تبدأ المشاريع الناجحة من فكرة خلاقة مبدعة يؤمن صاحبها بأنها ستتحول إلى مشروع عام يخدم به مجتمعه ويلبي طموحه، ولكن ذلك يحتاج إلى حاضنات أعمال تقدم خدمات فنية واستشارات تسويقية وبرامج تدريبية وتسهيلات في استخراج الرخص وغيرها.
ومن هنا قررت هاجر عيسى إطلاق مشروعها الصغير الذي يقدم خدمات إدارة المعرفة والتميز والاتصال المؤسسي والموارد البشرية وتطوير الأعمال، خصوصاً أن المشروع لن يحتاج إلى تمويل مالي بقدر احتياجه إلى حاضنة أعمال تقدم خدمات فنية واستشارات تسويقية للمشروع. وقالت هاجر «بأيدينا نصنع أحلامنا، تعلمنا ذلك من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أسس دولة تخطو بسرعة كبيرة نحو المستقبل، فعلى أرض الإمارات ليس مهماً أن تكون ابن عائلة ثرية لتحقق أحلامك، لأنها تعطي الفرص لمواطنيها والمقيمين عليها لتحقيق أحلامهم». وأضافت «هناك العديد من صناديق دعم مشاريع الشباب التي تقدم تسهيلاتها وتمويلها لتصبح الأحلام والأفكار حقيقة والتي تقود صاحبها إلى عالم الأعمال والريادة». وتتحدث هاجر عن تجربتها في تأسيس مشروعها الخاص فتقول «تركت وظيفتي في منطقة عجمان الحرة قبل العام وتحمل مسؤولية قراري في البدء بمشروعي الصغير الذي يقدم خدمات إدارة المعرفة والتميز والاتصال المؤسسي والموارد البشرية وتطوير الأعمال».
وأوضحت «ولأنني ابنة مدينة الشارقة توجهت إلى حاضنة مركز الأعمال (بدايات) بغرفة تجارة وصناعة الشارقة التي انضم إليها عدد من رواد الأعمال لتحتضن مشاريعهم لمدة 18 شهراً وبمبلغ رمزي لا يتعدى 10 آلاف درهم تبدأ من تاريخ الموافقة على انضمام المشروع للمركز، ويمكن التجديد بقرار إدارة المركز بناء على معايير تتعلق بمدى تأثير عملية خروج المنشأة على أنهاء التزاماتها أمام العملاء ليكون التجديد لفترة 6 أشهر كحد أقصى، وفقاً لما تراه إدارة مركز حاضنات الأعمال».
وأشارت إلى أنه على الرغم من الخدمات كافة التي تقدمها الحاضنة فإنني وجدت صعوبة في الالتحاق بها، وذلك لأنها فرضت إعداد جدوى اقتصادية لمشروعي الذي بدأت العمل فيه فعلياً، وكان خياري بعد ذلك ألا أطيل فترة الانتظار للحصول على الرخصة التجارية، وتوجهت إلى (صندوق محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب) الذي رأى المتخصصون فيه أن ما قمت به في الفترة الماضية من تجهيزات يؤكد انطلاق المشروع، إذ لا حاجة لدراسة جدوى طالما بدأت بالتنفيذ واستقبل طلبي بالانضمام إلى حاضنته ولمدة ثلاث سنوات وبرسم 16 ألف درهم، حيث يكون مقر مكتبي في الحاضنة وبذلك أتجنب إيجار مكتب يكون بمثابة عبء مادي على مدى ثلاث سنوات ريثما يتمكن المشروع من تحقيق أرباح تؤهلني لافتتاح مكتب خاص».
وأما حول رأيها في أسباب فشل بعض المشاريع أو نجاحها على الرغم من الدعم المادي والفني الذي يتلقاه رواد الأعمال من الصناديق المنتشرة على امتداد أرض الإمارات، فتقول «ربما يتعلق الأمر أحياناً بالفكرة ونسبة المخاطرة أو بصاحب المشروع وقدرته على إدارته». وقال عبدالعزيز محمد البوعلي، المستشار المالي في شركة «ليمتلس» للاستشارات، «إن المشاريع الناجحة هي التي تبدأ من فكرة خلاقة مبدعة يؤمن صاحبها بأنها ستتحول إلى مشروع عام يخدم به مجتمعه ويرضي طموحه».
