الرفض البريطاني يضغط على اقتصاديات الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 15 ديسمبر 2011 - 05:10 GMT

حذر اقتصاديون من امتداد تداعيات أزمة الاتحاد الأوروبي، خاصة مع رفض بريطانيا التوقيع على المقترح الأوروبي إلى دول المنطقة التي ستؤثر بدورها وبشكل كبير ومباشر على الاقتصاد السعودي، وذلك بتراجع الطلب على النفط الذي يمثل نحو 80 في المائة من إيرادات المملكة.

وأوضح لـ"الاقتصادية" الدكتور عبد الوهاب أبو داهش، الخبير الاقتصادي، أن تصاعد أزمة الاتحاد الأوروبي ستؤثر بشكل كبير وسلبي على الاقتصاد السعودي، ويتمثل ذلك في خفض الطلب على النفط والبتروكيماويات من الدول المستوردة للنفط كالصين ودول شرق أسيا، حيث تعتبر الصين ودول شرق أسيا من أكثر الدول طلبا على النفط والبتروكيماويات؛ وذلك لكبر حجم تعاملاتها مع الاتحاد الأوروبي. وأضاف "الاتحاد الأوروبي يعمل جاهدا لحل الأزمة في المنطقة، لكن هذا لا يعني عدم تأثر الصين ودول شرق آسيا بتداعيات الأزمة، فالاتحاد الأوروبي لا يعمل بالسرعة المطلوبة؛ لذلك قد لا تستطيع أن تسيطر على انتشار تداعيات الأزمة الأوروبية على دول أخرى".

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي كمجموعة يعتبر أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، تليها الولايات المتحدة الأمريكية؛ فالتعاملات المباشرة مع الاتحاد الأوروبي لم تتأثر إلى الآن، بل تسير وفق إنتاجية جيدة، ولكن تداعيات الأزمة الأوروبية على الصين ودول شرق آسيا إذا حدثت ستؤثر على الاقتصاد السعودي بشكل مباشر وكبير. وأبان أبو داهش، أن تصاعد الأزمة الأوروبية وعدم خروجها بحلول جذرية تؤكد أن ممارسات الاتحاد الأوروبي أصبحت لا تعمل ضمن اتحاد واحد، فعمق الخلاقات التي حصلت في اجتماع بروكسل أخيرا وعدم قبول بريطانيا بالمقترح الأوروبي عمل على تصاعد الأزمة بين دول الأعضاء، إضافة إلى الآن الاتحاد الأوروبي أصبح عبارة عن مجموعة دول بمصالح مختلفة وبمجموعتين دول ضمن الاتحاد الأوربي ودول ضمن اتحاد العملة النقدية الأوروبية "اليورو"؛ مما يجعل كل مجموعة تسير وفق مصالحها. ولفت إلى أن بريطانيا هي المستفيدة، سواء حلت أزمة الاتحاد الأوروبي أو لم تحل. وأوضح أن ما يمر به الاتحاد الأوروبي يؤكد عدم اكتمال نضج الاتحاد الأوروبي، خاصة أن الاتحاد الأوروبي يعمل تحت مظلة العملة النقدية، إضافة إلى أن المعاهد الجديدة تحتاج إلى موافقة البرلمانات كأنها تعيد صياغة الاتحاد الأوروبي من جديد، وهذا بحد ذاته لا يعني مؤشر نجاح إلى ما هو قائم حاليا، فعلى الرغم وجود موافقات على الاتفاقيات الجديدة إلا أن تطبيقها على أرض الواقع سيواجهه مصاعب كبيرة.

واستبعد أبو داهش عودة بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى عملتها الأم؛ فالاتحاد عازم على حل الأزمة وبقاء عملة اليورو بكل قوة ومتانة، مشيرا إلى ضرورة عمل الاتحاد الأوروبي وفق استراتيجية جديدة وحلول جذرية لسد ثغرات الاتحاد النقدي التي تعتبر السبب الرئيس في اندلاع الأزمة، فلا بد من وجود سلطة مركزية موحدة للبنوك المركزية، إضافة إلى اتباع سياسية صارمة من قبل البنك المركزي، فإلى الآن لا توجد دولة في الاتحاد الأوروبي التزمت بمعايير السياسات المالية. في حين استبعد أسامة فلالي، أستاذ اقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، خروج دول من الاتحاد الأوروبي مع تصاعد الأزمة في المنطقة، وقال: "ما يمر به الاتحاد الأوروبي عاصفة قوية قد تؤثر على الاقتصاد الأوروبي، ولكن ستدعم الاتحاد الأوروبي بقوة وإصرار على البقاء"، مبينا أن العصر الآن عصر تكتلات وقوى فمن غير المجدي خروج أي دولة من دول الاتحاد، خاصة مع الجهود التي تقوم بها كل من ألمانيا وفرنسا لبقاء الاتحاد كاتحاد أوروبي نقدي قوي، فهناك إصرار من ألمانيا باتخاذ الدول التي تعاني أزمة مثل اليونان وإسبانيا إجراءات تقشفية بخفض معدلات الإنفاق.

وأوضح فلالي، أن العالم اليوم يعمل وفق كتلة اقتصادية واحدة فحدوث أي اضطرابات في أي منطقة سيؤثر سلبا على جميع المناطق، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بمعنى أن تصاعد الأزمة في الاتحاد الأوروبي سيؤثر على الدول المصدرة للاتحاد كالصين ودول شرق آسيا وإفريقيا، وبالتالي سيتأثر الطلب على النفط من الدول المنتجة له. وأضاف أن الاقتصاد العالمي اليوم يسير عبر حلقة واحدة مترابطة مع بعضها البعض. وتابع: إن المملكة تتأثر فيما يخص انخفاض الطلب على البترول ومنتجاته بانخفاض الطلب وتراجع الأسعار، ولكن فيما يخص التعاملات التجارية المملكة تستورد أكبر مما تصدر للاتحاد الأوروبي؛ لذلك فتأثير النشاط التجاري محدودة وبسيط جدا.