شعارات المسحراتي في غزة ما بين الفكاهة والدعوة للوجدة الوطنية!

تاريخ النشر: 12 يوليو 2015 - 06:41 GMT
البوابة
البوابة

من العادات الموروثة والمميزة التي يتمسك بها أهل غزّة ظاهرة مسحّراتي رمضان، حيث يتطوّع عشرات الشبّان ليقوموا بدور المسحراتي خلال شهر رمضان، ويلبسون زياً تراثياً فلسطينياً، ويحملون طبلاً من نوع خاص، ويعملون على إيقاظ الناس خلال موعد السحور، مردّدين عبارات تبعث على السرور والطمأنينة وقت الفجر، منها: "اصحى يا نايم وحّد الدايم.. رمضان كريم".

وهناك عدد من المسحّرين الذين يلجؤون إلى الفكاهة نوعاً ما خلال إيقاظ الناس، فمنهم من يُغني للبطالة والأوضاع المعيشية الصعبة في القطاع، فيقول: "حاصرونا هالظلام.. حاصرونا بلقمتنا، والعالم ساكت مكان، وين العرب تركتنا.. ويلي ويلي يا عرباه ويلي ويلي يا مسلمين.. وبالحصار وبالتجديد وعن إسلامي ما أحيد، ولو قيدوني بحديد، وهي الجنة أملنا".

والبعض الآخر يعمل على ترديد بعض العبارات والجمل الوطنيّة خلال موعد السحور لتذكير السكان بالوحدة الوطنية الفلسطينية، وضرورة لم شمل البيت الفلسطيني خلال الشهر الكريم، ونبذ كافة الخلافات السياسية التي تعصف بشطري الوطن.

ويتطوّع الشاب أمجد إبراهيم (27 عاماً) منذ ثلاث سنوات للعمل (مسحراتي) خلال شهر رمضان المبارك، محتسباً الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى، ويقول لـ الوطن: "المسحراتي من عادات شعبنا الموروثة الأصيلة، وينال صاحبها الأجر والثواب العظيم من الله لإيقاظه الناس وتذكيرهم بموعد السحور قبل أن يفوتهم ويحين موعد الإمساك والصيام".

يوضح إبراهيم الذي ورث المهنة عن والده أنه يعمد إلى ترديد بعض الجمل التي تذكر الفلسطينيين بالوحدة الوطنية والالتفاف حول كلمة واحدة، ويضيف: "من الجمل التي أكررها دائماً: يا عباس ويا هنيّة.. وحدتنا وحدتنا الوطنيّة، الوحدة الوحدة يا ناس.. بغيرها عمر الأقصى ما بينداس (يقصد لا يمكن تحرير المسجد الأقصى إلا بالوحدة الوطنية الداخلية)".

ويُشير إلى أنه يحاول زيادة الترابط الوطني والأسري بين الناس خلال ترديده بعض العبارات والابتهالات أثناء دق طبله الخاص وقت السحور، وأنه يشعر براحة كبيرة لتفاعل المواطنين معه، رغم أن مهنة المسحراتي تقاوم الاندثار في قطاع غزة.

أما الشاب بكر عمران، الذي يحافظ على لبس زي تراثي موشح بالعلم الفلسطيني وقت السحور، فيقول لـ الوطن: "حاولت في شهر رمضان أن أحيي مهنة المسحراتي بلون جديد، لون الوحدة الوطنية والتكاتف الاجتماعي".

ويضيف: "لا أتقاضى أجراً مادياً من أي جهة كانت، ولا أرجو من هذا العمل سوى الثواب من الله عز وجل، وأدعو الله خلال هذا الشهر الكريم أن يجمع شعبنا على كلمة واحدة، وتزول كل الخلافات السياسية".

أما السبعيني أبوحامد، فما زال يعكف منذ أكثر من ثلاثين عاماً على التجوال في أزقة المدينة طارقاً "تنكته" الحديدية المهترئة قبل أذان الفجر، داعياً الناس للاستيقاظ واللحاق بالسحور قبل أن يُداهمهم صوت آذان الفجر، مردداً بعض العبارات الدينية، منها: "يا عباد الله.. قوموا إلى سحوركم يرحمكم الله».. كما يدعو الأهالي كل باسمه ولقبه للقيام، فتجده يُردد تارة «اصحى يا أبوهاني"، "رمضان كريم يا أبومحمد".

وبعد انقضاء الشهر الفضيل، يجمع أهالي كل حي في غزة ما تيسّر من نقود ويعطونها للمسحراتي الذي كان يوقظهم للسحور، تقديراً لفضله عليهم خلال الشهر الكريم، ولجهوده اليومية في التنبيه على موعد السحور والأذان، رغم أن المسحراتيّة لا يطلبون أجراً مادياً من السكان.

ورغم أن المسحراتي أبوحامد "72 عاماً" لا يتلقى أي أجرة من أي جهة رسمية لقاء هذا العمل، بيد أنه يرجو الأجر والفضل من الله، ويقول لـ الوطن: "لا يمكنني ترك عادتي التي ورثتها عن والدي في إيقاظ الناس للسحور".

ومن المعتاد أن يستفيق المواطنين في مناطق متفرقة في قطاع غزة خلال ليالي رمضان على طبول المسحراتي الذي يجوب الشوارع مشياً على الأقدام، كعادة قديمة تفوح بعبق التراث.