وأضاف «يحتاج المشروع الناجح إلى (قناص الحلم) الذي تتمتع فكرته بالابتكار والقدرة على تقديم حلول إبداعية في فكرة التسويق لها واجتذاب الزبون ورفع معدلات الإقبال عليها وتوفر المواد ودراسة جيدة للمنافسين، فليس ضرورياً أن يحتاج المشروع إلى تمويل مالي من بنوك أو صناديق، والدليل على ذلك أن مؤسسي المواقع الإلكترونية يتربعون اليوم على عرش النجاح في عالم الأعمال». وأشار إلى أنه لا بد من أن تتوافر في الشخص صفات معينة تؤهلة لتحويل حلمه إلى حقيقة، ومنها العزم وعدم التردد، وهذه إحدى أبرز المشاكل التي تواجه رواد الأعمال، ما يدفع الكثير منهم إلى التقليد وبالتالي فإن فرص النجاح تتقلص.
وأوضح أن بعض المشاريع تحتاج في كثير من الأحيان إلى تغيير مسارها، وابتكار أفكار جديدة لتسويقها، وهنا يأتي دور حاضنات الأعمال التي تعتبر المكان الملائم لهذه المشاريع ورعايتها حتى تستمر وتكلل مسيرتها بالنجاح وذلك من خلال تقديم الاستشارات والخدمات كافة وإبراز ثقافة العمل الحر لدعم الكوادر الوطنية.
واعتبر البوعلي أن على حاضنة الأعمال «بدايات» القيام بإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لأنشطة متنوعة تقدم لرائد الأعمال وتسهل عليه سير الإجراءات للبدء في العمل كي لا يؤثر التأخير فيه وتجعله في حالة التردد، مشيراً إلى ضرورة الترويج للحاضنة واستراتيجيتها، إذ إن هناك العديد من فئات المجتمع لا تمتلك المعرفة التامة حول مفهوم حاضنة الأعمال ودورها وأهميتها. ونوه بأنه لا بد من الإشارة إلى أن الأحلام التي تنتج عنها الأفكار تولد في المنزل أو العمل أو الشارع أو من خلال حوار أو محادثة أوعبر وسائل الإعلام، ولذلك لابد من توجيه رائد الأعمال إلى تسجيل فكرته وفق قوانين حماية الملكية الفكرية والتي تعتبر إحدى الدعائم الأساسية لنجاح الفكرة وتحويلها إلى واقع ملموس.
وقال «إن البطء في تسيير الإجراءات لا يمكن أن يقلل أبداً من الخدمات التي تقدمها الحاضنة، إذ لا تختلف الأسس التي قامت عليها تلك الحاضنات وأهدافها من مدينة إلى أخرى في الإمارات»، معتبراً أن التشدد في طلب دراسة الجدوى الاقتصادية تصب في مصلحة مقدم الطلب لأنه تتم فيها دراسة نسبة الامتياز والمخاطرة ومدى صلاحية المشروع واستمراره.
وأوضح أن الحلول لإزالة المعوقات أمام المشاريع الصغيرة هو التزام أصحابها في بداية طريقهم بطلب النصح والمساعدة والاستشارات المالية والفنية، ولذلك فإن الحاضنة تتمثل أهدافها في تبني أفكار ومبادرات تنطوي على جانب من الإبداع وتدعم فكر وثقافة الشباب على الاستثمار في المهارات الذاتية وتطوير الإبداع في المنشآت الصغيرة والمتوسطة والترويج لتأسيس مشروع صغير أو متوسط، ولذلك لا بد من إعداد ملخص تنفيذي لفكرة المشروع ووصف النشاط وتحديد نقاط القوة فيه وتوضيح السوق المستهدف وتقدير حجم الطلب المحتمل على منتج المشروع وإبراز الإيرادات خلال السنوات الثلاث الأولى من المشروع والتكلفة التشغيلية والاستثمارية ومصدر التمويل.
ومن جهته، قال محمد أحمد أمين، مساعد المدير العام للشؤون الاقتصادية والدولية في «غرفة تجارة وصناعة الشارقة»، «إن الهدف من حاضنات الأعمال تسخير الإمكانيات والتسهيلات كافة لتعريف مجتمع الشباب المواطن من الجنسين بالأساليب والآليات السليمة من الفكرة إلى الخطوات الأخرى المتعلقة بالمشروع التجاري وأيضاً المساندة الممكنة حتى عقب تأسيس العمل الاستثماري». وأضاف «إن الحاضنة توفر المزايا كافة التي تمكن صاحب المشروع من الاستفادة منها لإدارة وتنفيذ مشروعه، وتعتبر بعض الأدوات ميزة تفضيلية توفر الجهد والعناء وتجعل صاحب المشروع يركز في بداية الطريق على الأمور الأساسية، وذلك من خلال الحرص على تبنى الأفكار الرائدة وتطويرها بما يدعم مجتمع قطاع الأعمال المحلي، خصوصاً أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعد إحدى أهم دعائم الاقتصاد للدولة».