في ذكرى رحيله الـ21.. «نزار قباني» الدبلوماسي السوري الذي أمطر الأرض شعراً ولم تلد البشرية مثله

تاريخ النشر: 02 مايو 2019 - 08:31 GMT
الشاعر الراحل نزار قباني
الشاعر الراحل نزار قباني
أبرز العناوين
ولد نزار بن توفيق القباني، في 21 مارس عام 1923، في حي مئذنة الشحم بمدينة دمشق القديمة في سوريا
ورث حب الشعر ومهارته من والده، حيث تتلمذ على يد الشاعر خليل مردم بك، الذي علمه أصول النحو والصرف البديع
شهد "نزار" في صغره انتحار شقيقته "وصال"، بسبب إجبار أهلها على الزواج من شخص لا تحبه
بالغ "نزار" في وصف النساء والعاريات في شعره، ما جعله يتجاوز الأخلاق والقيم العربية والإسلامية

تحل اليوم الثلاثاء الذكرى الـ21، على وفاة "شاعر النساء"، والدبلوماسي السوري، نزار قباني، الذي تمكن من حفر اسمه في أذهان جميع الفئات العمرية في الوطن العربي، سواء في حياته أو بعد وفاته، واحتل مكانة كبرى بسبب قصائده التي غنّاها كبار النجوم العرب، وعلى رأسهم "أم كلثوم"، وعبدالحليم حافظ، ومحمد عبده، وكاظم الساهر، واحتلت النساء في حياته الصدارة، بأشعاره المُنصفة لهن دائما.

ويرصد لكم "البوابة"، أبرز المحطات في حياة الشاعر السوري القدير نزار قباني، الذي ملأ الأرض شعرا خلّد اسمه حتى الآن.

نشأته

 ولد نزار بن توفيق القباني، في 21 مارس عام 1923، في حي مئذنة الشحم بمدينة دمشق القديمة في سوريا، أحب خلال طفولته الرسم، ما جعله مُغرمًا بالألوان والخُضرة والزروع الشامية، وتعلم الموسيقى على يد أستاذ مُختص بالعزف والتلحين على آلة عود، بينما ورث حب الشعر ومهارته من والده، حيث تتلمذ على يد الشاعر خليل مردم بك، الذي علمه أصول النحو والصرف البديع، وراح يحفظ أشعار عمر بن أبي ربيعة، وجميل بثينة، وطرفة ابن العبد، وقيس بن الملوح.

وشهد "نزار" في صغره انتحار شقيقته "وصال"، بسبب إجبار أهلها على الزواج من شخص لا تحبه، ما جعله يتأثر كثيرا بهذا الموقف، ومكّنه من الخوض في قصص صراع المرأة لتحقيق ذاتها، واختيار شريك حياتها، حيث اعتبر أن الحب في العالم العربي سجين، وكلّف نفسه بتحريره.

والتحق الشاعر السوري، بكلية الحقوق في جامعة دمشق، عام 1941، وتخرج منها عام 1945، ونشر خلال دراسته الحقوق أولى دواوينه الشعريّة وهو ديوان "قالت لي السمراء" حيث قام بطبعه على نفقته الخاصة، والتي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط التعليمية في الجامعة، وذاع صيته بعد نشر الديوان كشاعر إباحي.

عمله

التحق "نزار" عقب تخرجه من كلية الحقوق، بوزارة الخارجية السورية، وهو ابن الـ22 عامًا، لذا حصد لقب "الدبلوماسي"، وعّين في نفس العام، بالسفارة السورية بمصر، ثم عُين سفيرا لسوريا في المملكة المتحدة لمدة عامين، اتقن خلالها اللغة الإنجليزية، وبعدها عُين سفيرًا في أنقرة، ومن ثمّ 1958، وعيّن سفيرًا لسوريا في الصين لمدة عامين، وفي عام 1962 عُين سفيرًا لسوريا في مدريد لمدة 4 سنوات، إلى أن استقر في لبنان، بعد أن أعلن تفرغه للشعر في عام 1966، وأسّس دار نشر خاصة تحت اسم "منشورات نزار قباني".

بدايته في الشعر

كتب "نزار" أول أبياته الشعرية، في عمر الـ16 عامًا، خلال ذهابه في رحلة مدرسية بحرية إلى روما، وكتب متغزلًا بالأمواج والأسماك التي تسبح فيها، وكان ذلك في 1939، الذي يُعد تاريخًا لميلاد "قباني" الشعري.

وتناولت كثير من قصائد "نزار" قضية حرية المرأة، إذ تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية. ومن ثمّ تحوّل نحو الشعر السياسي بعد نكسة حرب 1967، وأصدر عدة قصائد لاذعة ضد الحكومات والأنظمة العربية عمومًا، وضد حكم البعث في سوريا ومنها "هوامش على دفاتر النكسة"، و"عنترة" و"يوميات سياف عربي".

