تحفيز الابتكار: بناء مزايا رقمية لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

بيان صحفي
تاريخ النشر: 26 يوليو 2011 - 08:05 GMT

Al Bawaba
Al Bawaba

يجدر بالحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تعمل على خمسة عناصر أساسية لتعزيز قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتشجيع الابتكار، وهي: تحديد مجالات التركيز الرئيسية، ووضع سياسات وأنظمة مؤاتية للابتكار، وتوفير التمويل بشكل أكبر، وتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتطوير المواهب المحلية. والواقع أن هذه العناصر مترابطة وتتطلب اعتماد نهج شمولي يجري تطبيقه بمشاركة الجهات الفاعلة في قطاع تكنولوجيا المعلومات الاتصالات من القطاع الخاص. وستكون النتيجة النهائية لذلك بيئة مؤاتية للابتكار والتجديد، ليس في قطاع تكنولوجيا المعلومات الاتصالات فحسب بل في الاقتصاد ككل.

غيّر قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من ملامح المجتمعات والاقتصادات على مدى العقد الماضي في مختلف أنحاء العالم بفضل الدفق مستمر من المنتجات والتكنولوجيات المبتكرة الجديدة. ومن الجلي أن دورة حياة المنتجات في هذا القطاع صارت قصيرة إلى درجة أن شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عليها أن تبتكر لتتمكن من المنافسة، وقد أثمرت الوتيرة السريعة للابتكار عن نمو هائل ليس للشركات العاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فحسب بل في قطاعات أخرى أيضاً.

تُفيد بوز أند كومباني بأن تكنولوجيا المعلومات الجديدة غيرت الطريقة التي يتفاعل بها الناس، وأضافت ذكاء صناعيًا إلى البنى التحتية الأساسية، مثل النقل والمرافق العامة ، وحفزت على الابتكار على نطاق واسع على مستوى الاقتصادات الوطنية. وكنتيجة لذلك، تدرك الحكومات الآن أن الابتكار في منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يملك تأثيراً مضاعِفاً، ويدفع نمو الانتاجية والأداء الاقتصادي قُدُماً على مستوى البلاد ككل.

من هنا، جعلت حكومات الدول المتقدمة والناشئة على حد سواء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أولوية في برامجها. ومن المبادرات الحديثة في هذا السياق، الأجندة الرقمية للاتحاد الأوروبي، وخريطة الطريق الاستراتيجية الماليزية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخطة ألمانيا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2020 – بحوث الابتكار، والاستراتيجية الأميركية للابتكار. وترمي هذه البرامج إلى إنشاء بيئة وطنية قادرة على تعزيز الابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على كل المستويات، عبر أجندة شاملة ومنسقة من السياسات الحكومية في هذا الشأن.

من أجل فهم أفضل السبل لتعزيز الابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من المهم أن نفهم جذور هذا الابتكار. ومن المصادر الأساسية للابتكار وظيفة البحوث والتطوير التي تؤديها المؤسسات العلمية والشركات الكبرى. أما المصدر الثاني للابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فهم رواد الأعمال الذين يطوّرون نماذج عمل أو منتجات جديدة من لا شيء، معتمدين على الإنترنت، ومتاجر التطبيقات، وقطاع الاتصالات، وأجهزة تكنولوجيا المعلومات للوصول إلى الأسواق.

يقول بهجت الدرويش الشريك في بوز أند كومباني: "يمكن أن يقود الابتكار داخل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى الابتكار في قطاعات أخرى من الاقتصاد الوطني مما يجعل الأخير أكثر تنافسية. وتملك بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصة لتطوير ثقافة ابتكار قوية لقطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فيها من خلال رعاية مشاريع التكنولوجيا الجديدة، ووضع سياسات وتنظيمات مؤاتية للأعمال في مجالات معينة، وتخصيص نسبة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي للأبحاث والتطوير".

