف خزائن النادي الأموال.
تاريخ عريق من غوارديولا مروراً بتشافي انتهاء بميسي والأكاديمية لم تتوقف عاماً واحداً عن مد أندية كرة القدم بالنجوم والمواهب الفذة التي تتم رعايتها داخل جدران النادي الكتالوني برعاية فائقة وباستخدام أحدث الأساليب العلمية في رعاية الناشئ بدنياً وذهنياً وفنياً وتطوير مواهبه الخاصة إضافة لتعليمه الأسلوب الكتالوني الخاص بالتمرير الدقيق والسيطرة على الكرة أطول فترة ممكنة والهجوم السريع.
شعور رائع
"اللاعبون الذين ينجحون في لاماسيا يجب أن يكونوا مختلفين ويقدموا إضافة كبيرة لينضموا للفريق وحينها يكون شعوراً رائعاً أن تلعب للفريق الأول في برشلونة بعدما كنت في النادي طوال عمرك منذ أن كنت طفلاً" كلمات جوسيب غوارديولا تصف كم هو أمر شاق ورائع في نفس الوقت أن تنجح في الفئات العمرية بالنادي حتى تصل صفوف الفريق الأول.
لكي تخترق الفريق الأول عليك أن تعبر 12 فريقاً داخل الأكاديمية بدءاً من عمر 7 سنوات حتى عمر 18 عاماً وحينها يتم ضم الناشئ إلى نادي برشلونة ب وهي الامتحان الأخير للاعب الصاعد قبل الانضمام للفريق الأول.
كسر هذه القواعد بعض اللاعبين الأفذاذ أصحاب القدرات الخارقة مثل ليونيل ميسي حينما انضم للفريق الأول بعمر 17 عاماً فقط وذلك لأن حجم الموهبة كان كبيراً جداً على مستوى الفئات العمرية ولذلك وجب ضمه للنخبة مباشرة.
شهدت أكاديمية لا ماسيا تطوراً غير مسبوق خلال العقد الأخير خصوصاً الخمس سنوات الأخيرة حينما تولي غوارديولا الذي كان يعمل مدرباً في الأكاديمية تدريب الفريق الأول وبدأ يعتمد على أبناء النادي الكتالوني خريجي الأكاديمية بصورة أساسية حتى وصل الأمر لوجود 15 لاعباً منهم بالفريق الأول ليسجل البارسا بذلك رقماً قياسياً.
الأرقام القياسية التي حققتها لا ماسيا مؤخراً هي حديث كل العالم خصوصاً بعد نهائي بطولة أوروبا الأخيرة حينما كان بين تشكيلة المنتخب الإسباني 9 لاعبين خريجي لا ماسيا وهم فيتكور فالديس وبيبي رينا وجيرارد بيكيه وجوردي ألبا وتشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وسيسك فابريغاس وبيدرو رودريغيز وهو رقم قياسي آخر بوجود 9 لاعبين في نهائي بطولة أوروبا للأمم من أكاديمية واحدة.
وخلال موسم 2011-2012 سجل نادي برشلونة 114 هدفاً بينها 89 هدفاً سجلها لاعبون من خريجي الأكاديمية بنسبة 74%.
مشروع جديد
ومؤخراً بدأ مسؤولو لا ماسيا مشروعاً جديد وهو الحفاظ على نفس النمط للفريق الكتالوني لعقود طويلة والفكرة خلف هذا المشروع هو أنهم يعتقدون أن الفريق الحالي قد وصل للكمال في كرة القدم وبدؤوا في البحث في كل مكان في العالم عن مواهب لها نفس صفات الجيل الحالي يلعبون بنفس الأسلوب ونفس الخطة ويحافظون على ريادة فريق برشلونة لعقود طويلة.
وبالفعل، حصول مسؤولو النادي على عدد من المواهب الفذة التي يعتقد أنها ستمثل الفريق الأول لبرشلونة بعد اعتزال أو رحيل الجيل الحالي من مواهب برشلونة، فبدأ بميسي وبحثوا عن لاعبين يمتلكون نفس الصفات والقدرات من حيث السرعة والتحكم في الكرة وحصلوا على تايكفوسو كوبا 11 عاماً، ولي سونغ 14 عاماً، وساندرو راميريز 16 عاماً، يعتقد أن أحد هؤلاء المواهب سيكون ميسي جديد في المستقبل إذ يمتلكون ما يؤهلهم للانضمام للأكاديمية وبدء مرحلة إعدادهم ليصبحوا نجوماً في المستقبل.
