انهيار مبدأ السوق الحر

تاريخ النشر: 12 سبتمبر 2011 - 08:03 GMT
لايعقل أن يقف المواطنون المحليون ضد منتجاتهم أو شركاتهم المحلية بحجة مبدأ "السوق الحر" بل العكس تماما، يجب عليهم أن يتبنوا سياسة واضحة في هذا الخصوص؛ لأن ذلك سينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني
لايعقل أن يقف المواطنون المحليون ضد منتجاتهم أو شركاتهم المحلية بحجة مبدأ "السوق الحر" بل العكس تماما، يجب عليهم أن يتبنوا سياسة واضحة في هذا الخصوص؛ لأن ذلك سينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني

يقال إن العالم أصبح قرية صغيرة وأن الفترة الحالية مع استخدام التكنولوجيا وتقنية المعلومات وثورة الاتصالات المختلفة ستجعل العالم أكثر تعاونا وتقاربا في مختلف مجالات الحياة وأن الخبراء والمحللون الاقتصاديون يعتقدون أن الفرصة سانحة لعقد الصفقات المشتركة وتعزيز التبادل التجاري بين دول العالم رغم الأزمات المالية والاقتصادية التي نسمع عنها بين فترة وأخرى، لكن على أرض الواقع يبدو الأمر مختلفا، فالسياسة تتدخل في بعض الأحيان لتحافظ هذه الدول وخاصة الكبرى على خصوصيتها ومسؤوليتها أمام شركاتها المحلية بحجة "الحماية"، وفي أحيان أخرى بحجة الدواعي الأمنية!

مبدأ السوق الحر

أصبح ليس له مكان في ظل عدم وجود الفرص المتكافئة، فالدول الكبرى لاتعمل الآن بهذا المفهوم إلا في حالة وجود مصالح مشتركة أو تعمل وفقا لمصلحتها الشخصية، وعلينا أن نتابع مايحدث في العالم ونتعلم الدروس ونستفيد من تجارب الآخرين.

تعد الصين من الدول المتقدمة تجاريا واقتصاديا في هذه الفترة والأنظار تتجه إليها من كل دول العالم لتعزيز العلاقات معها وبنفس القدر تقوم الصين ومن خلال قوتها الاقتصادية وماتملكه من مقومات مختلفة على تعزيز وجودها في العالم، بحيث يكون لها وجود فعلي وقوي في كل دول العالم وتحرص الحكومة الصينية على توقيع الاتفاقيات التجارية وتقديم التسهيلات لرجال الأعمال والشركات لكي تقوم بدورها في هذا الجانب حتى وصلت إلى مراحل متقدمة جعلت أوروبا وأمريكا وغيرها من دول العالم تتخوف من هذا التوجة الصيني الذي قد يتسبب في إيجاد منافسة غير متكافئة مع الشركات المحلية في هذه المنطقة وغيرها من المناطق الأخرى حتى وصلت المرحلة إلى فتور العلاقات بين الصين وأمريكا وبعض الدول الأوربية لدرجة أن أمريكا تشكك وتحقق حاليا في مشروع لأحد رجال الأعمال الصينيين يرغب في تنفيذه في منطقة قريبة من الحدود الأمريكة وتخشى أمريكا أن يستخدم المشروع مستقبلا لأي أهداف عسكرية، إضافة إلى قيام أمريكا بوضع قوانيين جديدة هدفها حماية شركاتها ومنتجاتها المحلية من المنافسة غير المتكافئة، فإين إذا مفهوم التجارة الحرة الذي تحاول الدول المتقدمة اقتصاديا أن تنشره وتفرضه على دول العالم الثالث؟!

لقد تحدثنا كثيرا ومن خلال التحقيقات أو المقالات الصحفية حول أهمية إعطاء المنتجات العمانية والشركات المحلية أولوية خاصة عند تنفيذ المشاريع الاقتصادية المختلفة لما لهذا النهج من فوائد عديدة على المدى القريب والبعيد ورغم أن الحكومة تقوم حاليا بهذا الدور إلا أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى مزيد من الاهتمام والدعم للمنتجات والشركات المحلية فمفهوم العمل بمبدأ "السوق الحر" قد انهار وأصبح ليس له مكان في ظل عدم وجود الفرص المتكافئة، فالدول الكبرى لاتعمل الآن بهذا المفهوم إلا في حالة وجود مصالح مشتركة أو تعمل وفقا لمصلحتها الشخصية، وعلينا أن نتابع مايحدث في العالم ونتعلم الدروس ونستفيد من تجارب الآخرين، فلايعقل أن نقف ضد منتجاتنا أو شركاتنا المحلية بحجة مبدأ "السوق الحر" بل العكس تماما علينا أن نتبنى سياسة واضحة في هذا الخصوص تهدف إلى الوقوف مع المصانع والشركات المحلية ودعمها حتى تستمر وتواصل نموها؛ لأن ذلك سينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني وعلى إيجاد الحلول للكثير من المشاكل المتعلقة بتوفير فرص العمل الجيدة ذات الرواتب المرتفعة، وبالتالي فإن المحصلة النهائية هي تقوية القطاع الخاص الذي يعد العمود الفقري والأساسي للتنمية الاقتصادية الشاملة.

 عيسى المسعودي