العراق: النظام المصرفي البدائي أكثر خطورة من القنابل

تاريخ النشر: 12 مارس 2012 - 02:15 GMT
ما زال النظام المصرفي العراقي يعاني من نفس المشاكل التي كانت قائمة قبل نحو عشرة أعوام
ما زال النظام المصرفي العراقي يعاني من نفس المشاكل التي كانت قائمة قبل نحو عشرة أعوام

يشكو رجل أعمال عراقي يحاول تحقيق مكاسب من مليارات الدولارات التي تتدفق على البلاد من عقود نفط مربحة من أن أكثر ما يزعجه ليس هجمات القنابل أو الطائفية السياسية بل النظام المصرفي البدائي. ويقول رجل الأعمال الذي يمثل شركة سيارات أجنبية في العراق ويرفض الكشف عن هويته نظرا لتعامله مع الحكومة «أين بطاقات الائتمان؟» مشيرا إلى أنها تستخدم على نطاق واسع في دول الخليج الأخرى. وتابع «إلى أي مدى نحن بمنأى عن هذا التطور؟» ومشاعر الإحباط التي تنتابه شائعة بين المستثمرين الذين يتعاملون مع النظام المصرفي غير المتطور والبيروقراطي والفاسد أحيانا حيث يمكن أن تجد صعوبة في إجراء أبسط المعاملات المصرفية: تسوية شيكات مصرفية.

وغياب نظام يتسم بالكفاءة يعرقل تقدم البلاد بينما تعيد بناء الاقتصاد بعد حقبة الرئيس السابق صدام حسين التي اتسمت بضعف الاستثمار والاضطرابات التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. ودون بنوك تنخرط في النظام العالمي من المرجح أن يستمر تردد مستثمرين أجانب من خارج قطاع النفط في التعهد باستثمارات ضخمة في العراق. ويتمثل ضعف القطاع المصرفي في جانبين أولهما هيمنة مؤسسات مملوكة للدولة التي تفتقر لأنظمة مصرفية حديثة وثانيهما وجود عدد كبير من البنوك الخاصة الصغيرة التي هي في كثير من الأوجه أشبه بخزانات عائلية منها مؤسسة مالية وطنية.

ويقول عبد العزيز حسون رئيس رابطة المصارف الأهلية إنه يوجد في العراق أكثر من 45 بنكا من بينها سبعة بنوك مملوكة للدولة وتستحوذ على 85 بالمائة من الأصول المصرفية أو نحو 41 تريليون دينار (36 مليار دولار). ويقول: «وماذا تفعل؟ لا تستثمر الأموال في السوق ولا تقوم بأي أنشطة مصرفية. ما زال النظام المصرفي العراقي يعاني من نفس المشاكل التي كانت قائمة قبل نحو عشرة أعوام. حفنة البنوك الحكومية مجرد خزانات لحسابات حكومية لا أكثر». وقال مصرف دار السلام العراقي للاستثمار في تقرير في نوفمبر الماضي إنه يوجد في العراق نحو 900 فرع مصرفي يخدم السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة. وقال التقرير إن هناك أكثر من 600 فرع في الأردن المجاور يخدم خمس هذا العدد من السكان. وأفاد التقرير مستندا لأحدث البيانات التي نشرها البنك المركزي أن حجم القروض المصرفية في العراق بلغ 5.8 مليار دولار في النصف الأول من 2010 مقارنة مع 20 مليار دولار في الأردن. ويقدر البنك الدولي أن حجم الائتمان المصرفي لاقتصاد البلاد بلغ 8.1 مليار دولار في 2010 أو 9.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 55 بالمائة في المتوسط في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتجري معظم المعاملات المصرفية من خلال مؤسستين حكومتين هما مصرفا الرافدين والرشيد. وجرى تأميم البنوك الخاصة في عام 1964. وسمح لها بالعمل من جديد في التسعينيات ولكن أنشطتها تظل في معظمها تقتصر على خدمات الإيداع والإقراض الشخصي. وقال مضر قاسم نائب محافظ البنك المركزي العراقي إن أكبر نقطة ضعف لبنوك الدولة هي الافتقار لشبكة داخلية تربط بين الفروع. كما أنها تجد صعوبة في التسوية الإلكترونية للشيكات لعدم وجود اتصال إلكتروني بنظام السداد للبنك المركزي. وصرح قاسم لرويترز من مكتبه بوسط بغداد أن بنكي الرافدين والرشيد يهيمنان على 83 بالمائة من الأنطشة المصرفية في العراق مضيفا أن النسبة تصل إلى 90 بالمائة عند إضافة جميع البنوك الحكومية رغم أن إمكانياتها التكنولوجية منعدمة.

ويقول رجل الأعمال العراقي الذي يمثل شركة سيارات إن بنك الرافدين رفض صرف شيك له صادر من فرع مضيفا أن رحلة للفرع الأصلي تستغرق ست ساعات بالسيارة. وأضاف أنه اضطر لإلغاء الشيك وصرفه نقدا بعدما أصابه اليأس. لكن التنقل بحقائب متخمة بالنقود من الخطورة في بلد يشهد تفجيرات وحوادث خطف وإطلاق رصاص يوميا. وتعرض البنك المركزي ووزارة المالية لهجمات بالقنابل في السنوات الأخيرة وما زالا مستهدفين. وللوصول لمكتب قاسم ينقل الصحفيون خلف جدران للوقاية من التفجيرات وأسلاك شائكة ويمرون على ثلاث نقاط تفتيش ويخضعون لتفتيش ذاتي وتفتش الحقائب ويطلب منهم ترك هواتفهم المحمولة. وقال رجل الأعمال لرويترز «في النهاية اضطررت لفتح حساب للشركة في بنك تركي في أربيل» وهي مدينة كردية بشمال العراق نعمت بطفرة في الاستثمارات لوجودها في الجزء الوحيد في البلاد الذي افلت إلى حد كبير من أعمال العنف على مدى السنوات العشر الماضية. وقال تقرير للبنك الدولي إن مصرفي الرافدين ورشيد «يفتقران للكفاءة ويعانيان من ارث من الخسائر السابقة فضلا عن تلك الناجمة عن أنشطة شبه مالية».

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن