مبارك الذي خدعوه مرتين

تاريخ النشر: 27 أبريل 2011 - 09:09 GMT
لماذا مبارك بالتحديد هو الذي قررت الولايات المتحدة الأمريكية أن يسقط هكذا وأن يمتهن بهذه الصورة؟؟
لماذا مبارك بالتحديد هو الذي قررت الولايات المتحدة الأمريكية أن يسقط هكذا وأن يمتهن بهذه الصورة؟؟

بغض النظر عن رأيك في الرئيس مبارك، وبغض عن النظر عن كل الاتهامات الموجهة إليه، يبقى شعور خفي يتسلل داخل كل شخص منا بنوع من الشفقة على هذا الرجل. فالرجل هبط من قمة السلطة وعليائها إلى القاع، ولم يبقى هكذا فحسب بل إن نجليه في السجن الآن، أما هو فتم التحفظ عليه، وأعلن النائب العام مؤخراً أنه سيتم تحويله إلى سجن مزرعة طرة ليعيش مبارك أيامه القادمة في سواد،كما جاء في موقع "نقودي.كوم".

اعترف مبارك أخيراً بخطأه، اعترف أنه كان مخطئاً حين تنحى كما كان مخطئاً حين ظل في مصر بعد قرار التنحي، والعذر الوحيد الذي يمكن أن يسامح مبارك نفسه عليه هو أن الثورة والجيش قد طالبوا بتنحيه مع وعد بعدم محاكمته ولا التعرض له، بل أنه سيتم التعامل معه كما يليق برئيس سابق لمصر، ولكن قادة الجيش انقلبوا عليه، وبعد أن منحوه الأمل في أن يقضي ما تبقي من حياته كرئيس سابق له بروتوكوله واحترامه قرروا أن يحاكموه، وربما كانت الخطوة القادمة هي إعدامه أو قتله.

الرجل يسبب قلقاً شديداً للقوات المسلحة، فهو بالنسبة إليهم أمر معلّق يرغبون في التخلص منه حتى يرتاحوا من ضغوط الشباب الثائر الذي لا يدرك حتى هذه اللحظة أن هناك أيادي خفية استغلت الأوضاع المتردية في مصر وضعف نظام مبارك لتحقق أغراضها البعيدة تماماً عن مصلحة مصر، والضغط الأمريكي غير المسبوق يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تريد الخلاص من مبارك واستغلت أخطائه لشنقه.

اكتملت اللعبة وبدا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في الخروج الكريم ولا الخروج الآمن لمبارك، ولكنها استدرجته ليلقى أسوأ مصير يمكن أن يلاقيه رئيس دولة وهو الحكم عليه بالسجن. ما حدث من مبارك من فساد لا يختلف كثيراً عما يحدث في قطر والسعودية وغيرها إذن لماذا مبارك بالتحديد هو الذي قررت الولايات المتحدة الأمريكية أن يسقط هكذا وأن يمتهن بهذه الصورة؟؟ لا نصدق أن الشعب المصري هو من أراد ذلك، فالمصريون يغلب عليهم التسامح، وشباب الثورة ليسوا هم كل المصريين، فإن رغبة أمريكا الواضحة في الخلاص من مبارك تشير إلى وجود أسرار لا نعلم عنها شيئاً...

كما أن دفع الولايات المتحدة للدكتور محمد البرادعي ودعمه بهذه الصورة من القوات المسلحة التي تستشيره في كل الأمور وكأنه الرئيس الفعلي تؤكد أنها ترغب في أن يتولى أحد رجالها المخلصين رئاسة مصر لتسير الأمور نحو مخطط مجهول لا نعلم عنه شيئاً، ولكن المؤكد أنه ليس في صالحنا على الإطلاق!

مبارك خدع مرتين؛ مرة وهو في الحكم من رجال حكومته، ومرة بعد التنحي من قادة الجيش، وللأسف في المرة الأولى خسر سلطته، وفي المرة الثانية خسر حريته، وقد يخسر حياته نفسها.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن