قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء بزيارة مفاجئة للأردن في إطار المحاولات الرامية إلى إطلاق عملية السلام وفي الوقت الذي بلغت فيه العلاقات بين المملكة الهاشمية وإسرائيل أدني مستوى لها من الفتور.
وتأتي الزيارة التي لم يعلنها الديوان الملكي إلا بعد مغادرة نتانياهو في الوقت الذي تصف فيه الأوساط السياسية الأردنية العلاقات بين البلدين، الموقعين على معاهدة سلام عام 1994، بـ"المتوترة". فقد دان الأردن بقوة الهجوم الإسرائيلي على أسطول المساعدات الدولي الذي كان يريد كسر حصار غزة والذي أسفر عن مقتل تسعة ناشطين أتراك في أيار/مايو الماضي.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أردني كبير قوله إن "اجتماع الملك عبد الله ونتانياهو الذي دام أكثر من ساعتين كان جديا وبحث بشكل أساسي الخطوات الهادفة لتحريك عملية السلام، وقد تمت مناقشة كافة المواضيع بوضوح وصراحة".
واعتبر محلل سياسي أن "ذلك يعني بالمفهوم الدبلوماسي إن اللقاء ساده التوتر لأنه عندما يتحدث الجانبان بصراحة فان مواقفهما تكون متباينة كليا".
وأضاف هذا الوزير السابق الذي طلب عدم كشف هويته إن "الزيارة تبعث مع ذلك على الاهتمام لأنها تعني انه رغم التوتر الذي تتسم به العلاقات بين البلدين إلا أنهما على استعداد للقيام بخطوة إلى الأمام على طريق السلام".
من جانبه قال المسؤول الأردني إن لقاء العاهل الأردني ورئيس الوزراء الإسرائيلي شانه شان لقائه أمس مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس "يأتي ضمن الجهد الأردني مع جميع الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى آلية تضمن التقدم في عملية السلام للوصول إلى حل على أساس حل الدولتين".
ورأى محمد المصري الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية إن "كل الأمور تدعو إلى الاعتقاد إن الأردن يستعد للقيام بدور اكبر في مفاوضات السلام المقبلة، وهو دور تسهيل الأمور مثل الدور المصري". وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية"بالنسبة لإسرائيل فان الأردن يشكل ضمانات لا يستطيع الفلسطينيون توفيرها لها وخصوصا في المجال الأمني".
ويدرب الأردن منذ 2008 مئات من عناصر أجهزة الأمن الفلسطينية في إطار برنامج تموله الولايات المتحدة. وقال المصري إن إسرائيل ترغب في "مشاركة أكبر للأردن في مفاوضات السلام لإعطاء مصداقية لهذا الملف لدى الرأي العام الإسرائيلي الذي يثق بالأردن أكثر مما يثق بالسلطة الفلسطينية". إلا أن هذه الجهود لإحياء مفاوضات السلام تصطدم أحيانا برأي عام أردني يعارض في غالبيته أي تطبيع مع إسرائيل.
واستنادا إلى استطلاع رأي لمراكز الدراسات الاستراتيجية فإن 85% من الأردنيين يرون أن إسرائيل "تشكل أكبر خطر على أمن الأردن" وان هذا البلد "ليس جادا في السعي إلى تحقيق السلام".
وقال المسؤول الأردني إن الملك عبد الله الثاني التقى نتانياهو لبحث "التحركات المستهدفة لدفع الجهود السلمية إلى الأمام وإيجاد بيئة كفيلة بإطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية مباشرة وجادة وفاعلة تعالج جميع قضايا الوضع النهائي وفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات التي تضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل".
وفي القدس أوضح بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "الزعيمين ناقشا ضرورة ضمان مفاوضات مباشرة وجادة وفاعلة بين إسرائيل والفلسطينيين تعالج جميع قضايا الوضع النهائي وتفضي إلى حل دولتين لشعبين يعيش فيهما الفلسطينيون والإسرائيليون في سلام دائم وآمن".
وكان العاهل الأردني التقى الإثنين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأكد الجانبان "ضرورة التحرك بشكل فاعل لإيجاد ظروف تسمح بالانتقال لمفاوضات مباشرة وفق مرجعيات تضمن انتهاء تلك المفاوضات بقيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
وتجتمع لجنة المتابعة العربية الخميس المقبل في القاهرة بحضور عباس الذي سيطلع أعضاء اللجنة على ما وصلت إليه المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل والتي بدأت في أيار/مايو برعاية أميركية. وتطالب السلطة الفلسطينية بضمانات لوقف الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة وفي مسألتي الحدود والأمن قبل أن تباشر مفاوضات مباشرة.
وأعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى تأييده لموقف السلطة الفلسطينية بعد اجتماعه في القاهرة في 18 تموز/يوليو مع الموفد الأميركي جورج ميتشل مشترطا الحصول على ضمانات مكتوبة قبل هذه المفاوضات. وتوقفت المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية منذ الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في نهاية 2008.