الأردن: الغاز المصري والكهرباء

تاريخ النشر: 05 مارس 2012 - 08:57 GMT
ما هو معروف أن الأردن لم يكن يستورد أي نوع من الغاز أو الكاز أو السولار الخفيف منه والثقيل من مصر قبل العام 2009
ما هو معروف أن الأردن لم يكن يستورد أي نوع من الغاز أو الكاز أو السولار الخفيف منه والثقيل من مصر قبل العام 2009

لا نريد أن نتوقف عند أسعار الكهرباء في الأردن وانها تزيد عن مثيلاتها في الدول الاوروبية وانها اغلى من تسعيرتها في الدول العربية وحتى الفقيرة منها والغنية ولكننا نتحدث هذه المرة وبأعصاب باردة بعيدا عن توازنات الربح والخسارة والقرارات الشعبوية او اللاشعبوية.

وزير الطاقة والثروة المعدنية قتيبة ابو قورة وهو رجل على اتصال بهذا القطاع على مدى سنوات طويلة وان اي كلام منه يؤخذ على محمل الجد والخبرة لها دور كبير في الاحاطة بموضوعنا يتوقع ان تصل خسائر قطاع الكهرباء الى مليار وسبعمئة مليون دينار هذا العام اذا ما استمر انقطاع امدادات الغاز المصري وقد قال ما قاله امام مجلس النواب. ليأتي رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الكهرباء الدكتور احمد حياصات محذرا من امكانية ان تصل خسائر القطاع الى مليارين وسبعمئة مليون دينار فأيهما اقرب الى الصحة في حين ان الفارق بين الرجلين في توقعاتهما حوالي المليار دينار وهو مبلغ كبير جدا الا اذا رأى اي منهما ان مبلغ مليار دينار ليس بالشيء الكثير بالنسبة لقطاع واحد في الاردن.

ما هو معروف ان الاردن لم يكن يستورد اي نوع من الغاز او الكاز او السولار الخفيف منه والثقيل من مصر قبل العام 2009 وفي ذلك العام وما قبله وما بعده بسنوات لم تكن اسعار الكهرباء في الاردن تعني الشارع الاردني بشيء وان الامور كانت تتم بشكل اعتيادي وان الاسعار لم ترتفع وان التهويلات لم تطل هذا القطاع وان الانقطاعات التي تمت جاءت في عام الثورة المصرية المباركة ضد حسني مبارك وأزلامه ولم يكن وارداً الحديث عن كميات متقطعة او حسابات فيها تدهور او زيادة في الاسعار وانما الزيادة التي طرأت وتطرأ حصلت فقط في الاشهر الاخيرة من السنة الماضية وما هذا التهويل في استهلاك الغاز المصري وانقطاع كمياته لتبرير الزيادة المرعبة على الاسعار انما هي مقدمة ضرورية لرفع اسعار مواد مختلفة وسلع اساسية يحتاجها الصغير والكبير وبالتالي فان ما سنشهده من ارتفاعات على كافة المستويات ليس سببها انقطاع الغاز ولا الزيوت الثقيلة التي ستكون بديلة في حال انقطاع الغاز المصري.

ان كميات الغاز المصري التي كانت تصل إلى الأردن عام 2009 كانت بحدود 300 ألف قدم مكعب وانخفضت في عام 2010 إلى 210 آلاف قدم مكعب وخلال العام الماضي وصلت إلى 170 ألف قدم مكعب اي ان النقص ليس كبيرا ولكن الزيادة في الاسعار وتهويل تبعات انقطاع الغاز المصري شيء يثير الارتياب غير المبرر على الاطلاق وكأنها حاجة ملحة لا بد منها.

واذا كان الشيء بالشيء يذكر فان اسرائيل التي اعتادت على التزود بالغاز المصري منذ عشرين عاما في اتفاقية أبرمتها مصر مع إسرائيل قبل 20 عاما ووقعت في عهد حسني مبارك لم تشهد ارتفاعا مذهلا كما هو حاصل على فاتورة الكهرباء الاردنية وان اسرائيل تعودت على الغاز المصري منذ عشرين عاما وليس لعامين فقط الا ان ما نشهده هنا من زيادة للاسعار «تطير العقل من الراس قبل ان تطير الدنانير الشحيحة من جيوب المواطنين» فكيف يكون السبيل وكيف توزن الامور وتوضع في نصابها الحقيقي؟