إعادة إنتاج النجوم لم تكن مع ميسي فقط بل إنييستا أيضاً فتم ضم ليونيل أنجيني 15 عاماً وسيمون كولينا 16 عاماً ودافيد بابونيسكي 17 عاماً، وهؤلاء لاعبون موهوبون جداً في التمرير والتمركز وأصحاب قدرات عالية جداً في رؤية الملعب والتحرك دون كرة.
بديل تشافي
كابتن الفريق تشافي هيرنانديز هو أيضا أحد اللاعبين الذين يسعى برشلونة لإيجاد بديل له، وبالفعل حصل النادي على مواهب يملكون قدرات رائعة في التمرير والتحكم في خط الوسط أبرزهم ويلفريد كابتون 15 عاماً وجويل هيرتاز 16 عاماً.
جصل النادي على مواهب تستطيع أن يمثلوا الفريق خلال العقد المقبل عبر لاعبين ما بين سن 10 و 18 عاماً وتم ضمهم للأكاديمية لبدء مرحلة الإعداد الطويلة حتى يصبحوا نجوماً كباراً.
حصد الثمار
سيبدأ النادي هذا العام حصد بعض الثمار التي نضجت وحان وقت ضمها للفريق الأول أبرزهم كريستيان تيو الجناح الموهوب يمتلك سرعة كبيرة وتسديدات ممتازة وأيضاً جيرارد ديلوفيو جناح آخر بقدرات رائعة على المراوغة وتياغو ألكانتارا لاعب الوسط الذي اخترق صفوف الفريق الأول بشكل متقطع خلال العام الماضي ويعتقد أن حان الوقت ليأخذ دوراً أساسياً مع الفريق الأول وأيضاً آيزك كوينكا الجناح الكلاسيكي الرائع وإنييستا الجديد كما يلقبه عشاق الفريق الكتالوني.
للأكاديمية دور آخر وهو الاستثمار بعد تخريج الأكاديمية لللاعبين يكون العدد أكبر من أن يتحمله الفريق الأول بمفرده وهنا يبدأ النادي في بيع عدد من اللاعبين وهذا ما يمثل مصدر دخل كبير للنادي حيث تتعاقد مع الناشئ ببضعه آلاف وتبيعه بملايين وبذلك يمثل أفضل استثمار ممكن في كرة القدم أبرز خريجي الأكاديمية الذين يلعبون في أكبر أندية العالم حاليا حارس ليفربول بيبي رينا ومتوسط ميدان أرسنال دافيد آرتيتا ولاعب تشلسي أوريليو روميو ومهاجم روما بويان كركيتش وغيرهم كثيرون.
لم يكن عام 2010 عادياً في تاريخ لا ماسيا فقد كانت الأكاديمية فوق سطح القمر حينما أعلن الفيفا عن أفضل ثلاثة لاعبين في العالم حينها وكانوا ليونيل ميسي وأندريس إنييستا وتشافي هيرنانديز على الترتيب والأهم أن جميعهم خريجو أكاديمية لا ماسيا وبذلك أخرجت الأكاديمية أفضل ثلاثة لاعبين في العالم إضافة لفوز ميسي بجائزة أحسن لاعب في العالم لثلاث مرات متتالية وهو إنجاز آخر للأكاديمية يضاف لإنجازاتها الكبيرة في عالم كرة القدم.
وبذلك فإن لا ماسيا ومثيلتها من أكاديميات الفرق الكبرى وأبرزها أكاديمية نادي أياكس الذي يشكل خريجوها 70% من تشكيلة الفريق الأول وكذلك أكاديمية بطل فرنسا نادي مونبيليه الذي يشكل خريجوها 41% من تشكيلة الفريق الأول، أثبتوا جميعهم أن هناك ضلعاً جديداً تم إضافته لعالم كرة القدم وهو صناعة النجوم.
الأكاديميات التي تعد استثماراً كبيراً بدأت كبار الأندية في العالم الالتفات لها وباتت تحظى باهتمام شديد من أجل صناعة النجوم وتحقيق المكاسب سواء للنادي من خلال الفوز بالبطولات أو تسويق هؤلاء اللاعبين.