أولمبياد ميونخ 1972... بداية الحرب على المنشطات

تاريخ النشر: 17 يوليو 2012 - 02:54 GMT
البوابة
البوابة

أُقيمت الألعاب من 26 أغسطس وحتى 10 سبتمبر بمشاركة 7123 رياضياً بينهم 1058 لاعبة من 121 دولة، فكانت الأضخم في كل شيء، وتفادت الدورة مقاطعة الدول الإفريقية بعدما منعت روديسيا التي تنتهج سياسة التمييز العنصري من الحضور، وكانت أعلنت مسبقاً أنها ستوفد 30 مشاركاً ما أثار الحفيظة الإفريقية.

ومن الدول الجديدة التي حضرت للمرة الأولى، ألبانيا وفولتا العليا والغابون وداهومي وكوريا الشمالية وليسوتو ومالاوي والسعودية والصومال وتوغو.

وشملت المنافسات 172 مسابقة في 21 لعبة هي: ألعاب القوى والتجذيف وكرة السلة والملاكمة والكانوي-كاياك والدراجات والفروسية والمبارزة وكرة القدم والجمباز ورفع الأثقال والخماسي الحديث والكرة الطائرة والرماية والقوس والسهم واليخوت.

وسجلت عودة لعبة القوس والنشاب بعد غياب 52 عاماً، وكرة اليد التي سبق أن أُدرجت في دورة برلين 1936، وكان يتألف كل فريق من 11 لاعباً.

وفي المحصلة النهائية، حل الاتحاد السوفياتي في المركز الأول برصيد 99 ميدالية بينها 50 ذهبية، مقابل 93 للولايات المتحدة (33)، و66 لألمانيا الشرقية (20)، و39 لألمانيا الغربية (13). وجاءت الأرقام القياسية الجديدة وفيرة في ألعاب القوى والسباحة ورفع الأثقال فبلغت 46 رقماً.

وحصد السباح الأميركي مارك سبيتز سبع ذهبيات، والاسترالية شاين غولد ثلاث ذهبيات.

وجمع العداء السوفياتي فاليري بورزوف ثنائية ذهبية في 100 و200 م، والفنلندي لاسي فيرين ذهبيتي 5 آلاف و10 آلاف م. وتألقت السوفياتية أولغا كوربوت في الجمباز. وخسر الأميركيون للمرة الأولى ذهبية كرة السلة، بفضل رمية خاطفة للسوفياتي سيرغي بيلوف.

واكتفى العرب بفضيتين بفضل العداء التونسي محمد القمودي في سباق 5 آلاف متر، والرباع اللبناني محمد خير الطرابلسي في وزن المتوسط.

وأدت المرأة للمرة الأولى في تاريخ الألعاب قسم المتبارين، وهي لاعبة ألعاب القوى هايدي شولر، وبعدما كانت العداءة المكسيكية هنريكيتا بازيليو أول امرأة توقد شعلة الألعاب (مكسيكو 1968). كما اعتمد للمرة الأولى قسم للإداريين والحكام.

بدأت الألعاب، وسطع فيها نجم السباح الأميركي مارك سبيتز بدءاً من 28 أغسطس، حيث بدأ يحقق الوعد الذي قطعه على نفسه قبل أربعة أعوام في مكسيكو إذ أعلن "أنا أسوأ سباح الآن وسأكون الأفضل في ميونخ".

فاز سبيتز في سباق 200 م فراشة مسجلاً زمناً مقداره 7‚0‚2 دقيقة، محطماً رقمه الشخصي بثانية كاملة. وفي اليوم عينه أسهم في تحطيم الرقم العالمي للتتابع 4 مرات 100 م (42‚26‚3 دقيقة).

وفي اليوم التالي، فاز سبيتز في سباق 200 م حرة محققاً رقماً عالمياً جديداً (78‚52‚1 دقيقة). وتوالت الانتصارات في 100 م حرة (22‚51 ثانية رقم عالمي) والتتابع 4 مرات 200 م والتتابع 4 مرات 100 م متنوعة و100 م فراشة (27‚54 ثانية رقمان عالمي وأولمبي).

قطف سبيتز (22 عاماً) سبع ذهبيات بفضل أسلوبه المميز في العوم «فوق المياه»، وكأنه «غيمة تتحرك وتتقدم بسرعة».

وتميز ذلك الشاب القادم من هونولولو، حيث تعلم فن العوم، قبل أن يتألق في كاليفورنيا ويصبح غريماً كبيراً للبطل الأولمبي السابق دون شولندر، بطاقته الكبيرة في التنفس وسرعته الانقضاضية النهائية والقوة الخارقة في رجليه.

وعند السيدات، فازت الاسترالية شاين غولد (15 عاماً) وحصدت ذهبيات 200 م حرة (56‚03‚2 دقيقية) و400 م (04‚19‚4 دقيقية) و200 م متنوعة (07‚23‚2 دقيقية) معززة أرقامها العالمية، إضافة إلى برونزية 100 م وفضية 800 م. غير أن والديها رفعا الصوت احتجاجاً على استغلالها «وكأنها ماكينة لحصد الميداليات من دون أي اعتبار أو مراعاة لصغر سنها أو لأنها كائن بشري قبل أي شيء آخر».

وفي الأول من سبتمبر قدم الاتحاد السوفياتي نموذجاً جديداً في الجري السريع يدعى فاليري بورزوف، الذي خطف الفوز في سباقي 100 م (14‚10 ث) و200 م (20 ث). عداء يجري كجبل جليد لا تظهر التعابير والمشاعر على محياه. لكن يقال انه استفاد من غياب المرشحين الأميركيين هارت وروبنسون اللذين لم يخوضا الدور ربع النهائي إذ لم يعلمهما إداري الفريق الأميركي بتعديل موعد السباق.

ولأن الأميركي رودني ملبورن كان الأقوى في سباق 110 م حواجز، كان من المنطقي أن يحرز اللقب، وتلاه الفرنسي غي درو الذي بات أول أوروبي يخرق السيطرة الأميركية على هذا الاختصاص منذ 25 عاماً، وفيه تغلب الفرنسي على بطل دورة مكسيكو ويلي وايفنبورت وتوماس هيل.

واستعاد لاس فيرين تقليداً فنلندياً في المسافات الطويلة دشنه كولهاماينن وسار على دربه نورمي وريتولا وآخرهم سالمينن عام 1936.

سقط فيرين من دون سبب واضح في سباق 10 آلاف م عندما كان في المركز الخامس، وتسبب في عرقلة التونسي القمودي، ثم نهضا وتابعا السباق. وأكمل فيرين حتى النهاية وفاز محطماً الرقم القياسي للسباق (4‚38‚27 دقيقية) وانسحب التونسي بعد لفات قليلة، لكنه حل ثانياً خلف فيرين في سباق 5 آلاف م (4‚27‚13 دقيقية، مقابل 4‚26‚13 دقيقية).

وأحرز الأميركي فرانك شورتر المولود عام 1947 في ميونيخ سباق الماراثون في اليوم الأخير من الألعاب مسجلاً رقماً أولمبياً جديداً (8‚19‚12‚2 ساعة)، وتوجه برونداج قبل أن يسلم مقاليد الرئاسة. وحل الإثيوبي مامو وولدي بطل مكسيكو ثالثاً.

ووصفت ميونخ 1972 بدورة الرياضيات الحسناوات، ومنهن الألمانية هايدي روزنتال بطلة الوثب الطويل (78‚6 م) التي تغلبت بفارق سنتيمتر واحد على البلغارية ديانا يورغوفا، وهي بذلك منحت بلادها الذهبية الأولى في الألعاب.

وفي الوثب العالي، تنافست ثلاث جميلات هن الألمانية أولريكه مايفرت والكندية ديبورا بريل والنمساوية أيلونا غو سنبوير. وكان الرقم الأولمبي مقداره 82‚1 م، والعالمي 92‚1 م، وهو الارتفاع الذي تجاوزته مايفرت وهي في سن السادسة عشرة لتصبح أصغر بطلة أولمبية في «أم الألعاب».

أما سباق 1500 م الذي يعتمد للمرة الأولى عند الجنس اللطيف، فكان من نصيب السوفياتية لودميلا براجينا (4‚01‚4 دقيقية).

وخطفت السوفياتية أولغا كوبورت (17 عاماً) القلوب وثلاث ذهبيات وفضية في الجمباز، ومواطنتها لودميلا تورتيشيفا ذهبية المسابقة العامة، وتميزت البطلتان وتامارا لازاكوفيتش فسيطرن على لقب الفرق.

غير أن الانتصار في كرة السلة على البطل التقليدي (الولايات المتحدة) وبفارق نصف سلة وفي الثانية الأخيرة (51 - 50) يبقى الأهم بالنسبة للسوفيات في مباراة نهائية لا يزال يسيل جدل كثير حولها، ولا سيما في ما يتعلق بثوانيها الثلاث الأخيرة الإضافية التي احتج الأميركيون طويلاً عليها.

ميونخ 1972 ألعاب مشرقة عكرتها غيمة سوداء، ومحطة شنت خلالها اللجنة الأولمبية الدولية حربها على المنشطات، وكلفت الأمير البلجيكي ألكسندر دوميرود بالمعركة لكبح جماح السباق بين التحاليل الضابطة وحملات التوعية، وفبركات المختبرات وطرقها الجديدة المتطورة، والمستمرة حتى تاريخه.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن