يقول استشاريو مخاطر إن المقاتلين الموالين للزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي قد يلجؤون لهجمات الكر والفر ضد الساسة الليبيين والموظفين الأجانب والمنشآت النفطية في منطقة فزان بجنوب غرب البلاد إذا طردوا من معاقلهم الأخيرة. ومن غير المرجح أن تبدأ حركة تمرد واسعة النطاق كتلك التي شهدها العراق بعد الإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين على يد قوات قادتها الولايات المتحدة لكن قد تصعب حرب عصابات الأوضاع على حكام ليبيا الجدد وشركات النفط التي تفكر في العودة من جديد.
ويقول فراس أبي علي نائب رئيس قسم توقعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة (إكسكلوسيف أناليسيس) «أنصار القذافي لن يستطيعوا شن تمرد لأنهم لا يتمتعون بدعم شعبي لكن لديهم القدرة الفنية على تنفيذ حملة تفجيرات واغتيالات تستهدف الأجانب وقيادات المجلس الوطني الانتقالي». وبعد نحو شهرين من السيطرة على طرابلس تمكن المجلس الوطني الانتقالي من القضاء على معظم المقاومة الموالية للقذافي لكنه لم يستطع بعد السيطرة على سرت مسقط رأسه الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن قدرته على بسط سيطرته على كل أنحاء البلاد وأدى إلى تأجيل بدء تنفيذ برنامجه الديمقراطي. واحتفل مقاتلو القوات الموالية للمجلس الوطني الانتقالي يوم الاثنين في وسط مدينة بني وليد الليبية حيث رفعوا الأعلام وأطلقوا نيران الأسلحة الآلية في الهواء بعد أن استولوا على معظم البلدة من المقاتلين الموالين للقذافي. لكن أساليب حرب العصابات التي استخدمت على مر تاريخ ليبيا ضد المستعمر قد تعطل الجهود لإعادة إعمار البلاد بعد ثمانية أشهر من القتال وتنفر العاملين الأجانب بقطاع النفط الذين يعتبرون أساسيين لإعادة الإنتاج إلى مستوياته قبل الحرب والتي بلغت 1.6 مليون برميل يوميًا.
كما سيعقد هذا قرارات شركات الطيران والنفط الأجنبية الواقعة في حيرة بين العودة لممارسة نشاطها وحماية موظفيها في ليبيا التي تنتشر فيها الأسلحة والألغام بكثافة. وفي الوقت الحالي اختار الكثير من هذه الشركات عقد لقاءات شكلية سريعة مع حكام ليبيا الجدد في طرابلس إلى أن تحصل على مزيد من الضمانات المتعلقة بالسلامة.
وفي الأسبوع الماضي خفضت شركة (كونترول ريسكس) تقييمها لخطر السفر إلى طرابلس إلى «عال» لكن التصنيف لا يزال عند درجة «مفرط» في أجزاء أخرى كثيرة من البلاد. لكن هذا كان قبل اندلاع تبادل لإطلاق النيران في العاصمة يوم الجمعة بين قوات المجلس الوطني وما يصل إلى 50 من أنصار القذافي. وحتى بالنسبة لمن يعتقدون أن المكاسب تبرر المخاطر فإن أقساط التأمين عالية لممارسة نشاط تجاري في دولة تعهد حلف شمال الأطلسي بتمديد حملته الجوية والبحرية فيها حتى ديسمبر على الأقل.
ويقول محللون إن المنطقة الأعلى خطرًا من حيث الهجمات هي فزان تلك المنطقة الصحراوية في الجنوب الغربي الغنية بالنفط والتي سيطر عليها المقاتلون الموالون للقذافي حتى أواخر سبتمبر. ويوجد في فزان حقل الفيل وتديره شركة إيني وحقل الشرارة الذي تشغله شركة ريبسول. ويعتقد الكثير من الليبيين أن زعيمهم المخلوع يختبئ هناك. ومثلت طاقة الحقلين البالغة نحو 330 ألف برميل يوميًا نحو خمس إجمالي إنتاج ليبيا من النفط قبل الحرب. وفي حين أن الأثر على صناعة النفط في هذه المنطقة سيكون أقل منه في حوض سرت الذي يعتبر الآن آمًنا نسبيًا فإن الهجمات قد تبطئ أو حتى توقف الزيادة في إنتاج النفط التي ينتظرها الزعماء الليبيون الذين يحتاجون المال بشدة والدول المستهلكة على حد سواء.
وقال هنري سميث من شركة (كونترول ريسكس) إن المنشآت التي تقع في منطقة فزان النائية هدف سهل للميليشيات المتجولة التي يمكن أن تضرب ضربتها ثم تختفي بسرعة في الصحراء. وأضاف «أخطر التهديدات الأمنية للأصول النفطية هي في بحر رمال أوباري بين غدامس وسبها وغات. إنها ليست آمنة ومن ذهب إلى هناك سيقول لك إن حمايتها ستظل صعبة خاصة في ظل عدم وجود قوة أمنية مركزية». وهاجمت قوات القذافي منشآت نفطية هذا الصيف. وفي سبتمبر نصب كمين في مصفاة وميناء التصدير راس لانوف في شرق ليبيا وقتل 17 شخصا على الرغم من أنها كانت وراء خطوط المجلس الوطني الانتقالي.