السعودية والسياحة الاستنزافية

تاريخ النشر: 26 فبراير 2012 - 04:04 GMT
من أهم المشاكل التي يعانيها السائح داخليًّا ''معضلة السكن المناسب''
من أهم المشاكل التي يعانيها السائح داخليًّا ''معضلة السكن المناسب''

في مقال سابق، كان الحديث عن موضوع وطني واقتصادي مهم، هو تنمية القطاع السياحي في واحدة من أكثر مناطق الشرق الأوسط تهيؤاً لتبني السياحة كشريك تنموي واقتصادي مستديم. التهيؤ هنا أقصد به وجود الموارد السياحية الطبيعية، إضافة إلى وجود الإمكانات الأساسية لقيام تنمية سياحية مستديمة تستثمر في القطاع السياحي كخيار استراتيجي.

لم أكن أنوي كتابة مقال ثانٍ بهذه السرعة، لولا الردود التي وصلتني من بعض المهتمين، التي تنبئ بعدم الرضا عن أداء هذا القطاع. أحد الأصدقاء يتساءل: ''هل يوجد في المملكة فعليًّا سياحة؟''، والآخر يقول: ''إن السياحة الداخلية منفرة وليست جاذبة''. هذه الملحوظات من بعض المستفيدين من نشاط السياحة تعطي مؤشرًا مهمًّا إلى واقع السياحة المحلية، خصوصًا عند مقارنتها بما يجده السائح من خيارات ليست بالبعيدة جغرافيًّا، بل تكاد تكون أوفر ماديًّا وأكثر ارتباطًا بمفهوم السياحة الشاملة مما قد يجده في بعض مناطقنا. وهنا أؤكد أننا نملك مقومات وفرصًا سياحية، قد لا تكون واقعًا ملموسًا للبعض، لكنها جديرة بالاهتمام والتطوير حتى تؤطر للسياحة كعنصر إنتاج. وهنا يجب أن تكون آراء الجمهور المحرك الرئيس لتطوير السياحة داخليًّا، وأهيب بمسؤولي السياحة في منطقة عسير خصوصًا لاتخاذ خطوة إشراك العميل السياحي المحتمل في عملية التخطيط لتطوير السياحة الداخلية، وأن يكون الخيار تطوير قطاع سياحي وطني، أكثر منه فتح المجال لاستثمارات سياحية انتهازية أو متهالكة.

كثيرة هي متطلبات السياحة الأساسية، التي يعاني السائح المحلي عدم توافرها أو انخفاض جودتها مقارنة بالأسعار المرتفعة للإنفاق الداخلي مع انخفاض قائمة الخيارات المتاحة. ومن أهم المشاكل التي يعانيها السائح داخليًّا ''معضلة السكن المناسب''. فعليًّا، يعد إيجاد سكن بمقومات جيدة، وبأسعار منافسة من أهم المشكلات التي تواجه السياحة المحلية، بل على العكس تتساوى المساكن ذات النجمة الواحدة مع بقية المساكن الأقل من التصنيف العالمي، على أن ما فوق ذلك يعد خيارًا يستحيل الحصول عليه. والسبب أن الأسعار في كل الخيارات تكاد تكون متقاربة إن لم تكن متطابقة. ثانية الأثافي ''معضلة توافر وسائل النقل''، وأقصد هنا وجود خيارات للمواصلات المتعددة، الحقيقة أننا لا نملك إلا خيارين أحلاهما مُرٌّ، النقل الجوي والنقل البري. وثالثة المعضلات التي تحرمنا من وجود سياحة داخلية ذات عائد تنموي مستدام ''معضلة انعدام خيارات الترفية''، خصوصًا في المناطق التي تبعد عن المدن الثلاث الرئيسة في المملكة. رابعًا من المعضلات أيضًا ''انعدام محفزات الجذب السياحي''، ويمكن أن ندرج هنا العديد من عناصر الجذب السياحي ومنها تنمية وتهيئة المناطق التراثية، إقامة المهرجانات والفعاليات الجاذبة، ضبط القطاع السياحي والاهتمام بالجودة والتسويق. وحتى لا تطول القائمة أكتفي بهذه المعضلات التي أجزم ـــ بإذن الله ـــ في حال أوجدت لها الحلول الشافية أن قطاع السياحة سيكون واحدًا من أميز قطاعات الدخل الوطني، التي تساهم في تنمية مستديمة، تحل جزءًا من مشكلات البطالة وضعف الاستثمار.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن