حين طلب جوزيه مورينو من الروسي رومان آبراموفيتش مالك نادي تشلسي الإنجليزي الملياردير الروسي رومان آبراموفيتش إنفاق مبلغ 40 مليون يورو عام 2005 من أجل شراء الغاني مايكل إيسيان من ليون الفرنسي، كانت الفكرة آنذاك ضرباً من الجنون.
لكن المدرب البرتغالي الذي كان مدرباً للبلوز في ذلك الوقت أثبت لاحقاً أنه كان على حق، وأن الفتى الإفريقي قوي البنيان يستحق كل سنت دفع من أجله.
وأنفق آبراموفيتش المبلغ الضخم انصياعاً لأوامر مورينيو رغم أنها كانت مخاطرة كبيرة على لاعب مغمور آنذاك يشغل مركز لاعب الوسط المدافع أو محور الارتكاز، وكانت الصفقة محل سخرية من خصوم البلوز، ومحل انتقاد من مشجعيه أنفسهم.
إلا أن إيسيان أثبت بمرور الوقت أنه الجندي الأكثر وفاء وإخلاصاً بين كتيبة "ذا سبيشل ون"، وظهر بمستويات رائعة في حقبة المدرب البرتغالي، وحتى بعد رحيله، وكان عموداً أساسياً بالمشروع الذي تبناه من أجل بناء جيل ذهبي للفريق اللندني بإمكانه حصد أي لقب محلي أو قاري.
حظي مورينيو وإيسيان بعلاقة وطيدة تطورت إلى صداقة، حتى أن المدرب يعتبره أحد أفراد أسرته، وقال في تصريح سابق أنه إذا اختار "جليساً لأطفاله" من بين جميع اللاعبين الذين دربهم فسيختار إيسيان المحبب إلى قلبه، بينما يعتبره القائد السابق لمنتخب (النجوم السوداء) "أباً روحياً" جعله في مصاف مشاهير الساحرة المستديرة.
وبعد أن افترق المدرب البرتغالي عن تشلسي لحصد النجاح في مغامرة أخرى مع إنتر ومن بعدها ريال مدريد، كان دوماً على صلة واتصال بإيسيان من أجل دعمه والشد من أزره في أوقات عصيبة عصفت به الإصابات وقللت من فرصه في اللعب مع البلوز.
ووجد "مو" اللحظة مواتية للاستعانة بخدمات إيسيان بقميص الميرينغي، رغم أنه فقد بريقه الإعلامي في لندن والعالم، إذ أفسح له بعض المجال بالاستغناء عن خدمات التركي نوري شاهين والفرنسي لاسانا ديارا والإسباني إيستيبان غرانيرو الصيف الماضي، وهو يعي جيداً أنه جاء لدور محدد من دون أن ينتظر لنجومية أو صيت فردي.
قبل إيسيان أن يعمل مجدداً تحت إمرة معلمه كفرد بالصف الثاني، فهو لم يعد الشاب اليافع القادم من ليون، فقد تقدم في السن وهبط أداؤه بفعل الإصابات، لكنه قادر على إفادة مدربه وفريقه الجديد بكل ما يحمله من خبرة وتفانٍ في العمل والتزام خططي، ليقدم فروض الطاعة العمياء ويتخلى عن أدوار البطولة من أجل دور ثانوي هام.
لعب إيسيان هذا الموسم 27 مباراة، قدم فيها بشكل عام أداءاً متوسطاً، وفي الأغلب كان يشارك كبديل، لكن خبرته كانت واضحة في لحظات مهمة وفارقة، وبالتحديد أمام غالاتاساراي التركي في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا (3-0)، ففيها قدم أفضل عروضه مع الفريق المدريدي.
وفي تلك المباراة الهامة، اعتمد مورينيو على النجم الغاني كظهير أيمن على حساب الإسباني ألفارو أربيلوا الأساسي دائماً، ولكنه قدم بحق مردوداً رائعاً، إذ أحكم إغلاق جبهته ومنع اختراقها من محاولات زميله السابق وصديقه المقرب الإيفواري ديدييه دروغبا، وكذلك الهولندي المخضرم ويسلي شنايدر، الذي مرر الكرة بين قدميه في لمحة استعراضية رائعة خلال اللقاء.
ولم يكتف إيسيان بواجبه الدفاعي، إذ ساهم في صناعة الهدف الثاني للفرنسي كريم بنزيمة بعد أن وجه له كرة عرضية متقنة.
واعترف الأسطورة الغاني قبل أيام بأنه واثق من العودة إلى ملكية تشلسي لأن ريال مدريد لن يفكر في شرائه عقب انتهاء الإعارة نهاية الموسم، لكنه يحلم بتقديم هدية وداع ثمينة بمد يد العون لنادي القرن من أجل التتويج بالكأس العاشرة في أعظم بطولات الكرة على مر التاريخ.