قادة قطاع العمل في يومنا هذا ليسوا رأسماليين بالمعنى المتعارف عليه، تناقش ''فاينانشيال تايمر'' مبدأ الرأسمالية، لكن ما تناقشه فعلياً هو مستقبل اقتصاد السوق. لم يستخدم كارل ماركس كلمة الرأسمالية على الإطلاق، لكن بعد نشر كتابه ''رأس المال''، أصبح المصطلح يصف نظام مؤسسة العمل التي جعلت الثورة الصناعية ممكنة. وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، كان ذلك النظام أساسياً في المشهد الاقتصادي.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى فيرنر سيمنز في ألمانيا، وأندرو كارنيجي وجون دي روكفلر في الولايات المتحدة، وخلفاء ريتشارد أركرايت في بريطانيا. وكأفراد، أو مع مجموعة صغيرة من الشركاء الفاعلين، قاموا ببناء وامتلاك المشاغل والمصانع التي تم فيها توظيف الطبقة العاملة الجديدة، والآلات في داخلها.
وعلى الرغم من أن واجهة بنك باركليز تخبرك عن اسم الشركة التي تتعامل معها فقط، إلا أن اللوحة التي تظهر اسم مصنع أركرايت تقول لك إن السير ريتشارد كان يمتلكه كذلك. والقوة الاقتصادية والسياسية لقادة العمل مستنبطة من ملكيتهم لرأس المال ومن السيطرة التي منحتها لهم تلك الملكية على وسائل الإنتاج والتبادل.
كانت البيئة السياسية والاقتصادية التي كتب فيها ماركس تمثل فصلاً قصيراً من التاريخ الاقتصادي. ومع ذلك، يستمر استخدام المصطلح الذي اشتقه نقاد قطاع الأعمال في القرن التاسع عشر، من مؤيدي ومعارضي اقتصاد السوق، على الرغم من أن المشهد الصناعي تغير تماماً. وسمح التشريع الذي تمت الموافقة عليه في عهد ماركس بتأسيس الشركة محدودة المسؤولية، الأمر الذي جعل تأسيس الشركات ممكناً بوجود ملكية الأسهم الموزعة على نطاق واسع. ولم يصبح هذا الشكل من المؤسسات شائعاً حتى نهاية القرن التاسع عشر، لكنه في ذلك الحين توسع سريعاً.
وبحلول ثلاثينيات القرن الماضي كتب بيرلي ومينز عن طلاق الملكية والسيطرة. وفي الوقت ذاته، أثبت ألفرد سولان في جنرال موتورز كيف يمكن لكادر من المديرين المهنيين ممارسة السيطرة الفعالة على مؤسسة كبيرة ومتنوعة.
بناءً عليه، فإن قادة قطاع العمل في يومنا هذا ليسوا رأسماليين بالمعنى الذي كان فيه أركرايت وروكفلر رأسماليين. ويستمد عمالقة عصرنا الحديث سلطتهم ونفوذهم من مركزهم في السلسلة الهرمية وليس من ملكيتهم لرأس المال. وقد حصلوا على مراكزهم هذه من خلال مهاراتهم في السياسة التنظيمية، إذا كان النصف الأول من القرن العشرين زمن التغيير الجوهري في طبيعة قطاع الأعمال، فإن النصف الثاني منه كان زمن التغيير الجوهري في طبيعة نجاح قطاع الأعمال.
وتشكل قيمة المواد الخام جزءاً صغيراً فقط من قيمة الإنتاج لاقتصاد حديث معقد، وقيمة الأصول المادية تمثل جزءاً صغيراً فقط من قيمة معظم الشركات الحديثة. ولا تتمثل الموارد الحيوية للشركة في يومنا هذا في بناياتها وآلاتها، وإنما في ميزتها التنافسية - أنظمة المؤسسة، وسمعتها بين الموردين، والزبائن، وقدرتها على الابتكار. وليس بمقدور أي شخص على الإطلاق أن يمتلك هذه المزايا.
إن استخدام اللغة الركيكة يؤدي إلى تفكير ركيك. وبمواصلة استخدام مصطلح الرأسمالية الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، وتطبيقه على نظام اقتصادي تطور إلى شيء مختلف تماماً، فإننا عرضة لإساءة فهم مصادر قوة اقتصاد السوق والدور الذي يلعبه رأس المال داخله.