ويمكن أن يكون لغياب الابتكار بوجه عام أثر سلبي كبير على القدرة التنافسية للمنطقة على المدى الطويل. واللافت أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي مستورد صاف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فشركات المنطقة تشتري منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعزيز الكفاءة، إلا إن الاقتصادات الوطنية لا تجني المكاسب التي تأتي من قطاع محلي حيوي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولتحقيق هذه الغاية، على الحكومات في بلدان المنطقة أن تعتمد نهجاً شمولياً يعالج خمس مسائل أساسية، واضعة نصب أعينها هدفاً بعيد المدى هو إنشاء بيئة ابتكارية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

إن هذه العناصر الخمسة مترابطة، والحكومة هي الداعم والمساند لها كلها. وإذا نُفذت بطريقة شاملة، فإن هذه العناصر لن تؤدي فقط إلى قطاع تكنولوجيا معلومات واتصالات محلي أكثر قوة وابتكارًا، بل إلى اقتصاد إقليمي أكثر ابتكارًا على مستوى القطاعات كلها.

تحديد مجالات التركيز الرئيسية

قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قطاع واسع ومتنامٍ، ولا يستطيع أي بلد أن يتفوّق في كل جوانبه.ومن هنا يغدو التركيز والانتقاء عاملين أساسيين. وبغية تحديد المجالات التي يجدر التركيز عليها، على حكومات المنطقة أن تدرك أين يكمن الطلب وكيف يمكنها أن تستخدم نقاط قوتها لتلبيته. وفي البداية، يمكن للأجندة الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية وسواها أن تحدد ما يطلبه السوق في كل بلد.

يقول الدرويش: "في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشمل مجالات التركيز الأساسية التي تملك إمكانات كبيرة الخدمات والتطبيقات العربية والإسلامية، وخدمات تكنولوجيا المعلومات والأجهزة الذكية لقطاعات الطاقة والمرافق، وأنظمة التعليم الإلكتروني والصحة الإلكترونية التي تدعم التطور الهائل في القطاعات ذات الصلة في دول مجلس التعاون الخليجي، والأجهزة والنظم المُخصصة لإدارة البنية التحتية الحضرية لاستكمال تطوير المدن الاقتصادية التي تكلف مليارات الدولارات".

وفي الوقت نفسه، يجب على حكومات المنطقة أن تدرك أين تكمن قدراتها، عبر تقييم نقاط القوة الراهنة في الاقتصاد الوطني لتحديد ما إذا كانت لديها قاعدة تصنيع كافية أو أنها في حاجة إلى كيانات صناعية أخرى لدعم مجالات التركيز الأساسية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

السياسات والأنظمة

على الرغم من أن بعض حكومات المنطقة اتخذت مؤخرًا خطوات كبيرة لوضع سياسات مؤاتية للأعمال وخفض تكاليف إنشاء المشاريع الجديدة، فإنه يجب القيام بالمزيد من العمل لوضع سياسات وأنظمة فعالة متعلقة بحماية الملكية الفكرية وحقوق النشر.

يقول رامز شحادة وهو شريك في بوز أند كومباني: "تُعتبر هذه الأنظمة عاملأً مؤثراً في كل الصناعات تقريبًا على مستوى المنطقة، لكنها ذات أهمية خاصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حيث الأفكار هي محرك النجاح. فلن تجني الشركات فوائد كثيرة من تطوير برمجيات مبتكرة جديدة إذا كانت لا تستطيع حمايتها في السوق. وعلى الرغم من أن بعض البلدان لديها قوانين للملكية الفكرية وحقوق النشر فإنها لا تطبَّق دائما. ونتيجةَ لذلك، سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خسارة فاقت 1.4 مليار دولار عام 2009 بسبب قرصنة برمجيات تكنولوجيا المعلومات، وفقاً لرابطة بيزنس سوفتوير آليانس".

