فيما انسلّ خام وسيط غرب تكساس في هدوء خارجاً من نطاقه السعري الحديث ووجد الذهب موطئ قدم له، انصب التركيز كله على الارتفاع المستمر في أسعار القمح والتداعيات المحتملة للأسعار على أي شيء بداية من البسكويت والخبز والدواجن وانتهاء بالمشروبات.
أدت مجموعة الأحداث الكارثية التي تجتاح سوق القمح حتى الآن إلى دفع الأسعار في بورصة شيكاغو إلى الارتفاع بنسبة 80 في المائة لتصل إلى أعلى مستوى لها في 23 شهرا خلال الشهر الماضي وقد اكتسبت زخما إضافياً مع إذاعة أخبار فرض حظر روسي على الصادرات، مما ترك السوق معرضة إلى مزيد من الزيادات السعرية فيما ستضطر الدول المستوردة للقمح في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط إلى البحث عن أماكن أخرى تمدها بالقمح.
طُبّق هذا الحظر الروسي على الصادرات في خضم أسوأ موجة جفاف تشهدها البلاد منذ نصف قرن من الزمان والتي ألحقت أضرارا بمنطقة زراعة القمح الواقعة حول البحر الأسود. وقد فاجأ هذا الحظر السوق، فيما كان يظن الكثيرون أن روسيا ستستخدم المخزون الحكومي لتعويض النقص في مبيعات الصادرات. وسوف يستمر هذا الحظر حتى شهر ديسمبر المقبل، وفي ذلك الحين ستكون روسيا قد كونت فكرة جيدة عن الناتج من القمح الشتوي ذي الأهمية البالغة.
فالمحصول الحالي الذي تعرض للضرر هو القمح الربيعي الذي يمثل أقل من 20 في المائة من إجمالي إنتاج القمح في المناطق الأشد تضررا. وتبدأ فترة الزراعة الشتوية الأعظم أهمية في منتصف أغسطس وتستمر حتى سبتمبر. فإذا استمرت الأحوال الجوية الجافة من الممكن أن تتأخر الزراعة أو في أسوأ الظروف تتوقف تماماً. وسوف يؤدي هذا الشعور بعدم اليقين إلى الإبقاء على دعم الأسعار حتى حدوث تغير في الأحوال الجوية في أنحاء المنطقة.
وفي الجانب الإيجابي، من الجدير بالذكر أن محصول القمح الأمريكي يبدو جيداً ويتوقع أن يكون المحصول قريباً من المستوى القياسي، مما يزيد المخزون الموجود من قبل. ومن ثم ينبغي أن يتمكن المزارعون الأمريكيون من معالجة العجز الناتج عن انخفاض الإنتاج في أماكن أخرى. ولكن نظراً للعوائق التجارية القائمة مع بعض البلدان، ناهيك عن الحظر الروسي على الصادرات، نجد أن سد الفجوة ليس بهذا القدر من السهولة كما يبدو.
وقد ظهر تأثير ارتفاعات الأسعار خلال الشهر الماضي بالفعل على مصادر الأغذية البشرية الرئيسية، مثل القمح والذرة وفول الصويا وكذلك الشعير الذي يستخدم كعلف حيواني وأيضا في إنتاج المشروبات. وقد أتاح هذا الحظر على التصدير لشركات التجارة في السلع، التي تعمل كسماسرة بين بائعي القمح ومشتريه، فرصة لنقض تعاقداتها لتوريد القمح بأسعار أقل كثيرا، مما يضع الآن ضغوطا على شركات الأغذية والمشروبات التي تجد أنفسها في الجانب الخاسر من هذه التعاقدات المنقوضة.
وقد خسرت شركات الأغذية والمشروبات الأوروبية، كما يقيسها مؤشر ستوكس 600 للأغذية والمشروبات 7.25 في المائة من قيمتها منذ بروز هذه الأزمة الأخيرة كما تسارع بيع التصفية بعد الحظر الروسي. وارتفع خلال هذه الفترة ذاتها مؤشر يورو ستوكس للشركات الأوروبية القيادية بشكل عام بنسبة 7.25 في المائة.