الملكية الفكرية هي نتاج فكر الإنسان من إبداعات مثل الاختراعات التي تشمل النماذج الصناعية، والعلامات التجارية والأغاني، وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج الصناعية والبيانات الجغرافية والمصنفات الأدبية والفنية مثل المؤلفات الأدبية كالكتب، الشعر، الموسيقى، النحت، الأفلام السينمائية والأعمال المسرحية، لذا تثير قضية الملكية الفكرية العديد من التساؤلات حول حقوق أصحابها. متى يمكن أن ينتفع بتراث شخص ما بدون إشكاليات قانونية؟ وهل كل عمل فني أو أدبي أو غيره يحتاج إلى إذن من صاحبه للقيام به؟ وماذا إذا كان صاحب هذا العمل قد توفاه الله؟
بدأت تثار قضية الملكية الفكرية في إيطاليا بعد أن صدر قانون في مدينة البندقية العام 1474م لتنظيم حماية الاختراعات ومنح الحق الفكري للمخترع. أما حقوق المؤلف فبدأ الحديث عنها قبل ذلك عند اختراع حروف الطباعة والآلة الطابعة على يد "يوهانس جوتنبرج". وفي نهاية القرن التاسع وضعت قوانين تنظم الملكية الفكرية. كما وقع على معاهدتين لحماية الملكية الفكرية هما: اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية 1883، واتفاقية برن 1886 لحماية المصنفات الأدبية والفنية.
الوطن العربي
اهتمت الدول العربية مبكرا بقضية الملكية الفكرية، وساهمت عدد من الدول العربية كمصر وتونس وغيرهما في المؤسسات الدولية التي تهدف إلى الحماية الملكية كما توافرت في كثير من هذه الدول قوانين لحماية حق المؤلف وبراءات الاختراع والتصاميم الصناعية كالرسوم والعلامات التجارية، وشهدت الثمانينيات والتسعينيات موجة واسعة من التدابير التشريعية في حقل حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة، ترافق ذلك مع تطوير وتعديل قوانين الملكية الفكرية العالمية، بسبب متطلبات العضوية في منظمة التجارة العالمية وما يوجبه ذلك من تلبية متطلبات اتفاقية تربس التي نصت على هذه الحماية.
الانتهاكات الغنائية
لعل أبرز الانتهاكات الفكرية ما يتعلق بالموسيقى وبرامج الموسيقى لأنها الأكثر تداولاً وإقبالاً من متصفحي الإنترنت حيث تتوافر ملفات الموسيقى المجانية على صفحات المواقع المختلفة، وهو ما يثير احتجاج الشركات المنتجة للأسطوانات الموسيقية التي تضررت بسبب قرصنة الموسيقى وتحميل أحدث إنتاجات الفنانين على الشبكة من دون مراعاة للحقوق القانونية لتلك الانتاجات.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك التراث الغنائي العراقي الضخم الذي يضم عشرات الأصوات الجميلة مثل سليمة مراد وصديقة الملاية وزهور حسين وزكية جورج وناظر الغزالي وحضيري بو عزيز ويوسف عمر ومحمد القبنجي وداخل حسن وغيرهم من رموز التراث الغنائي العراقي وللتعرف على هؤلاء الفنانين وسيرة حياتهم والاستماع إلى أغنياتهم يمكن زيارة موقع الغناء العراقي الذي يقدم روابط غنية في مجال الموسيقى. إضافة إلى أغاني الأطفال في العراق حيث يمكن الاستماع إليها والتعرف على مصادرها وقراءة كلماتها.
اهتمام مصري
لعل السبب وراء اهتمام مصر بهذه الاتفاقيات وحقوق أصحابها ما يحدث عبر وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة كالإنترنت الذي شهد موجة واسعة من انتهاك حقوق الملكية الفكرية عبر بعض المواقع العربية والعالمية وتعرض الحياة الشخصية للفنانين أو الفرق الموسيقية تقدم أجزاء بسيطة من ملفات الموسيقى وتعرض بيع أسطوانات الفنانين وتروج لها. فنجد على سبيل المثال بعض المواقع تقدم بعض الأغنيات للمطربين ومجموعات الألبومات الغنائية الجديدة، مثل إيهاب توفيق وسميرة سعيد وجورج وسوف وكاظم الساهر ومصطفى قمر وحكيم وأصالة ومحمد فؤاد والإصدارات الجديدة للفنانين العرب، ومعلومات عن الأغاني المصورة. كما يمكن تحميل ومشاهدة مقاطع الفنانين القدامى مثل أم كلثوم وتعرض أغنياتها وأفلامها، كما يمكن الاستماع إلى قصة حياتها إضافة إلى لقطات الفيديو ومجموعة من أغانيها الوطنية. وفي مواقع أخرى نجد قصة مرض عبد الحليم ووفاته بتفاصيلها المؤلمة، وروابط أخرى عن كلمات الأغاني والنوتة الخاصة عن كل أغنية له إضافة إلى ألبوم صوره الذي يحتوي مجموعة من صور الأفلام وصورا شخصية له، وصوره مع الأصدقاء وصوره في الحفلات، وبداياته الفنية، وأعماله في الإذاعة والتلفزيون.
اطلب ما تشاء وسنوفره لك مجانا
لعل من أبرز عناوين الموضوعات في أكبر وأشهر المنتديات العربية يقول "اطلب أي برنامج وسنوفره لك مجانا"، الأمر الذي بات يعتبر خطرا كبيرا على شركات تطوير البرمجيات في العالم العربي، فضلاً عن الآثار السلبية التي يخلفها انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
يرى الكاتب محمد البطراوي أن انتهاك حقوق النشر والمؤلف تجري على نطاقات واسعة وتحت سمع وبصر الحكومات التي لا ترغب في تطبيق قوانين لحماية الملكية الفكرية بدعوى السماح للعامة بالنيل من المصدر الأساسي للمعرفة دون أن يحملهم ذلك تكاليف باهظة تثقل كاهلهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. ويضيف رغم أن ظاهرة انتهاك حقوق الملكية الفكرية موجودة في كل دول العالم، غير أنها تنتشر على نطاق أوسع في المنطقة العربية بسبب غياب القوانين المنظمة لحقوق المؤلف وقضايا النشر والملكية الفكرية.
يقول رئيس الجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت محمد محمد الألفي إن ظاهرة البرامج المنسوخة وانتشار عمليات القرصنة على منتجات الشركات أصبحت تهدد صناعة البرمجيات بالتوقف بسبب إحجام المستثمرين عن الدخول في هذه الصناعة بالإضافة إلى توقف القائمين عليها عن عمليات التطوير لعدم توفير الحماية اللازمة ضد النسخ والقرصنة. إن هذه الظاهرة تؤدي إلى عدم حصول الشركات على عوائد صناعتها لهذه البرمجيات نتيجة لانتشار النسخ مما يؤثر عليها بالسلب، والأمر يتطلب تكثيف الحملات التفتيشية على الشركات المحترفة في مجال النسخ وسرقة البرامج.
تعزيز الاقتصاد
أكد مدير مكتب حماية الملكية الفكرية في هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات في مصر محمد حجازي أن حقوق الملكية الفكرية أهم العوامل المساعدة في تعزيز الاقتصاد وزيادة الاستثمارات وتوفير فرص عمل، فالتوعية تعتبر الوسيلة الأولى للتخلص من الجرائم الخاصة بانتهاك حقوق الملكية الفكرية بمساعدة المؤسسات الخاصة بتنفيذ القانون والقضاء على مثل هذه الجرائم عبر محاكم متخصصة لحماية حقوق المستخدم والشركات.