علاوة على ذلك، يتعين على الحكومات تعزيز القوانين لتسوية المنازعات وإنفاذ العقود. كما أن النقص الحالي في قوانين الإفلاس العصرية في معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يولّد حالة من الشك حيال التمويل الأولي للمشاريع، ومن هنا يُفهم لماذا يتردد المستثمرون في دعم الشركات الفتيّة ذلك أنهم غير محميين في حال إفلاس هذه الأخيرة. وأخيرًا، لا بد من تخفيف شدة قوانين الملكية الخاصة بالشركات الأجنبية (ليس فقط داخل مجمعات الأعمال التي غالبًا ما تكون قوانين الملكية فيها أكثر مرونة، ولكن على الصعيد الوطني أيضاً)، كما ينبغي أن تصبح قوانين العمل أكثر مرونة.

ويضيف شحادة: "لدى وضع هذه السياسات، ينبغي على الحكومات التماس آراء جميع الجهات ذات الصلة ببيئة الابتكار - الجهات العامة والخاصة والتعليمية - لضمان تعاونها بعد وضع القوانين المعنية موضع التنفيذ. وأخيرًا، على الحكومات تحديد أفضل وسيلة للتفاعل مع الأعضاء الرئيسيين في مجتمع الابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويجب أن تعمل لتطوير جمعيات وجماعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التجارية، مع التركيز على أن التصدير يجب أن يكون هدفاً أساسياً لبيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المحلية".

التمويل

لن يستطيع المبتكرون ولا رواد الأعمال تطوير منتجات جديدة ولا تسويق أفكارهم من دون تمويل. لذا تدعو الأجندة الرقمية للاتحاد الأوروبي إلى مضاعفة الاستثمار الأوروبي في نشاطات البحوث والتطوير الخاصة بتكتولوجيا المعلومات والاتصالات بحلول عام 2020، من 8 مليارات دولار إلى 16 ملياراً كإنفاق حكومي، وفي الوقت نفسه التشجيع على مضاعفة إنفاق القطاع الخاص في هذا المجال ليرتفع من 51 مليار دولار إلى 102 مليار.

وعلى حكومات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدورها أن ترفع الإنفاق على البحوث والتطوير بشكل كبير وتوفير التمويل لرواد الأعمال في مجالات التركيز الرئيسية، من خلال إنشاء صناديق تمويل وطنية للمبتكرين ورواد الأعمال. غير أن الأموال الحكومية ليست كافية، بل يجب أن يكملها تمويل أكبر وأكثر فاعلية من جانب القطاع الخاص.

وهنا يقول لؤي أبو شنب المدير الأول في بوز أند كومباني: "شبكة شركات الرساميل المغامرة والمستثمرين الصامتين في المنطقة أقل نضجاً منها في مناطق أخرى. ويمكن تطوير هذه الشبكة أكثر عبر توضيح شروط هيكلة استثمارات المشاريع المغامرة واستثمارات الشركاء الصامتين، بما في ذلك قوانين الاستثمار عبر الحدود وقوانين الإفلاس".

إلى جانب تحسين مناخ التمويل للشركات الصغيرة ورواد الأعمال، ينبغي على الحكومات في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السعي إلى تعزيز تمويل الابتكار من خلال شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الكبيرة. فهناك شركات مثل أورانج ودويتشه تيليكوم وتيليفونيكا تملك برامج داخلية خاصة بالابتكار، كما أنها تخصص أموالاً للاستثمار في شركات جديدة وبالتالي تعزيز خدماتها. وفي أسواق مثل أوروبا والولايات المتحدة، تقدم الحكومات لشركات كهذه الحوافز والدعم لتنفيذ هذه البرامج.

ويلاحظ أبو شنب: "في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا توجد برامج ابتكار ممثالة في تصرف الجهات الفاعلة الرئيسية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهذه فجوة تحدّ من وصول رواد الأعمال إلى الأسواق والشبكات. وفي أنحاء من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخصوصاً في منطقة مجلس التعاون الخليجي، تُعتبر الضرائب ضئيلة وبالتالي لا تكون الخفوضات الضريبية حوافز في هذا المجال. وفي هذا السياق، على الحكومات أن تكون خلاقة أكثر في استحداث سبل لتعزيز الابتكار في هذه الشركات، أو أن تطلق شراكات بين القطاعين العام والخاص يمكنها أن تحقق الأمر ذاته".