وصفه "الإباحي" للنساء

بالغ "نزار" في وصف النساء والعاريات في شعره، ما جعله يتجاوز الأخلاق والقيم العربية والإسلامية، حيث كان مولعًا بوصف النساء، والناظر في شعره يراه كأنه قصيدة واحدة نُسخت بألفاظ ومفردات متغايرة، ومحور هذه القصيدة هو النساء وما يدور بينه وبينهن في المخادع، ومن ذلك قوله: "فصلت من جلد النساء عباءة .. وبنيت أهرامًا من الحلمات".

 


 

غضب رجال الدين منه

أثارت قصيدة "خبز وحشيش وقمر"، لنزار قباني، حفيظة رجال الدين في سوريا ضده، وطالبوا بطرده من السلك الدبلوماسي، وانتقلت المعركة إلى البرلمان السوري وكان أول شاعر تُناقش قصائده في البرلمان، وتقول القصيدة "عندما يُولدُ في الشرق القَمر.. فالسطوحُ البيضُ تغفو"، تحتَ أكداسِ الزهر .. يتركُ الناس الحوانيت"، "ويمضونَ زمر .. لملاقاة القمر".

 

أشهر من غنّى قصائده

ومن القصائد المغناة للشاعر نزار قباني، "القرار" للفنان محمد عبده، و"أصبح عندي الآن بندقية " و"رسالة عاجلة إليك" لأم كلثوم، كما قدم "رسالة من تحت الماء" و"قارئة الفنجان" للفنان عبد الحليم حافظ، و"ماذا أقول له" و" متى ستعرف كم أهواك" و"أسألك الرحيلا" "أيظن" لنجاة الصغيرة.

وقدّم للفنان كاظم الساهر، أكثر من 43 أغنية، أبرزها "إني خيّرتك فاختاري"، "زيديني عشقًا"، "مدرسة الحب"، "إلا أنت"، "قولي أحبك"، "أكرهها"، "أشهد ألا امرأة إلاأنت".

حياته الاجتماعية

تزوّج "نزار" مرّتين، فزوجته الأولى كانت ابنة خاله زهراء آقبيق، وأنجب منها "هدباء" و"توفيق"، الذي توفيّ عام 1973، وكان طالبًا بكلية طب جامعة القاهرة في السنة الخامسة، والذي ترك الأثر الكبير في حياة والدها نزار قباني، الذي نعاه بقصيدة "الأمير الخرافي توفيق قباني"، بينما توفيّت زوجته الأولى في 2007.

وكان زواجه الثاني من امرأة عراقية الأصل تُدعى "بلقيس الراوي"، التقى بها في أمسية شعريّة في بغداد، ولكنها لقيت حتفها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في حادث انتحاري استهدف السفارة العراقيّة في بيروت، حيث كانت تعمل فيه عام 1982، ورثاها "نزار" بقصيدته الشهيرة "بلقيس" التي قال فيها: "إن الجميع كان لهم دور بقتلها"، وكان قد أنجب منها ابنيه "عمر" و"زينب"، ولم يتزوّج بعدها.

مآسي في حياته

لم يكن انتحار شقيقته أبان صغره، هي المأساة الكبرى في حياة الشاعر نزار قباني، فإن مقتل زوجته "بلقيس" خلال تفجير انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت، حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه "توفيق" الذي رثاه في قصيدته الأمير الخرافي توفيق قباني.

أواخر حياته ووفاته

غادر "نزار" لبنان، وكان يتنقل بين "باريس" و"جنيف"، حتى استقر في النهاية بلندن، حيث قضى الـ15 عامًا الأخيرة من حياته فيها، واستمر في نشر دواوينه وقصائده المثيرة للجدل خلال فترة التسعينيات ومنها "متى يعلنون وفاة العرب؟"، و"المهرولون".

وعانى "نزار" في عام 1997، من تردي وضعه الصحي، وبعد عدة أشهر توفي في 30 أبريل 1998 عن عمر ناهز الـ 75 عامًا في لندن، جرّاء أزمة قلبية.

وأوصى الشاعر السوري القدير قبل وفاته، عندما كان في المستشفى بلندن، بأن يتم دفنه في دمشق التي وصفها في وصيته قائلاً: "الرحم الذي علمني الشعر.. والذي علمني الإبداع.. والذي علمني أبجدية الياسمين".

ودُفن نزار قباني في دمشق بعد أربعة أيام من وفاته، حيث دفُن في باب الصغير بعد جنازة حاشدة، شارك فيها مختلف أطياف المجتمع السوري، إلى جانب فنانين ومثقفين سوريين وعرب.

للمزيد من قسم بروفايل: