بنغازي الغنية بالنفط تسعى لكسب نفوذ اقتصادي

تاريخ النشر: 09 أكتوبر 2011 - 02:52 GMT
تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية في افريقيا، ويأمل سكان بنغازي أن تؤدي ايرادات النفط التي تبلغ نحو 130 مليون دولار يوميا بالاسعار الحالية لخام برنت الى انعاش الاقتصاد في الشرق.. من تنظيف الشوارع الى النهوض بصناعات جديدة مثل السياحة
تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية في افريقيا، ويأمل سكان بنغازي أن تؤدي ايرادات النفط التي تبلغ نحو 130 مليون دولار يوميا بالاسعار الحالية لخام برنت الى انعاش الاقتصاد في الشرق.. من تنظيف الشوارع الى النهوض بصناعات جديدة مثل السياحة

يمكن أن تعود بنغازي الواقعة في شرق ليبيا مدينة مهملة مجددا بعد أن ظلت ستة أشهر مقر المعارضة الليبية المسلحة ما لم تستغل موردا مهما.. النفط. فسكان بنغازي يعملون جاهدين لتحويل تضحياتهم وقت الحرب الى نفوذ اقتصادي لاستعادة مكانة المدينة التي كانت تعتبر في وقت من الاوقات ندا للعاصمة طرابلس وانتشالها من الاهمال النسبي الذي كانت تعانيه في عهد معمر القذافي.

ففي عهد القذافي كانت حصة بنغازي من التمويل الحكومي تحت رحمة طرابلس رغم أن معظم الاموال تأتي من الحقول النفطية الشرقية القريبة من المدينة. ويعتمد الاقتصاد الليبي بشكل كامل تقريبا على ايرادات النفط والغاز. وكانت بنغازي وهي مهد الانتفاضة ضد القذافي في أسفل أولويات الانفاق لدى الزعيم المخلوع وهو ما اعتبره كثيرون عقابا من جانبه للمعارضة التقليدية في الشرق لحكمه الذي استمر 42 عاما ولهيمنة طرابلس.

وقال مصدر في قطاع النفط الليبي في المدينة التي أقام فيها المجلس الوطني الانتقالي مقره في الايام الاولى للانتفاضة «هناك شعور بالاستحقاق في بنغازي وهم يريدون الجزاء. لقد تحملوا المسؤولية مدة ستة أشهر وهذا جاء بعد فترة من القمع». ويجسد يوسف محمود المهندس في شركة الجوف التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط مثالا للحس الاقليمي الناشئ في مسألة الموارد والذي يمكن أن يقلب أوضاع صناعة النفط في البلاد.

ويقود محمود مجموعة من نحو 4000 من العاملين في قطاع النفط الحكومي تسمى لجنة 17 فبراير النفطية تقوم بالضغط على حكام ليبيا المؤقتين للحصول على سلطة أكبر في السياسة النفطية قد يرمز لها نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط من طرابلس الى بنغازي. وشكا محمود قائلا «القذافي نقل المؤسسة الوطنية للنفط الى طرابلس لانه أراد السيطرة. لكن أين تقع الحقول، ووضع اصبعه على خريطة لليبيا وعليها عدد كبير من الدوائر السوداء تمثل حقول النفط في حوض سرت بشرق البلاد». ويسهم الشرق بأكثر من 60 بالمائة من صادرات النفط. ويعتقد أن جزءا كبيرا من احتياطيات النفط الليبية غير المستغلة تقع في هذه المنطقة التي تضم حوض الكفرة الواقع قرب الحدود السودانية.

وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية في افريقيا. ويأمل سكان بنغازي أن تؤدي ايرادات النفط التي تبلغ نحو 130 مليون دولار يوميا بالاسعار الحالية لخام برنت الى انعاش الاقتصاد في الشرق.. من تنظيف الشوارع الى النهوض بصناعات جديدة مثل السياحة. وقال علي الذي يعمل في نزل للشباب في بنغازي «انه ليس النفط فقط.. لدينا أماكن جميلة». وتوجد في الفنادق بطاقات بريدية قديمة تذكر الزائرين بسحر المدينة فيما مضى. وتظهر احدى البطاقات المتنزه الشاطئي الايطالي لونجوماري الذي يتخذ شكل الهلال وله أعمدة مشيدة على الطراز الدوريسي اليوناني ويضم كاتدرائية كاثوليكية ذات قبتين. وتظهر بطاقة أخرى شاطئ جوليانا وهو ممتلئ بأطفال يمرحون. واليوم أصبح الزائرون للشاطئ يشمون رائحة مياه الصرف التي تفوح من كل مكان تقريبا ويرون هياكل السيارات القديمة الصدئة.

وقد يكون من الصعب على حكام ليبيا الجدد تجاهل مطالب بنغازي نظرا الى الدور الذي لعبته المدينة في اشعال الانتفاضة ضد القذافي في فبراير وفي قيادة الحملة العسكرية المدعومة من حلف شمال الاطلسي التي دحرت قوات القذافي حتى سرت. ولن تقبل كثير من الكتائب الشرقية الموالية للمجلس الانتقالي أن ترى منطقتها تخسر في حقبة ما بعد القذافي رغم أن مقاتلي الجبل الغربي ومصراتة ربما يكون لديهم نفس الحرص على تحويل انجازاتهم العسكرية الى قوة سياسية، لكن الورقة التي تلعبها بنغازي هي النفط. وقال هنري سميث المحلل المختص بليبيا في شركة كنترول ريسكس للاستشارات ومقرها لندن «حين يبدأ اللاعبون المحليون المسلحون وربما الميليشيات في القول ان هذا النفط في منطقتنا.. يصبح هذا خطرا سياسيا ناشئا». وبالاضافة الى الادوار السياسية والعسكرية التي لعبتها بنغازي والتي جرى توثيقها بعناية فقد لعبت شركة الخليج العربي للنفط التي مقرها بنغازي دورا محوريا في بيع النفط وشراء الوقود حين شلت العقوبات الدولية مؤسسة النفط الوطنية.

وأدى هذا الى قلب العلاقة بين الشركة الام والشركة التابعة ربما الى غير رجعة. وقال مصدر رفيع في المؤسسة الوطنية للنفط ان هناك خططا لاستعادة السيطرة مجددا من شركة الخليج العربي للنفط بحلول منتصف أكتوبر الجاري لكنه أضاف أنه سيتعين على الارجح تعديل العلاقة بين الشركتين. وقال «سيكون هناك صراع على السلطة. تريد المؤسسة الوطنية للنفط أن تعود الى دورها القديم وتقول الخليج العربي انها دعمت الثورة لذا تريد دورا أكبر». وأضاف «انها تريد قاعدة تجارية. تريد الخليج العربي الحصول على بعض الارباح من العمليات».

وفي مؤشر على التوترات المحتدمة وصف مصدر داخل شركة الخليج العربي للنفط المؤسسة الوطنية بأنها باب العزيزية لقطاع النفط وهو اسم مجمع القذافي الحصين في طرابلس. وسيكون علاج الشقاق التاريخي بين الشرق والغرب والخلافات الجديدة التي نشأت أثناء الثورة اختبارا رئيسيا للحكام المؤقتين للبلاد التي كثرت فيها الفصائل وانتشر السلاح.