البنية التحتية

يجب على الحكومات التأكد من أن البنية التحتية الحديثة متاحة لدعم الابتكار في مجالات التركيز الرئيسية. وهذا يشمل الحد الأدنى من العناصر الأساسية اللازمة لضمان القدرة على المنافسة في أي قطاع: طاقة وخدمات أخرى موثوقة وبأسعار مقبولة، وشبكة مواصلات واسعة وذات نوعية جيدة، ومساحات مكتبية بأسعار معقولة.

يشرح الدرويش: " أبعد من ذلك، يتعين على صناع القرار أن يضمنوا أن البنية التحتية متاحة لتلبية مزيد من الحاجات المتخصصة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك شبكة قوية للاتصالات وللحزمة العريضة (برودباند). وإذا كان لتطبيقات الجيل المقبل من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تزدهر وتدعم الاقتصادات، فإنها يجب أن تعمل على شبكات الجيل المقبل من البرودباند التي تتيح اتصالاً فائق السرعة بأسعار معقولة. وقد استثمرت الحكومات في مختلف أنحاء العالم مليارات الدولارات من أجل مدّ شبكات البرودباند التي ستشكل العمود الفقري لاقتصادات متعطّشة للبيانات".

المواهب

يُعتبر البناء السليم لتجمع المواهب الخطوة الأهم لأي برنامج وطني للابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي تتطلب أكبر إطار زمني. ولكن على المدى القصير، لا تملك بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – وخصوصا في منطقة مجلس التعاون الخليجي – إلا خيار الاعتماد على المهارات المستوردة. إلا أنها تستطيع الاستفادة إلى الحد الأقصى من هذه العمالة الموقتة من خلال ضمان انتقال المعرفة.

يلاحظ شحادة: "على الدول أن تضمن على المدى الطويل وجوداً متواصلاً للمواهب المحلية إذا شاءت أن تبني ميزة نسبية مستدامة طويلة الأجل. وفي تقرير التنافسية العالمية 2010-2011 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، كانت نتائج دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيئة فيما يخص توافر العلماء والمهندسين. وفي حين أن هناك بعض الاستثناءات كما في الأردن ولبنان ومصر، فإن على دول كثيرة في المنطقة أن تعلم وتدرب المزيد من المهندسين".

الخلاصة أن نهجًا شموليًا تعالج فيه الحكومات العناصر الخمسة لبيئة الابتكار (تحديد مجالات التركيز الرئيسية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ووضع سياسات وأنظمة مؤاتية للابتكار، وتحسين التمويل، وتحديث البنية التحتية، وتطوير المواهب المحلية) يساعد الدول في خلق بيئة ديناميكية للابتكار. وبناءً على ذلك، ستكون بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاهزة أكثر لإنتاج سلسلة مستمرة من منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المبتكرة. والأهم من ذلك، أن بيئة الابتكار ستؤدي مع الوقت إلى بلوغ هدف أكبر ألا وهو تحقيق ميزة اقتصادية مستدامة طويلة الأجل على دول أخرى منافسة.

يختم أبو شنب: "يملك صنّاع القرار مجموعة من الأدوات في تصرفهم يستطيعون بواسطتها تحقيق هذه الأهداف، بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي التي يمكنها أن تجمع عناصر متفرقة من مجتمع الابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وستكون الرحلة إلى الابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالنسبة إلى بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أقصر وأكثر سلاسة منها بالنسبة إلى البعض الآخر. غير أن النتيجة النهائية سوف تبرر القيام بالرحلة".

خلفية عامة

اشتراكات البيانات الصحفية


Signal PressWire is the world’s largest independent Middle East PR distribution service.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن