قبل عام من الموعد الجديد المحدد لانطلاق دورة الألعاب الأولمبية الصيفية (23 يوليو 2021)، لا تزال عدة أسئلة مطروحة دون أجوبة، بينما تشير استطلاعات الرأي إلى بدء تقبل سكان العاصمة اليابانية، فكرة استضافة دورة رياضية كبرى في خضم جائحة عالمية.
في وقت يفقد فيه مئات الملايين وظائفهم حول العالم ويشهد الاقتصاد العالمي أزمة لم يعرفها منذ عقود، يجد المسؤولون أنفسهم مضطرين إلى التخفيف قدر الإمكان من فخامة الدورة.
وقال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ الشهر الفائت: “نبحث مع شركائنا وأصدقائنا اليابانيين عن طرق لتبسيط تنظيم الألعاب، لنرى كيف يمكننا تقليل تعقيداتها وتكلفتها”.
لكن خطة تحقيق ذلك لا تزال غير واضحة، وسط حديث من اللجنة المحلية المنظمة عن مناقشة 200 إجراء يمكن اتخاذها لخفض التكاليف، لكن دون كشف أي تفاصيل أو تقديم أمثلة في هذا الشأن.
وحسب التقارير، تشمل الاقتراحات خفض عدد المشجعين وأعداد المشاركين في حفلي الافتتاح والختام.
وفقاً لآخر ميزانية، كان من المقرر أن يكلف الأولمبياد 12.6 مليار دولار، على أن تتقاسمها اللجنة المنظمة والحكومة اليابانية ومدينة طوكيو، لكن التأجيل فرض تكاليف إضافية كإعادة حجز المنشآت والفنادق والإبقاء على الموظفين لعام إضافي.
وأعلنت اللجنة الأولمبية الدولية من جانبها في مايو أنها أفرجت عن 800 مليون دولار لمساعدة المنظمين والاتحادات الرياضية على مواجهة كوفيد – 19 وتغطية التكاليف الإضافية، منها 650 مليون دولار مخصصة للأولمبياد.
لم يقدم منظمو دورة طوكيو 2020 (ستحتفظ الدورة باسمها) تقديراً للتكاليف الإضافية المرتبطة بتأجيل الحدث، وأشاروا إلى أنهم بحاجة إلى إنجاز التنظيم قبل الإفصاح عن الأرقام.
سيحتاج كل جانب من الألعاب الأولمبية إلى إعادة النظر فيه والدراسة، بعد سبع سنوات من التحضيرات.
قبل عام من الموعد المقرر للألعاب، أعلنت اللجنة المنظمة أنها ضمنت بنسبة مئة في المئة توفر المنشآت والمواقع المقررة لاستضافة الأولمبياد لصيف 2021، ولم تدخل الكثير من التعديلات على جدول المنافسات.
لكن كلفة إعادة حجز المنشآت لا تزال غير واضحة، بما فيها المبالغ التي تكبدتها لدفع الأموال والتعويضات لمنظمات ومؤسسات أخرى سبق لها أن حجزت هذه المنشآت للعام 2021.
معضلة أساسية أخرى تتعلق بالقرية الأولمبية التي سيقيم فيها نحو 11 ألف رياضي خلال الدورة، ومن المقرر أن تتحول إلى مجمع سكني بعدها، وسبق أن تم بيع العديد من شققها، مع موعد تسليم كان مقرراً بعد صيف 2020.
ووفقاً للصحف المحلية، عرضت 940 شقة للبيع منذ صيف 2019، وتم شراء معظمها.
ويتعين على شركة التطوير التي شيدت هذا المشروع، إقناع المالكين الجدد بتأجيل انتقالهم للسكن في الشقق التي اشتروها.
كما أن التأجيل وعدم اليقين المحيط بالألعاب يثيران قلق الجهات الراعية، التي كانت ستساهم بمبلغ 3.3 مليار دولار، أي نصف إيرادات الأولمبياد.
وكشف استطلاع نشرته القناة التلفزيونية العامة اليابانية “إن إتش كاي” أن نحو 65 في المئة من الشركات الراعية للدورة الأولمبية غير واثقة من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، لا سيما وأن الوباء انعكس سلباً على الوضع المالي للعديد من الشركات العالمية الكبرى.
وأقر المسؤولون اليابانيون بأن تأجيل الأولمبياد مرة ثانية سيكون شبه مستحيل، وأنه يجب إلغاء الألعاب في حال عدم التمكن من إقامتها في صيف 2021.
وأقر باخ من جهته بتفهمه لوجهة النظر اليابانية بأن عام 2021 سيكون “الخيار الأخير” للألعاب، مؤكداً أن التأجيل لا يمكن أن يستمر.
حتى أشد المتفائلين يدركون أنه لا يمكن التنبؤ بما سيكون عليه الحال الوبائي عالمياً بعد 12 شهراً، وما إذا كان سيسمح بإقامة الألعاب.
ويقول أستاذ الأمراض المعدية في جامعة كوبي اليابانية كنتارو إيواتا: “بصراحة، لا أعتقد أن الأولمبياد سيقام العام المقبل”.
وتابع “قد تكون اليابان قادرة على السيطرة على الفيروس مع حلول الصيف القادم، آمل ذلك، لكني لا أعتقد أن الحال سيكون مماثلاً حول العالم، لذلك أنا متشائم جداً”.
بدورها، قالت عمدة مدينة طوكيو يوريكو كويكي الشهر الفائت أنها ستبذل “جهداً بنسبة 120 في المئة” لضمان إقامة الأولمبياد وسلامة الجميع.
وتعهد المنظمون بحث الإجراءات الصحية “اعتباراً من هذا الخريف”، لكن جون كوتس، أحد كبار المسؤولين في اللجنة الأولمبية الدولية والمسؤول عن العمل مع لجنة طوكيو 2020، تحدث بصراحة عن حجم التحدي.
وقال: “هل نضع القرية الأولمبية تحت الحجر الصحي؟ هل سيوضع جميع الرياضيين عندما يصلون في الحجر؟ هل نقيد وجود المشجعين؟ هل نفصل الرياضيين عن المنطقة المختلطة حيث يتواجد ممثلو وسائل الإعلام؟
“لدينا مشاكل حقيقية لأن لدينا رياضيون سيأتون من 206 دولة، ثمة الكثير من الأشخاص”.
